التونسية (تونس) تم مؤخرا اكتشاف 40 حالة إصابة ب «الجرب» (عافانا وعافاكم الله) بمدرسة بئر شعبان الواقعة باحد أرياف معتمدية تالة من ولاية القصرين مما أدى إلى إغلاق المدرسة للحد من انتشار العدوى في صفوف التلاميذ. والحقيقة أن تفشي الداء بمدرسة بئر شعبان ليس الحالة الأولى التي تم التفطن إليها في الأشهر الأخيرة حيث تم في شهر مارس الماضي إخلاء مبيت تابع لأحد المعاهد الثانوية بمعتمدية سليانة الجنوبية إثر تسجيل انتشار حالات لداء الجرب في صفوف التلاميذ المقيمين وذلك بعد أن تمكنت القوافل الصحية خلال زيارة ميدانية لهذا المعهد من رصد الحالات ممّا دفع الطبيب المشرف على القافلة الصحية إلى توجيههم في الحال إلى المستشفى الجهوي بسليانة . تفشي «الجرب» في الأوساط التلمذية أثار مخاوف الأولياء من انتشار هذا الداء الذي كنا نظن أنه اختفى منذ سنوات لا سيما أن تدهور الوضع البيئي عموما قد يسهل انتقال العدوى من البؤر التي تم حصرها إلى مناطق أوسع. ولمعرفة حقيقة الوضع ومدى قابلية انتشار هذا المرض اتصلت «التونسية» بالدكتور منذر البجاوي كاهية مدير إدارة الرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة الذي قال إنه على عكس ما يظن العديد فإن الجرب لم ينقرض من تونس وأنه موجود كذلك في كل دول العالم لا سيما المتقدمة منها مثل فرنسا وبلجيكا وغيرها مشيرا الى أن تضاؤل عدد الحالات التي كانت تعد بعشرات الآلاف هو الذي جعل البعض يظن أن الجرب اختفى تماما والحال أن الوزارة تسجل سنويا ما بين 4000 و8000 حالة . الوضع البيئي هو السبب الدكتور البجاوي قال إن الكشف عن حالات «الجرب» غالبا ما يتم في إطار المسح الذي تقوم به إدارة الطب المدرسي والجامعي حيث يقع عزل الحالات المصابة والتكفل بها طبيا وببقية أفراد العائلة حتى وإن لم يكونوا مصابين كإجراء وقائي مشيرا إلى أن غياب النظافة والماء من العوامل الاساسية لظهور هذا المرض . المسؤول بإدارة الرعاية الصحية الأساسية لم ينف كذلك مسؤولية تدهور الوضع البيئي في ظهور بؤر «الجرب» مشيرا إلى أن المرض غالبا ما ينتشر في الفترة الممتدة بين نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع بسبب التقصير في النظافة الجسدية نتيجة قلة الموارد المائية في بعض المناطق أو وسائل التدفئة وتسخين المياه غير أن هذه العوامل حسب الدكتور البجاوي لا تجعل انتشار الجرب حكرا على الأوساط الريفية لأن هذا المرض قد يضرب كذلك في الأوساط الحضرية وحتى الراقية منها . وقد شدّد الدكتور البجاوي على وجوب أخذ الاحتياطات اللازمة للحد من انتشار هذا الداء داعيا إلى وجوب الحرص على نظافة الجسم والملابس والأغطية والحرص على تعريضها المستمر للشمس التي تقوم بتعقيمها بواسطة الأشعة فوق البنفسجية. كما دعا إلى وجوب عدم الاقتراب من الأشخاص الذين لديهم حكة أو المصابين بالمرض مشيرا إلى أن إحصائية منظمة الصحة العالمية تؤكدا إصابة 300 مليون شخص سنويا بالجرب ملاحظا أن الحالات المسجلة في تونس لا تدعو إلى القلق من عودة الجرب ك «وباء» لأنه يعد من الأمراض الإجتماعية التي تمت مقاومتها بنسبة كبيرة على امتداد العشريات الماضية والتي كرست لها الصحة العمومية إمكانيات كبيرة للقضاء عليها .