من منّا كان يتوقع أن يعود حلم المونديال ويحجز المنتخب التونسي مكانا له في «الباراج» بعد خيبة الرأس الأخضر...؟ من منّا كان يؤمن في سريرته أن ذلك المنتخب العليل الفاقد لكلّ ملامح البطولة باستطاعته أن يكون ضمن كبار افريقيا العشرة...؟ من منّا كان يتصوّر أن يبلغ منتخبنا الوطني مونديال البرازيل من دون نبيل معلول...؟ فعلا... للكرة أحكامها وقانونها الخاص ولكن درس رادس الأخير علّمنا الكثير وكشف عن هنّات ومساوئ لم نكن لنتصفحها لولا الخطيئة الجماعية التي ارتكبها صنّاع الفشل من معلول مرورا بالجامعة وصولا إلى سلطة الإشراف... لن نغيّر مواقفنا ومبادئنا بين ليلة ضحاها ولن يصير منتخب معلول رقما مهما في الخارطة الإفريقية في «رمشة» عين ولن تعود للوزير حصانته في صفوف الجماهير ولن يتغيّر موقفنا تجاه الجريء مهما أخذتنا نشوة العبور كما انّه لن يعود إلى الواجهة من جديد عنوان اسمه معلول...و كلّ ما سقط من غربال الوطنية و»حبّ المريول» لن يعود حتى لو اجتهد في ذلك بائعو الأمل وتجّار القلم... كرة القدم لا تعترف بلغة المنطق وتلفظ المستحيل وهذا ما يزيد من سحرها وإثارتها غير أن سيناريو الترشح الهيتشكوكي الذي حصل مع المنتخب التونسي له دلالاته المثيرة ورسالاته المشفرّة ويؤكّد للمرّة الألف أن هذه البلاد «سخونة» فإذا خذلها رجالها ينصفها القدر... تونس كانت في حاجة إلى بارقة أمل... في حاجة إلى جرعة إضافية من الأوكسجين تقطع مع «ثاني أوكسيد الكربون» الذي تفرزه «جزيرة السياسيين»... بعد الموت والنار كان لزاما على هذا الشعب أن يظلّ طريق السواد ويبصر من جديد مسالك الحياة... كان لزاما أن يطلّ من بين الثنايا خيط أمل يخمد غصبا عنّا صرخات الألم... لم نكن نستحق الترشح إلى المحطة الختامية من تصفيات المونديال فمنتخب الرأس الأخضر كان أعلى شأنا وأطول قامة... لم نقدم ما يشفع لنا بالتواجد مع كبار القوم وافتقدنا إلى رجال حقيقيين يمثلون رايتنا أحسن تمثيل... خدعوهم بقولهم نسورا... وخذلونا رغم الثناء والإطراء... واكتفوا بالفرجة على الرأس الأخضر وهو يرتفع داخل ديارنا وعلى أنقاضنا بلا حياء... وحده القدر قال لا... هكذا علمتنا التجارب والحياة... في تونس ترتبك كلّ الحسابات ومهما امتدت العقبات تتلاشى الويلات ويقف الحظّ والقدر مجتمعين إلى جانبنا حتى في أحلك الأزمات... سنلعب من أجل تحقيق حلم المونديال وربّما قد يكون لنا كلام غير هذا الكلام عندما تصحو الأقدام وتستعيد لذّة السير إلى الأمام... نحن محظوظون وهذه منّة من الله والقدر شاء أن يكون إلى صفّنا وهذا في حدّ ذاته صكّ عبور نحو رحاب الحياة وعلينا أن نتشبّث بالامل فلم يعد لنا غيره الى حين ينصلح حال أبناءنا عساهم يكفرون عن ذنبهم ويستعيدون رشدهم وخاصة كبرياؤهم المسلوب... الفرصة جاءتنا على طبق من ذهب والعاقل من يتّعظ من أخطاء الماضي...بعض الأسماء لم يعد لها مكان في تشكيلة المنتخب والبعض الآخر مكانه الطبيعي على دكّة الاحتياط لذلك لا حرج في أن نسارع في التغيير فالحظّ قد لا يقف إلى صفّنا في قادم المواعيد... بالنسبة لمسألة المدرّب الوطني الجديد فذلك أمر مفروغ منه...لا يوجد في تونس حاليا ونعني من المدربين «التوانسة» من يملك ثقافة المونديال ومن يستطيع قيادة هذا الجيل الحالي من اللاعبين والحلّ سيكون لزاما في المدرسة الأجنبية... بداية البحث يجب أن تكون في دفاتر الهولندي «رود كرول» لأنه يملك فكرة ضافية وشافية عن الكرة التونسية وثانيا لأنّه مدرّب كفء ومحترف ومن ثمّة لا ضرر في أن تتسع رقعة الاختيار المهم كفانا اسطوانة ابن الدار التي جنت على كرتنا وقزّمتنا داخل الديار...