الدكتور محمد الخبوأستاذ تعليم عالي بكلية الآداب بصفاقس ومدير مجلة البحوث الجامعية بالكلية ومنسق لجنة الدكتوراه والتأهيل اختصاص عربية ورئيس وحدة الدراسات السردية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة. له مجموعة من المؤلفات في الشعر: «مدخل إلى الشعر: أنشودة المطر للسياب أنموذجا»، و«في السرديات» له قراءات في القصص والخطاب القصصي في الرواية العربية المعاصرة و«مداخل إلى الخطاب الإحالي في الرواية» و«أقاصيص تجري في غير مجراها» و«نَظَرٌ في نَظَر في القصص» علاوة على مشاركته في مؤلفات جماعية عديدة وندوات وطنية ودولية. «التونسية» إلتقته فكان معه الحوار التالي: أستاذ كيف ترون المشهد الثقافي اليوم؟ المشهد الثقافي في بلادنا يتكون من ثلاث عناصر أولها ما يمكن أن نسميه الثقافة العالمة ويمثلها أصحاب الفنون ومن يقبل عليها كالأدب والشعر والسينما والموسيقى. وقد عرفت تونس انتعاشة ثقافية في هذه المجالات الثقافية وإن لم تنتج هذه الثقافة ما يسميه «غرامشي» مثقفا عضويا ينغرس في هموم الناس. أما النوع الثاني فيمكن تسميته الثقافة الشعبية وهي مرتبطة بإعلام مقيد لا سيما قبل 14 جانفي لذلك نرى أنه ثقافة شعبية تشكومن مواطن الخلل وهي ثقافة الكرة والمقاهي على أن العنصر الثالث يمكن تسميته «الثقافة الفيسبوكية» التي تتعاطاها عديد الفئات وقد آلت هذه الثقافة إلى تحقيق ثورات داخل تونس وخارجها بيد أن هذه الثقافة كثيرا ما تتحول إلى ثقافة استخباراتية لا غرض لمتعاطيها إلا النبش في أسرار الناس لخدش أعراضهم . هل يمكن الحديث عن ثقافة بعيدا عن التحزب والسياسة؟ عندما نتحدث عن الثقافة نتحدث عن فكر حرّ وغير مقوْلب بإيديولوجيات حزبية لأن الثقافة الحرة في اعتقادي لا يمكن أن تكون في نطاق تذكير حزبي يُلْجمُ كلّ خروج في التفكير والرؤى لكن أعتقد أن المثقف له رؤية سياسية معينة وان الثقافة الحقيقية بهذا الاسم لا تمنعه من التجادل وقبول الاختلاف مع الآخر في نطاق حضارة قائمة على التنوع إذ ليس هناك حقائق ثابتة فقدر الحقيقة أن تكون نسبية. كيف السبيل للحد من ظاهرة انسياق الأدباء والمبدعين وراء الإغراءات المادية والسياسية؟ السبيل هوتكريس النفس للأدب والفن فمثلا بودلار أو الشابي أو إدوار الخراط ، هؤلاء لم يكن همهم الحصول على المكافآت المادية بل كان هدفهم الإضافة. التخلص من السياسة والمادة يكون بالأدب والإبداع. أي دور يمكن أن يلعبه المثقف في مجتمعه في ظل ما يشهده الواقع من مخاضات؟ للمثقف دور خطير في أي مجتمع طالما أنه يساهم في تغيير التقاليد الجاثمة على فكره وسلوكه. نعرف أحد كبار المفكرين الايطاليين «غرامشي» الذي قتل لا لشيء لأنه كان مثقفا عضويا مناهضا للفاشية في إيطاليا ومن بين المفاهيم التي رسخها هو وجود المثقف الذي يوظف ثقافته للاقتراب من هموم الناس لأن الثقافة القادرة على التغيير هي ثقافة يصوغها المثقف العضوي الذي تحدث عنه غرامشي وهذا ما لا نجده في مجتمعنا التونسي. فما أحوجنا أن نقرأ ثقافة ليست لها خلفيات سياسية. انتم كباحثين وناقدين فرضتم نفسكم بعملكم وأدبكم في الوسط الأدبي التونسي والعربي. فهل يمكننا أن نتحدث عن مدرسة نقدية مغايرة لأعمالك؟ أنا أنخرط في الجامعة التونسية فقد تعلمت منها المنهج الديكارتي على أيادي أساتذة أجلّاء أمثال توفيق بكار ومحمود طرشونة... نعم أقولها بكل فخر فعندما أذهب إلى الجامعات الشرقية أشعر بمسافة كبيرة بيننا وبينهم خاصة في اطلاع التونسيين على ما يكتب الغرب بلغات عديدة. أنا بدوري أسعى إلى أن أكون وطنيا ووطنيتي في الكتابة هي أن أضيف شيئا. «أقاصيص تجري في غير مجراها» و«نظر في نظر في القصص» تلك كانت آخر إصداراتك ماذا تقول عنها؟ «أقاصيص تجري في غير مجراها» هي أقاصيص قدّمتها في تونس وخارجها فقد طُلب مني في مؤتمر القصة القصيرة في مصر أن أقدم عملا في ما يخص القصة في تونس فالأقصوصة فن سردي ولكن هذا الجنس ما انفك يشرأب إلى أجناس أخرى من القول قديما وحديثا كالرسم والشعر والموسيقى فالأقصوصة تسعى إلى نفي نفسها وما أزعم أنني سعيت إلى الإضافة في هذا الكتاب هو بلاغة اللبس في الأقصوصة. أما كتاب «نَظَرٌ في نظر في القصص» فقد حاولت فيه من خلال نصوص عربية قديمة وحديثة إلى أن أنظر في هذا النظر وبالتالي محاورة بعض النظريات السردية وكنت أطمح جدا بحثا عمّا أسمّيه ب «سرديات استدلالية» لا تهتم بظاهر النص بل تُعْنَى بباطنه. كلمة الختام لك. من موضعي هذا في الجامعة التونسية أرجوأن أسعى إلى جعل الجامعة التونسية متجددة لكي تكون جامعتنا منارة ثقافية وبهذه المناسبة أشكر نادي «إتحاف» الناشط بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس» النشيط والمشاكس والمتطلع إلى الثقافة والأدب وأرجوأن تتطور أعماله الثقافية من خلال نشاطات جامعية تونسية ولربما عربية حتّى يكون العرس أكبر والعطاء أوفر.