لأن الرياضة يمكن أن تصنع ما تعجز عنه السياسة والثقافة والأدب، وفي خضم الأزمة التي تلازم كل وجوه الحياة في تونس بعد الثورة.. يأتي الخبر من مدريد وتحديد من الفريق الملكي ريال مدريد الذي أعلن تجديد تعاقده مع عملاق كرة السلة الدولي التونسي صالح الماجري لسنتين إضافيتين بعد ضمه بداية الصيف الماضي قادما من تجربة ناجحة في «أوبرادوريو أميغوس دو بلونسيستو» الذي نال معه الموسم الماضي لقب اكتشاف السنة في بطولة تعج بالنجوم، فضلا عن اختياره أفضل لاعب ارتكاز إلى حد الآن في الدوري الأوروبي حسب ما جاء على الموقع الرسمي للإتحاد الأوروبي في بحر الأسبوع الماضي، «التونسية» اتصلت باللاعب للحديث أكثر عن وضعه الحالي مع فريق «الملوك» وحقيقة خيبة المنتخب في بطولة أمم إفريقيا وعلاقته بالمدرب الوطني وجامعة «السلة» وأشياء أخرى تجدونها في الحوار التالي: في البداية كيف تسير الأمور في تجربتك مع فريق في حجم ريال مدريد؟ الحمد لله الأمور جيدة وهذه تجربتي الثالثة في عالم الاحتراف فبعد لعبي للنجم وانتقالي إلى «انتويرب دايموندز جيان» في بلجيكا ثم مع «أوبرادوريو أميغوس» الاسباني الموسم الماضي كان تحولي إلى ريال مدريد بداية الموسم الحالي، الأمور طبعا تكون صعبة في البداية لكن الحمد لله أنال فرصتي في الفريق رغم أن النادي يضم أربعة لاعبي ارتكاز ولا يوجد أي لاعب يلعب أكثر من عشرين دقيقة، أشارك باستمرار وأحاول تقديم أداء طيب، نلعب مباراتين في الأسبوع وأحاول إثبات جدارتي من مباراة إلى أخرى ودائما أقول إنني حديث العهد وبصدد التعلم ممن هم أكثر مني خبرة. كيف تقيّم أداءك إلى حد الآن مع «الأبيض الملكي»؟ بطبيعة الحال أنا سعيد لتمكني من بلوغ هذا المستوى لكن دائما أقول إن الرضاء التام لا يتحقق، أطمح دوما إلى الأفضل، المنافسة كبيرة وفي كل مناسبة أعمل على تحسين مكانتي حسب الإحصائيات الخاصة باللاعبين الذين يشغلون نفس المركز وكغيري من اللاعبين أقدم مباريات جيدة وأخرى أرى أنه كان في إمكاني انجاز الأفضل، على سبيل المثال «كوبي برايان» يعتبر أفضل لاعبي العالم تقريبا وفي مباريات عديدة لا يقدم الأداء المطلوب وشخصيا لا أضع سقفا محددا لطموحاتي مع الفريق وأعمل على التحسن والتعلم في كل مناسبة. كيف ترى معاملتك من زملائك ومن جمهور الفريق وهل توجد مشاكل؟ في أوروبا الكل له فكرة مسبقة عن العرب والمسلمين وشخصيا تحدثت إلى رئيس الفريق «فلورنتينو بيريز» وقال لي إنه يحترمني كثيرا على غرار التونسي الآخر في الفريق سامي خضيرة وأشار إلى أننا نعتبر مثالا جيدا عن العرب والمسلمين في الفريق، لم أجد مشاكل مع زملائي أو مع الجمهور الذي يطلب إلى كل اللاعبين تقديم الأفضل، في الفريق أنا لاعب محترف أقوم بعملي وأحاول فرض نفسي بأدائي وإمكانياتي. صالح بعيدا عن «ريال مدريد»، خيبة أمل كبيرة للمنتخب الوطني في كأس إفريقيا الأخيرة، ما هو تعليقك؟ لا أريد الخوض كثيرا في موضوع تجاوزه الزمن، لأن ذلك لن يغير شيئا من الحقيقة، لا أجيد اختلاق الأعذار للهروب من الواقع لكن نتائجنا كانت بسبب التحضيرات الطويلة جدا التي استمرت من نهاية شهر ماي إلى موفى شهر أوت وذلك كثير جدا على كل اللاعبين إضافة إلى أننا كنا نتدرب كثيرا ونلعب مباريات قليلة وما حصل حصل للأسف. بعد الخروج من «الكان» وقع إتهامك بالعزور والتعالي على زملائك، ما حقيقة هذه الأمور؟ كما قلت هذا من الماضي، كغيري سمعت ما يقال.. الكل يعرف أني كنت موجودا لتقديم العون للمنتخب، طبقت التعليمات ولم أحصل سابقا على لقب أفضل لاعب دون سبب، التزمت بما أوكل إليّ، لكن في البطولة الأخيرة لعبت في مركز جديد وبطريقة مختلفة على غرار زميلي مكرم بن رمضان لكن لم تصلنا الكرات، وبعد الخروج قيل إن «صالح كبر على المنتخب ويلزم يتنحى».. أريد فقط التأكيد أن المسؤولية جماعية ولا تتعلق فقط بصالح الماجري.. لا أريد قول أي كلام غير مناسب في حق أي طرف سواء لاعبين أو إطار فني أو جامعة.. الكل يعرف أنني لم أدّخر قطرة عرق وحيدة لكن أحيانا تحصل الأمور عكس ما نتمنى أو ننتظر. نفهم أنك ترفض أن تكون الشماعة التي يعلق عليها فشل المنتخب؟ طبعا أرفض ذلك فأنا عنصر من المجموعة ولا أظن أن المنتخب نال اللقب في النسخة الماضية عن طريق السلّات التي سجلتها، يجب أن يعرف الجميع أن الفوز والهزيمة هما نتيجة لأداء جماعي وحين يتم إلقاء اللوم على شخص واحد في الأوقات الصعبة فاني أرفض هذا تماما، وأريد التأكيد أن أهم شيء بالنسبة لي هو تمثيل المنتخب وتشريف الرياضة التونسية، كان في إمكاني البقاء بعيدا عن المنتخب لكنني لست ناكرا للجميل وواجبي يدفعني لأن أكون جاهزا متى دعت الحاجة، على كل صفحة بطولة إفريقيا طويتها ولا توجد لدي مشاكل مع أي شخص. ماذا عن مستقبلك مع المنتخب، هل سنراك مجددا في الاستحقاقات المقبلة؟ دون شك أنا موجود في كل وقت و«راسي ما يكبرش على المنتخب»، فقط على من يحملني المسؤولية أن يقبل النقد ويغير من العقلية التي ترفض الرأي الآخر، شخصيا أبقى تلميذا على الدوام وأقبل النقد والنصح لكن مقابل تقبل رأيي، ربما المدرب عادل التلاتلي يرى أن رأيه هو الأرجح لكن قد نتعلم من الآخرين ولكل تجاربه الخاصة، عليه أن يكون مسؤولا على اختياراته الفنية التي لا يتحمل «العبد لله» نتائجها، البرازيل كانت أفضل منتخبات العالم وغادرت «كوبا أميركا» من الدور الأول والمدرب رفض البقاء واستقال كذلك، في تركيا المدرب غادر الدور الأول في المونديال اعترف بسوء اختياراته وانسحب.. ماذا نفهم من كلامك؟ كما أسلفت أقدر الجميع ولا أتطاول على أي كان وفي النهاية أنا تونسي والمنتخب يبقى على الدوام فوق رأسي وأشير إلى أن البعض عند اتصالهم بي فقط حاولوا «يكبروا الموضوع ويضربوا راس براس» دون الاهتمام بمصلحة المنتخب، وعلى كل شخص تحمل مسؤوليته، ونقدي هذا لا يعني أني أكبر من المدرب أو اللاعبين بالعكس أنا أتعلم دوما ورأي يحتمل الخطأ كغيري. وصولك للقمة يتطلب منك تحمل مسؤولية إضافية في المنتخب؟ لن أتأخر، علي أن أكون في الموعد مع المنتخب ولا أظن أني سأبخل بتحمل المسؤولية وتقديم العون والنصح لزملائي كما أنني أبقى أتعلم ولن أقول يوما أني الأفضل فالمنتخب فريق وتواصل واحترام قبل كل شيء. إضافة إلى ما ذكرنا هل توجد مشاكل مع الجامعة ومع رئيسها علي البنزرتي؟ حتى إن وجدت فلا علم لي بها، وفي كرة السلة أنا قادر على رفض اللعب للمنتخب، لكن للمنتخب والجامعة دور كبير في ما وصلت إليه ففي 2010 لعبنا لقاء وديا في بلجيكا أمام منتخبها وكان مدربهم أعجب بأدائي وطلب مني الالتحاق بالفريق الذي يدربه وحصل ذلك بالفعل، بالتالي الفرصة جاءت من باب المنتخب ومن واجبي الوفاء وتقدير ذلك، وكما أشرت في إمكاني عدم اللعب وفريقي الحالي طلب إلي عدم حضور التحضيرات الماضية التي أعاني إلى الآن من مخلفاتها من نقص في الجاهزية البدنية وقلة قدرتي على المنافسة بداية الموسم لكن لن أفكر كثيرا في تلبية نداء الوطن سواء كانت لي مشاكل من عدمها مع أي طرف. أهدافك مع فريقك في الموسم الحالي؟ ننافس على ثلاث واجهات البطولة والكأس واليوروبا ليغ، سأعمل على اللعب ل15 دقيقة على الأقل في ظل ضغط الجمهور وضغط شخصي مني للتحسن إضافة إلى تحسين إحصائياتي دفاعا وهجوما واثبات استحقاقي اللعب في فريق كبير بحجم ريال مدريد. وماذا عن أهدافك الشخصية التي تطمح إلى بلوغها مستقبلا؟ لم أفعل شيئا إلى حد الآن وعلى الدوام لا أريد أن أصل مرحلة الرضاء التام عن نفسي، أمامي الكثير لتحقيقه سواء من الألقاب أو الأرقام والإنجازات والإضافة للمنتخب وتشريف اسم تونس والعرب والمسلمين الذين أكون سعيدا كلما ذكرت بأنني اللاعب الوحيد العربي المسلم في الفريق وفي «اليوروبا ليغ»، أمضيت الأسبوع الماضي عقدا جديدا مع الفريق لسنتين جديدتين وكان لكم السبق في العلم بذلك، أتمنى إنهاء مسيرتي مع الفريق والNBA جربت اللعب فيها وأظن أن بقائي في الريال أفضل لي. كلمة الختام لمن توجهها؟ أنا تونسي وسأبقى تونسي ولن أتعالى على أي شخص، كنت دائما مسؤولا عن اختياراتي والحمد لله وفقت في ما عملت، «نطلب السماح كان غلطت في حق أي واحد»، أمامي الكثير لتشريف تونس والرياضة التونسية وسأكون موجودا في أول فرصة مع المنتخب ولا مشاكل لي مع اي شخص وشكرا لكل من يتابعني ويشجعني.