التونسية (تونس) لم يعد عيد الأضحى أو «العيد الكبير» ،كما يحلو للتونسيين تسميته، فقط تلك المناسبة التي يجتمعون فيها لذبح «الأضحية» وتوزيع لحمها على الفقراء والمساكين فحسب بل تحولت إلى ابرز الحركات التجارية والاقتصادية الاستثنائية التي لا تعرف الشعوب العربية والإسلامية مثيلا لها على الإطلاق. في تونس، تعتبر أضحية العيد الهمّ الأساس لكل العائلات التي وان وظفت كل إمكاناتها ومدخراتها قد لا توفق في توفير خروف هجر لحمه اغلب البيوت لقلة الدخل وكثرة المناسبات وتواترها(العطلة الصيفية،رمضان،عيد الفطر،العودة المدرسية...)...و في ظل ارتفاع «بورصة سي العلوش» ،و سعيا لتغطية النقص في الإنتاج، قامت الحكومة بتوريد حوالي 12 ألف خروف من اسبانيا انطلقت أمس أول عمليات بيعها بشركة اللحوم بالوردية . «التونسية» كانت حاضرة: علوش يعمل الكيف منذ ساعات الفجر الاولى،تجمع المئات من المواطنين أمام أبواب شركة اللحوم بالوردية إلى أن...فتحت الأبواب وهرول الجميع لملاقاة «العلوش الاسباني» ذاك «النجم» القادم من وراء البحار الذي «لاكته» الألسن نقاشا وتحليلا وتوصيفا منذ الإعلان عن خبر استيراده ...فهل كان هذا الخروف في مستوى تطلعات التونسي؟؟ عن هذا السؤال،اجاب عبد القادر السعيدي وهو يمسك بخروف اسباني ابى ان يخلي سبيله قبل ان يبلغ به عتبة البيت،قائلا: «علوش روعة...qualité تعمل الكيف وموش بعيد على العلوش التونسي من حيث الشبه بل وقد يكون احسن حالا منه من حيث الوزن»،متابعا وهو يشير بيده الى الخروف الذي اشتراه: «مثلا هذا الخروف يزن 40 كلغ ولم يكلفني اكثر من 347 دينارا في حين انك لن تبتاع نظيره التونسي باقل من 600 دينار...و الله شي يعمل الكيف..علوش وعليه الكلام». احمد العياري شاطر هو الاخر عبد القادر الرأي،مشيدا بالصفات التي يتميز بها الخروف المستورد من حيث الوزن والسعر،موضحا انه لا يختلف عن الخروف التونسي في شيء «ماعدى السعر وان لم يصح قول الوزارة بان اسعار الخرفان الاسبانية تتراوح بين 270 و450 دينارا...على كل حال يبقى العلوش الاسباني احسن من التونسي وارفق حال منه» -على حد تعبيره-. مغالطة في الأسعار ! السيدة عربية جبالي وان لم تبد أي اعتراض عن شكل هذا الخروف،فانها اعربت عن شديد انزعاجها من سعر بيعه، مؤكدة انها ما كانت لتنزل الى نقطة البيع لو لم تكن «ضحية لمغالطة وزارة التجارة»-على حد تعبيرها-،مضيفة:»لم اجد اثرا للاسعار المعقولة التي تحدثت عنها وزارة التجارة قبل انطلاق عملية البيع...و ما قالوه بان الاسعار تتراوح بين 270 و390 دينارا كذب في كذب ولكن بالنظر في سعر الكيلوغرام(8900) يمكن القول بان الاسعار مقبولة ومعقولة»-حسب قولها-. و اضافت عربية «لم اعثر على ضالتي في العلوش الاسباني وقد خاب ظني كثيرا خاصة أن سعره أغلى مما كنت احسب وقد يكون حتى اغلى من التونسي...لذلك ساعود الى المنزل وربي ان شاءالله يسهلها في وحيّد تونسي وبرّة». محمد علي الفرشيشي(مكلف بالاعلام في وزارة التجارة): «لقطع الطريق على المضاربين» من جانبه،اكد محمد علي الفرشيشي المكلف بالاعلام بوزارة التجارة ان الهدف من توريد هذه الخرفان هو «تعديل الاسعار في السوق وحتى يكون لنا سعر مرجعي في الاسواق»،موضحا انه في حال لم تف رؤوس الاغنام الموردة، بتعديل الاسعار في السوق «فسوف تلجا الوزارة الى توريد دفعة اخرى»-حسب قوله-. و شدد «الفرشيشي» على ان الاسباب التي دفعت وزارة التجارة الى الاستيراد من اسبانيا هو ان «اسبانيا معترف بها عالميا في العناية الصحية بالحيوانات ونحن نولي الجانب الصحي المقام الاول .. وثانيا لقرب المسافة بين الدولتين اذ يمكن تحويل المنتوج من اسبانيا الى تونس في ظرف 48 ساعة ليكون جاهزا للبيع». و اكد «الفرشيشي» ان الوزارة خيرت بيع الخرفان الاسبانية بالميزان (8900 الكلغ الواحد) «حتى يكون هناك شفافية في العملية ..و حتى يعرف كل شاري آش خذا وقداش خذا»،مبينا ان «الاوزان تتراوح بين 30 و45 كلغ ولذلك يتراوح السعر بين 270 و390 دينارا ، وانه ان وجدت خرفان اكبر حجما ووزنا فان اعدادها قليلة». و اضاف الفرشيشي: «قمت البارحة بجولة في اسواق بيع الاغنام وقد ذهلت واصابني الإغماء لما عرفت أسعار البيع،كيف لا وقد وجدت ان الاسعار تترواح بين 500 و1200 دينار..لذلك وان قارناها بالخرفان الاسبانية التي لا يتجاوز سعرها ال400 دينار سنجد انها خرفان تستجيب لانتظارات التوانسة الذين اتعبهم المصروف وتعاقب المناسبات». و قال «الفرشيشي» ان نقاط البيع ستوزع بالاساس على المناطق غير المنتجة للخرفان وان وزارة التجارة ستتعامل مع هياكل رسمية ولن تتعامل مع الخواص للابتعاد عن كل ما من شأنه ان يعكر عملية البيع الشفافة ولتجنب المضاربات» -على حد تعبيره-،مضيفا «ان الغاية من هذه العملية هو قطع الطريق على المضاربين الذين يسعون الى ابتزاز المواطن التونسي». مواكبة:فؤاد مبارك