والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة: التونسية سمية بوسعيد تحرز برونزية سباق 1500م    طقس اليوم: أمطار بالمناطق الغربية والشرقية وحرارة أربعينية بالجنوب    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    بن عروس: اندلاع حريق بمستودع قديم وغير مستغل    رئيسة مكتب مجلس أوروبا بتونس تقدّم خلال لقاء مع بودربالة مقترح تعاون مع البرلمان في مجال مكافحة الفساد    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    تونس تشارك ب14 مصارعا ومصارعة في البطولة العربية بالأردن    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة مقارنة بالسنة الفارطة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24،5 بالمائة    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    القيروان :الاحتفاظ ب 8 اشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوتية يعملون بشركة فلاحية    مدير معهد الإحصاء: كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    وزير التشغيل والتكوين المهني يؤكد أن الشركات الأهلية تجربة رائدة وأنموذج لاقتصاد جديد في تونس    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    قيس سعيد يُعجّل بتنقيح الفصل 411 المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.    سعيّد يأذن بتنقيح فصولا من المجلة التجارية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    أولا وأخيرا ..«سقف وقاعة»    عاجل/ إسبانيا تتخذ اجراء هام ضد الكيان الصهيوني..    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    فرنسا: الشرطة تقتل مسلحا حاول إضرام النار بكنيس يهودي    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبّو ل «التونسية»: الغنوشي والسبسي ليسا أهلا لحكم تونس
نشر في التونسية يوم 20 - 09 - 2013

لا أرى أي منطق في تقارب «نداء تونس» و«الجبهة الشعبية»
«الحسابات» تعطّل فتح ملفات الفساد
النهضة» ارتكبت أخطاء لكن لا يمكن معاقبتها بمحاولة إسقاط مسار برمّته
التونسية (تونس)
هو رئيس حزب «التيار الديمقراطي» وكان الأمين العام لحزب «المؤتمر من اجل الجمهورية» وشغل منصب وزير وزارة الإصلاح الإداري. محمد عبو هو احد السياسيين الذين يثيرون جدلا سيما وأن تصريحاتهم عادة ما تقترن بنقد لاذع للسلطة والمعارضة في آن .هذا السياسي الذي يرفض الإلتحاق بالجبهة ويرفض مطالبها وفي نفس الوقت لا ترضيه تصرفات السلطة كان لنا معه هذا الحوار حول التجاذبات السياسية في البلاد ورأيه في أداء الأحزاب لا سيما الكبرى والمتحكمة اليوم في المشهد السياسي وعدة نقاط أخرى نترك لكم فرصة اكتشافها في هذه الورقة.
عندما هاتفتك لطلب موعد لإجراء الحوار قلت أن لك رأي في إضراب واحتجاجات الصحفيين ؟
هناك مشروع تقدمت به كتلة «المؤتمر من أجل الجمهورية» قبلا. ثم سحبته الكتلة بعد ما خرج منها عدة أعضاء من بينهم أنا وتبرأت الكتلة من هذا المشروع وقالوا انه لا يلزمها بما أنه تابع للقيادة السابقة للحزب. أنا أراه خللا كبيرا جدا لأنهم تراجعوا تحت ضغط جزء من الصحفيين وأنا لا أتصور أن كل الصحفيين ضده ولا أتصور أن كل الصحفيين قرؤوه. هو مشروع يوازن بين أمرين أولهما ضمان الحرية وحق الصحفي في الإعلام والقيام بتحرّ جدي حتى لو لم يثبت صحة ما نسبه لغيره وهنا ذهب هذا المشروع خطوات مقارنة بالقانون 115 المتعلق بالصحافة .لكن في نفس الوقت عندما يثبت بالدليل القطعي ان الصحفي تعمد نشر أخبار زائفة يعاقب بالسجن .ولمن تقلقه عبارة سجن أقول انه في جميع أنحاء العالم يعاقب بالسجن كل من يخل بالنظام العام متعمدا وطبعا هذا في الجانب المتعلق بنشر الأخبار الزائفة وهناك جانب متعلق بالثلب.ولو كان هذا المشروع حيز التطبيق لما دخل زياد الهاني أو وليد زروق إلى السجن. لقد حاربوا هذا المشروع لأن به عقوبة سجنية وادعوا أن الفصل 115 يضمن الحريات أكثر. هذه فرصة ليكتشفوا ان هذا المشروع يضمن حرية الصحفي أكثر والدليل انه ينص صراحة على إلغاء جملة من الفصول من بينها الفصل 128. أما الفعل المنسوب لوليد زروق أو زياد الهاني فيصبح ثلبا إذا ما احتكمنا إلى مشروع المؤتمر لأنه ممنوع إصدار بطاقة إيداع في قضايا الثلب إلا في حالتين هما التحريض على الجرائم التي تنتهي فعلا بتنفيذ أفعال معينة ونشر أخبار زائفة أخلت فعلا بالأمن العام . وفي ما عدا هذين الأمرين لا يمس الصحفي بالإيقاف التحفظي. إذن لو أبقي على ذلك المشروع لوازن بين حرية الصحفي وحماية الأمن العام. هذا وقد شمل هذا المشروع قاعدة توزيع الإشهار العمومي على كل المؤسسات الإعلامية بالتساوي وعندما كنت في وضع يسمح لي بالتدخل تقدمت بمقترح في هذا الصدد ورفضه غيري.
متى وما هو فحوى المشروع الذي تقدمت به؟
قبل أن أغادر الوزارة تقدمت بمشروع إصدار منشور بتوزيع الاشهار العمومي على كل المؤسسات الإعلامية بالتساوي وبعث موقع إلكتروني يسمح للمواطن بمراقبة هذا الأمر لكن الحكومة آنذاك رفضته.
لماذا رفضت الحكومة منح الإشهار العمومي بالتساوي إلى المؤسسات الإعلامية ؟
هناك من في الحكومة يؤمن بأن الأساليب القديمة هي الأنجع .لكن هنا أقول أن حمادي الجبالي لم ينظر في كل كبيرة وصغيرة في الحكومة آنذاك بل إن المحيطين به يتحدثون باسمه وهؤلاء هم من رفضوا تمرير مشروعي. ورفضهم كان محيرا ولرغبة منهم في مواصلة أساليب النظام السابق. هناك حسابات .
بما انك تحدثت عن فترة توليك منصب وزير دولة مكلف بالإصلاح الإداري
نواصل الحديث حول ما قيل حينها عن ملفات الفساد التي كانت على مكتبك ولم
تتحدث عنها إلى حد الآن,أما آن الأوان لكشفها؟
هذا ما يعتقده بعض الناس وبالعكس لم تصلني ملفات لها أهمية كبرى وعندما كنت بالوزارة كان بابي مفتوحا لكل الناس وخاصة الموظفين بدرجة أولى وامكث معهم عدة ساعات يوميا وأسمع منهم عدة أخبار لكن لم يأتني احد بإثباتات لا سيما في مجالات القطاع البنكي والبترولي والديوانة .وهذه المجالات بها إمكانيات كبرى للربح تصل حتى مليارات الدينارات إذا ثبت صحة الكلام الذي تقوله عدة مصادر مختلفة لكنه يبقى في الأخير كلاما بلا إثباتات. ولم أستطع فرض الرقابة في عدة مجالات أتتني فيها معلومات فساد لذلك خرجت دون ملفات تثبت الفساد. لكن كانت هناك ملفات اصغر على غرار تغيب الموظفين ... وقد قمنا بالواجب في هذا المجال .لكن في الجانب المتعلق بالفساد لم تكن لي صلاحيات فعلية ورغم ذلك لم ارفع يدي وكنت أدفع باتجاه تفعيل المرسوم 120 لكن كانت هناك رغبة من الحكومة في عدم تفعيله والآن أرى انهم تراجعوا.عندما كنت بالوزارة حرمت من صلاحيات تسمح بفتح ملفات الفساد.
لماذا؟
عادة من يحرمك من هذه الصلاحيات في منطق حكومة داخلة لتصلح أشياء معينة له أمور يخفيها. كانوا يقولون أنهم يخافون من ردود الفعل ولكن ذلك غير صحيح .ولقد وقعت فعلا ردود فعل وأكثر ناس تسببوا في هذه الردود هم أعضاء حكومة الباجي قائد السبسي وحينها فقد الوزير «قدره».لكن نحن لم نكن متضامنين في توجهات عملنا وعلى سبيل المثال منطق الردع لا سيما في إسناد الأجور من عدمها للموظفين الذين يقومون بالإضرابات فالحكومة «تخلص» من يضربون وحتى من لم يبارح منزله ولم يعمل. أنا أردت إزالة هذا المنطق وهناك بعض الوزارات تعاونت لكن السواد الأعظم لم يتعاون لان كل واحد منهم له حساباته مع موظفيه ولا يريد ردود فعل. إن طريقة تسيير الدولة بهذا الشكل كارثية .وهناك مسائل تكبد الدولة مليارات من الخسائر ولا احد اراد التكلم عنها خاصة الموظفين الذين لا يزاولون عملهم والذين يكلفون الدولة مليارات لكن وقع تجاهل الموضوع لأن المصالح السياسية تتحكم في كل تصرفات المتدخلين في هذا الشأن.
ماهو رأيك في دور المعارضة اليوم؟
نحن كحزب «التيار الديمقراطي» قمنا بدورنا كمعارضة جدية .واليوم لدينا مشكلة إسمها «معارضة لا بد من إسقاط الحكومة». نحن نتحدث عن معارضة تفضح وتعارض الأخطاء الحقيقية للحكومة وتقدم المقترحات وتقدم نفسها كبديل وهذا ما يميزنا عن جزء من المعارضة التي تحتل الساحة بشعار «أخفقت الحكومة لا بد من إسقاطها» وفي الحقيقة لم نسمع لها أي خطاب آخر.
تمنيت أن تتوحد أحزاب المعارضة في جبهة تحضّر نفسها للإنتخابات إما أن يتحدوا يمينا أو يسارا رغم أنني أرى أن بعض المشاريع لا يمكن أن تنجح نظرا للتناقضات التي تشق هذه الأحزاب وهذا شأنها الداخلي. وأؤكد مجددا أننا فرحنا عندما تكونت «الجبهة الشعبية» في وقت من الأوقات كبديل لأننا لا نريد لحركة «النهضة» ان تتغول .لكن أن يتحول هذا المشروع إلى هدف واحد هو إسقاط المسار الديمقراطي بدعوى أنه الحل ونعتمد على خطاب تبسيطي ونعول على غضب الكثير من التونسيين من أداء الحكومة وعلى جهل بعض الناس ببعض مجريات الأمور ,فهذا غير مقبول فالمعارض لا بد له أن يبني ويؤسس لأن المرحلة السياسية لا تبنى بمثل هذه المبادرات والمطالب على غرار حل المجلس التأسيسي وإسقاط المسار التأسيسي وفي وقت من الأوقات فيها تحريض على العنف وعلى مؤسسات الدولة ومحاولة لاستنساخ تجربة مصر. كل هذا غير مقبول وأتمنى أن يقع التراجع فيه ويفهموا أنها كانت حالة انفعال
مرتبطة باغتيال الشهيد رغم أن السياسي لا يجب أن يتعامل بالإنفعال.
السياسي لا يستطيع الحكم بمنطق انفعالي ومن ينقلب على مؤسسات الدولة لا يستطيع ان يقدم نفسه كمسؤول في الدولة وفي الحقيقة هذه من الأمور التي ستطرح على الناخبين في وقت من الأوقات. وربما ستستفيد حركة «النهضة» بمساوئها وأخطائها المتعددة من هذا الأمر وإذا صوت لها التونسيون بنفس النسبة التي تحصلت عليها في الإنتخابات السابقة سترتكب أخطاء أكبر لأنها ستفهم أن في انتخابها رضاء على أدائها.
هل كانت لك أو لحزبك اتصالات ب «الجبهة»؟
لا لم يتصلوا بنا لان خطابنا واضح ونحن مع دولة القانون والمؤسسات ومع احترام القوانين. ونرى انه بعد هروب الطرابلسية لا يجب أن يظهر طرابلسية جدد ولوحتى تحت غطاء ثوري. منطق الخروج على القوانين والتعالي عليها في رأيي ذهب مع الطرابلسية واي طرف يريد احتلال هذا الموقع مرفوض سواء بالمنطق الثوري أو بمنطق فساد داخل أجهزة السلطة. لذلك لا أتصور أننا نستطيع التقارب رغم أن هناك علاقات شخصية تربطنا ببعض الأشخاص في الماضي وقبل 14 جانفي.
على غرار حمة الهمامي مثلا؟
بالطبع حمة وما ادراك ما حمة. لكنه اليوم في توجه ثوري شبابي.
هل خضع حمة الهمامي إلى مشيئة الباجي قائد السبسي؟
يصعب علي إجابتك لكن الثابت أنني لا أرى أي منطق في تقارب «الجبهة الشعبية» و«نداء تونس».
من حسب رأيك يقود اليوم «الجبهة الشعبية»؟
من يقودها هو الحقد على حركة «النهضة» وهناك مسألة أخرى متعلقة بتصور الشعب التونسي للعملية الإنتخابية. لأن من له مشكلة مع الإنتخابات لن يسعى لإقناع الناس عبر الصناديق .في حين انه في تصوري الجبهة الشعبية منذ مدة معينة أصبحت في وضع جيد على مستوى سبر الآراء وكان من المفروض ان تستغل هذا الوضع لتذهب في اتجاه الإعداد للإنتخابات وإقناع التونسيين بأنها أهل للحكم وتتحمل المسؤولية وربما هذا الأمر كان سيخدمها أكثر من منطق باردو وإسقاط الحكومة.
من هو الطرف الذي يتهرب من الإنتخابات , «النهضة» أو المعارضة؟
في الحقيقة نستطيع أن ننتقد «النهضة» «من هنا إلى غدوة» أكثر حتى من المعارضة سيما وانها في الحكم لكن لا يوجد أي دليل على أنها تتهرب من الإنتخابات والقول أنها كذلك مغالطة.لا بد أن نكون موضوعيين وحتى خصمك تستطيع أن تقول في حقه أشياء موضوعية فنواب «النهضة» هم أكثر النواب حضورا في المجلس التأسيسي. وبالتالي لماذا يتهمون بأنهم من تسبب في التأخير ,هم أثاروا نقطتين أضاعتا القليل من الوقت لكن عندما نحتسبهم نجد ان الوقت المهدور لا يتجاوز الشهر والنصف.
الثابت أن هناك فكرة لتأجيل الإنتخابات وهناك من قال هذا الكلام من قياديي «الجبهة» وأكد ان الأولوية اليوم ليست للإنتخابات. «أيا ثبتولنا رواحكم؟».
من أكبر المغالطات التي سيسجلها التاريخ والصحافة هي مسألة إقناع الناس بأن حركة «النهضة» عندها رغبة في البقاء في السلطة والواقع انه لا يوجد اي دليل على انها ترغب في البقاء في السلطة بإطالة المرحلة الإنتقالية .عندها رغبة في البقاء في السلطة بشراء الذمم وجمع الأموال .. «هذا الكل أنا معاك» تريدون فتح الملف المالي لحركة «النهضة» انا معكم وهذا كله صحيح ولديها ثقة ربما في نفسها بمنطق ما قبل 14 جانفي وبالمنطق الديني وبصورة حركة «النهضة» وعشرات الآلاف من منخرطيها وبالتالي تعول على الفوز في الإنتخابات. أما القول بأنها تطيل المرحلة الإنتقالية للبقاء أكثر من في السلطة فلا دليل على ذلك.
ماهي أخطاء حركة «النهضة» التي تحدثت عنها منذ قليل؟
تكمن أخطاؤها في أدائها فعندما «جرّبت» الحكم لم تكن لها أية علاقة بتحقيق أهداف الثورة التي تقوم بالأساس على القطع مع منظومة معينة عرفت في السابق بالفساد .في هذا الجانب حركة «النهضة» لم تتبنّ قواعد شفافة تطمئن الناس ولا اتبعت قواعد الحوكمة التي تحسن الأداء الإداري ولم تفتح ملفات الفساد ولا العدالة الإنتقالية وبقدر ما ارتكبت العديد من الأخطاء بقدر ما وضعت نفسها موضع شبهة لا سيما في ما يخص ملفات رجال الأعمال الذين كانوا 400 ثم تقلص العدد .وبالمناسبة اقترحنا قبلا أن تقع تسوية ملفاتهم وفق مبادرة الأستاذ قيس سعيد. هذه الفكرة أشرف بكثير من ان تكون لهم مقابلات مع بعض الأحزاب السياسية وعلى إثرها يتم حسم المسألة وحركة «النهضة» قامت بهذا الأمر.لذا أقول أن «النهضة» وضعت نفسها موضع الشبهة في ما يتعلق بتسوية هذه الملفات. وهذا ما يجعل الناس يتخوفون منها ولكن ليس لدرجة إسقاط كل المسار لمعاقبتها على أخطائها. هذه الأخطاء لا بد من البحث فيها وفضحها وهذا دور الصحافة ودورنا كمعارضين.
اليوم مثلا هناك مشروع يتعلق بقانون الشفافية والإثراء غير الشرعي وبتمويل الأحزاب السياسية أطالب بالمصادقة عليه في أقرب وقت. وفي انتظار ذلك أطالب مصالح الوزارة الأولى بمراقبة تمويل الأحزاب وإن كنت أشك في أن تكون الجهة الإدارية محايدة في هذا الجانب. لذلك أقول انه لا بد من معرفة مصادر تمويل كل الأحزاب قبل الإنتخابات إذا أردنا أن تكون الإنتخابات ديمقراطية.
ماذا بخصوص الجمعيات لا سيما منها المتهمة بتمويل الأحزاب؟
هذه مشكلة من المشاكل الأخرى التي نص عليها مشروع القانون والذي لم ينص على تحديد العلاقة بين الأحزاب والجمعيات. لا بد من مراقبة تمويل الجمعيات التي لا حق لها قانونيا في تمويل الأحزاب. والأحزاب لا حق لها قانونيا في منح أية مساعدة للمواطنين. وكل هذه القوانين مخترقة.
لكن كيف ستتم هذه المراقبة ولا ثقة لك ولكل المعارضة في الإدارة؟
هذه هي الإشكالية , «كيفاش باش تصير».لدينا ثقة في دائرة المحاسبات ورغم أنها لا تملك موارد بشرية كبرى فإنها تبقى قادرة على القيام بتحرّ في ما يتعلق على الأقل بالأحزاب الظاهرة في الصورة أو التي ظهرت عليها علامات الثراء وطبعا حركة «النهضة» و«النداء» سيكونان الاوائل والله اعلم. وهناك أخبار تقول أن بعض الأحزاب تتسلم تمويلاتها من جهة أجنبية.
لكن هناك جمعيات أجنبية تصول وتجول في البلاد ولا يراقبها احد؟
لا مشكل لنا معها بخصوص نشاطها الخيري لكن كيف لا تراقب هذه الجمعيات؟ عندما لا تراقبها فقد مسست بالديمقراطية وبالأمن فأموال هذه الجمعيات عندما تتسرب إلى البلاد بلا مراقبة ممكن أن تخصص لشراء أسلحة أو تمويل عمليات إرهابية. هناك أموال «تدور» في تونس بشكل مريب خاصة في ما يتعلق ببعض الجمعيات والتصدي لها يسمح بالمحافظة على الديمقراطية الحقيقية والمحافظة على الأمن العام. ومن لا يقوم أولا يستطيع القيام بهذه العملية حساباته غير دقيقة وغير مطابقة للقانون.
هل تقصد حركة «النهضة»؟
بالطبع أقصد حركة «النهضة» لأن حساباتها غير واضحة في هذا الجانب لذلك لن تفتح ملفات محاسبة الأحزاب في ما يتعلق بهذا الأمر وبالطبع ستتواصل معاناة التونسيين بسبب حسابات شخصية لحركة سياسية معينة لها مشكلة مع الرقابة .لا بد من فتح هذه الملفات للديمقراطية وللحفاظ على الأمن العام وإن لم تفتح «خافوا من التفجيرات والعمليات الإرهابية».بالإمكان أن تضيع تونس بسبب المصالح الحزبية ولكن أرجع للقول ان هذا لا يبرر إسقاط الحكومة.
كيف ذلك وأنت تقول أن السكوت عن مثل هذه الملفات بإمكانه إدخال البلاد الى المجهول؟
القول بإسقاط الحكومة هو منطق إنقلابي .ومن ينادي بإسقاط الحكومة ينادي بإسقاط المسار الإنتقالي ونحن نعارض هذا الأمر لأننا نبحث عن الإستقرار ولا أرى أن من ينادي بإسقاط الحكومة سيكون دون أخطاء. انا لست راضيا عن أداء الحكومة لكن عندما تنتقد تطرح نفسك كبديل. أما فوضى المناداة بإسقاط الحكومة والنزول الى الشارع فهي تخيفنا من تكرار التجربة المصرية .وهي فرصة للتونسيين للتفكير في ما ستؤول إليه الأمور لو تواصل الأمر على ما هو عليه.
ما الذي يحتاجه سياسيوتونس حسب رأيك؟
سياسيو تونس يحتاجون إلى مزيد من العقلانية والإحساس بالمسؤولية لأن الكثير من السياسيين عندهم ما يكفي من الخبرة لمكافحة الإستبداد. لكن هذه المكافحة لها آلياتها قبل 14 جانفي. والأمر لم يفهمه بعض السياسيين الذين كان بإمكانهم أن يكونوا في أرفع مستوياتهم أن مرحلة ما بعد 14 جانفي ليست مرحلة بطولات. اليوم هناك تخوف من الإستبداد ومن يقول عكس ذلك يغالط التونسيين. هناك من يريد ان يظهر في مظهر البطل وهناك جزء كبير من المعارضة لا تقدم مقترحات جدية ولسوء الحظ هذا الجزء ينسى انه في عصر التكنولوجيا لأنه حين يبدي موقفا اليوم يسجل عليه وعندما يبدي نقيضه تنتبه إليه الناس. أحيانا أرى مواقف للسياسيين أتأسف لها وأقول كيف يستطيع هؤلاء ضرب تاريخهم بهذا الشكل؟
ما الحل والحكومة تتخبط في الفشل والمعارضة تسبح خارج تيار مصلحة تونس على حد قولك؟
الحل هو رجوع مؤسسات الدولة ورجوع النواب إلى عملهم في المجلس التأسيسي وينتخبون الهيئة المشرفة على الإنتخابات ويسمعون رأيها حول رزنامة الإنتخابات ويقرر المجلس إجراؤها خلال 6 أشهر. وتكمل لجنة التوافقات عملها وتصادق على الدستور في ظرف شهر لأنه بعد ذلك لهم قوانين أخرى للمصادقة عليها. والمجلس لا بد أن ينهي أشغاله في ظرف 6 أشهر من تاريخ رجوعه إلى العمل. لا بد من تعديل الحكومة بتغيير بعض الوزارات.
من يسمع كلامك يقول أن «النهضة» لم تخطأ وأن «الترويكا» غير موجودة في المجلس؟
أولا في الدستور «النهضة» لوحدها ولا وجود لترويكا في الدستور ومن يقول عكس هذا الكلام يكذب.الحقيقة «الترويكا» موجودة في الحكومة فقط .هناك تلاعب سياسي. نعم حركة «النهضة» ارتكبت أخطاء حين غيرت إرادة النواب في لجنة الصياغة والتنسيق وهذا الامر سجل ضدها وستحاسب عليه في الإنتخابات القادمة.
ماهو رأيك في تصريح سمير بن عمر الأخير؟
هو يوجه الرأي العام نحو إشكالية كان باستطاعة حزبه حلها .لقد وقعت مطالبة مصالح رئاسة الجمهورية قبلا بالتخفيض في جراية رئيس الجمهورية ولم تقع الإستجابة لذلك .فؤاد المبزع يتسلم جرايته قياسا بجراية الرئيس المباشر والجراية الحقيقية التي يتسلمها الرئيس المباشر هي 21 ألف دينار. وقد طالبنا ألف مرة بالتخفيض في الأجر ورفض مطلبنا.
ماهو رأيك في التحركات السياسية للشيخ راشد العنوشي والسيد الباجي قائد السبسي خاصة لقاءاتهما وسفرهما إلى فرنسا والجزائر؟
مسألة الإحتكام الى الخارج تعبر عن فشل الطرفين ,الطرف الموجود في المعارضة الإنقلابية والطرف الموجود في الحكم. والتدخل الخارجي في شؤون تونس مرفوض مهما كان مأتاه. الطرفان الغنوشي والسبسي ليسا أهلا لحكم تونس. حركة «النهضة» عندها إشكاليات في التعامل الديبلوماسي ومازالت تتعامل مع الخارج بمنطق التنظيم السري ومنطق «دوني» ومازالت تتصرف كتنظيم سري. حركة «النهضة» لا تستطيع قول «لا» لطرف أجنبي.وهذا الأمر حصل في أمر إقتصادي. والمورط في أخطاء يصعب عليه أخذ قرارات. «هزوا روسكم شوية» لكي لا يتدخل أحد في شؤون تونس الداخلية.
أترك لك الكلمة الأخيرة
إن شاء الله نكون متفائلين بمستقبل أفضل لتونس والمحافظة على هذه التجربة ولو بها بعض النقائص ونحن متأكدون من رجاحة عقل التونسيين وأن المعارضة وحركة «النهضة» عندما تجدان أن الشعب لن يتبعهما وانهما مخطئتان ستغيران سياستهما والأمل يبقى في التسريع بإنهاء المرحلة الإنتقالية والإحتكام إلى الصناديق في إطار انتخابات نزيهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.