نقل وزير الدفاع الإيطالي إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    بعد قراره المفاجئ.. كروس يتلقى رسالة من رونالدو    وزير الخارجية يلتقي السفير الامريكي ويبحث معه العلاقات الثنائية وبرامج التعاون    رئيس الجمهورية يجتمع بوزير الشؤون الاجتماعية للنظر في مواضيع تهم الشان الاجتماعي في البلاد    تطاوين: ارتفاع عدد الاضاحي مقابل ارتفاع في اسعارها بسبب غلاء العلف    مؤسستا البريد التونسي والموريتاني توقعان اتفاقية لتطوير التعاون في مجال الخدمات البريدية والمالية والرقمية    بلعاتي يؤكد في بالي أهمية تعزيز التعاون ونقل التكنولوجيا حول تداعيات تغير المناخ    بنعروس: حجز كمّية من المواد الأولية المخزّنة بطريقة عشوائية    السفير الصيني بتونس.. "العلاقات بين البلدين تبشر بمستقبل واعد"    مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل ورفاقه في مدينة تبريز    سوريا: تشخيص إصابة أسماء زوجة بشار الأسد بسرطان الدم    فرنسا تدعم سعي الجنائية الدولية والمانيا ترحب..و"النواب الأمريكي" يهدد    سارة الزعفراني الزنزري: نحو ربط مطاريْ تونس قرطاج والنفيضة بخط حديدي    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة 1 (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي يوم الاحد 2 جوان القادم    الترجي يدعو جماهيره لاحترام القوانين الجاري بها العمل في مصر    كيف سيكون طقس الأربعاء 22 ماي 2024 ؟    حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي داخل منزل بالتضامن    في كمين أمني للفرقة الجهوية للشرطة العدلية بقبلي.. القبض على تاجر مخدرات    المنستير: فقرات ثقافية وتنشيطية وسياحية متنوعة في الدورة الأولى لمهرجان عمر بوزقرو للشركاو    المجمع المهني للصناعة السينمائية يكشف عن خطة عمل ويدعو إلى التعاون من أجل حفظ الذاكرة السينمائية    سوناك يعلن "يوم العار" في بريطانيا بسبب فضيحة فيروس نقص المناعة    عاجل/ هذا ما كشفته ايران عن حادث سقوط طائرة "رئيسي"..    مصر.. مصرع 9 وإصابة 9 آخرين في حادثة سقوط حافلة بنهر النيل    المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    أوهمهما بالتأشيرة الأوروبية: السجن لشاب تحيّل على طالبين أجانب    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    تونس: القبض على 3 عناصر تكفيرية مفتش عنهم    اسناد وسام الجمهورية من الصنف الاول الى الحائز على جائزة نوبل للكيمياء منجي الباوندي    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    بضائع مهربة بقيمة 145 الف دينار مخفية في اكياس نفايات!!    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    قابس: الشروع في التنظيف الآلي للشواطئ    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    زيادة مشطة في أسعار الحجز.. الجامعة التونسية لوكلاء الأسفار توضح    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد شوكات ل «التونسية»:«النهضة» حجر زاوية في المعادلة السياسية بتونس
نشر في التونسية يوم 02 - 01 - 2014

ليبيا مستقرة وديمقراطية هي جزء من مشروعنا الوطني الديمقراطي التقدّمي
ما كان لحامد القروي ان يتجرّأ ويؤسس حزبا لو لم يكن «نداء تونس» موجودا
تونس محصّنة
من الأمراض الأصولية
حوار: أسماء وهاجر

خالد شوكات أصيل سيدي بوزيد تحصل على شهادة الباكالوريا في المكناسي ثم التحق بالجامعة في 1989. انطلقت رحلته مع المتاعب في التسعينات عندما شارك في «حركة فيفري» التي طالب خلالها بإسقاط نظام بن علي فتمت مداهمة منزله بالمزونة وإعتقال والده وشقيقه واضطر إثرها للهجرة إلى المغرب ثم إلى أوروبا وتحديدا «هولندا» أين قضى 20 سنة في المنفى. في الأثناء صدر ضده حكم غيابي ب4 سنوات سجنا و5 سنوات رقابة وذلك بسبب نشاطه السياسي غير الشرعي. خلال سنوات المنفى حاول إكمال دراسته الأكاديمية وتحصل على الدكتوراه من خلال أطروحة بعنوان «المشاركة السياسية للمسلمين في الغرب» كما كان له نشاط إعلامي من خلال صحيفتي «القدس» و«النهار».
«التونسية» التقت الدكتور خالد شوكات عضو المكتب التنفيذي لحركة «نداء تونس» في حوار تطرق فيه الى انعكاسات تصنيف منظمة الإخوان كتنظيم إرهابي على مشروع «النهضة» في تونس ورأيه حول ما يشاع بان الحوار هو في الحقيقة «انقلاب ابيض» على الشرعية إلى جانب قانون التعويض للمساجين السياسيين وغيرها من المواضيع الأخرى.
هل ترى أنه سيتم الالتزام بخريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها بين المنظمات الراعية للحوار الوطني والأحزاب أم أنها ستشهد بدورها ماراطونا من الجلسات والتأجيل ؟
تصوّري أن النخب السياسية على اختلاف انتماءاتها الحزبية تستشعر خطورة الاختبار الّذي تجتازه، ففشل الحوار لا قدّر الله سيكون كارثة حقيقية بالنسبة لهذه النخب جميعا، وسيوجّه ضربة في مقتل للمشروع الديمقراطي، وسيدفع البلاد إمّا نحو الفوضى والحرب الأهلية، أو نحو منظومة استبدادية جديدة. ومن هذا المنطلق فأنا أقدّر أن جميع الأطراف السياسية، حتّى تلك الّتي قاطعت أو لديها تحفّظات على الأسلوب أو الطريقة أو بعض التفاصيل، ستكون حريصة على أن ينتهي الحوار الوطني بتحقيق أهدافه المرسومة ضمن الأجل الأقصى المحدّد، وهو الذكرى الثالثة لانتصار الثورة، فأي تأجيل يعمّق الأزمة ويثبط العزائم ولا أظن أن أطراف الحوار سترضى بوقوع هذا الأمر مجدّدا.
بعض الملاحظين السياسيين يرون ان الحوار «انقلاب أبيض»؟
أبدا، أنا اعتبر الحوار حلاّ تونسيا عبقريا سيساهم في كتابة سيناريو تونسي للأزمة السياسية، مختلف عن السيناريوهات الأخرى الّتي كتبت في دول عربية أخرى شهدت الربيع العربي. فالحوار على صعوبته، لأننا في كل الأحوال غير متعوّدين عليه كثيرا، سيحقّق مصالح الجميع، وستدرك حركة «النهضة» قبل غيرها أن الحوار هو من جنّب البلاد الانقلاب، أسود كان أم أبيض، فالقوى السياسية المعارضة أرادت أن تكسر مشروع دورة استبدادية جديدة، لكنّها لم تكن عدمية أيضا، على نحو يجعلها تقبل أي بديل ل «الترويكا» حتّى لو كان نظاما استبداديا جديدا هذه القوى قالت في مجملها للنهضة أرجوك لا تدفعي البلاد نحو خيارات غير مرضية، وناشدتها التنازل من أجل الوطن والديمقراطية، فقد كانت حكومة الترويكا فاشلة على كل الأصعدة، وكان يجب أن يحدث تغيير حكومي من أجل إنقاذ اقتصاد البلاد والمشروع الديمقراطي معا.
هل ترى أن المستجدات الاقليمية ومنها سقوط الإخوان في مصر وتراجع شعبية «النهضة» في تونس في اخر سبر للآراء من بين العوامل التي جعلت «النهضة» تقدم تنازلات وتقبل بالحوار ؟
أعتقد أن «النهضة» قبلت الحوار بعد ان انتصرت الرؤية المعتدلة والديمقراطية والواقعية داخلها، ولا شك أن المعطيات الإقليمية والمحليّة لعبت دورا، لكنّ الّذي بمقدوره أن يفهم هذه المعطيات بشكل جيّد ويتصرّف وفقها بما يجنّب البلاد مزيدا من الأزمات والهزّات، يجب أن يقدّر ويحيّى. أظنّ أن الأمر اليوم يجب ألّا يصوّر على نحو أن هناك منتصرا ومهزوما، فالّذي انتصر هو الوطن و«النهضة» رغم تنازلها عن الحكومة رابحة برأيي، إذ خير لها أن تكتب في صحيفة الحريصين على الديمقراطية، من أن تكتب في سجّل من قاد البلاد إلى الخراب. لا شكّ أن الإخوان لو تصرّفوا على نفس النحو لكانوا جنّبوا أنفسهم هذه النهاية المأسوية، ولا شكّ أن «النهضة» انحازت إلى تونسيتها المحاورة والعقلانية.
شخص مهدي جمعة الذي تم التوافق عليه هل تراه قادرا على تجاوز هنّات حكومة السيد علي العريض؟
السيد مهدي جمعة شاب متعلّم أحرز شهائد عليا من جامعات مرموقة وله خبرة في مجال عمله في أرقى الشركات الأوروبية، وقد ولد في مدينة المهدية في بيئة وطنية معروفة بإنجاب العديد من الزعماء الوطنيين والسياسيين الكبار، وأظنّ أن لديه من الذكاء ما يجعله يحرص على أن يكون مستقلاّ فعلا ومحايدا يقف على نفس المسافة من الجميع لكي يجد الجميع إلى جانبه في هذه التجربة الصعبة الّتي وضعه القدر أمامها، والّتي إن نجح في اجتيازها فسيكتب اسمه بأحرف من ذهب، ولا شكّ أن نجاحه مرهون بمساعدة كافّة الأطراف له، سواء الأحزاب السياسية أو الرباعي الراعي أو منظّمات المجتمع المدني، فتونس تستحقّ التفاف الجميع ومصلحة تونس فوق كلّ مصلحة.
تمرير قانون تعويضات المساجين السياسيين وتضمينه في ميزانية الدولة الا تراه في حد ذاته ضربا للحكومة القادمة ولقدرتها على اعادة التوازن وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار؟
أتفهّم كحقوقي حقوق ضحايا الاستبداد في التعويض، ولكنّني كسياسي أرى أن تمرير هذا القانون في هذا الظرف بالذات لم يكن تصرّفا موفّقا، ودوافعه حزبية ضيّقة، ومن شأنه أن يثير جدلا حول مسألة تستحق المناقشة في ظروف أكثر هدوء وايجابية. مرّ قانون العدالة الانتقالية بسلام، وكان بالمقدور الانتظار بضعة أشهر لطرح موضوع التعويض في إطار هذا القانون، وضمن آلية مدنية لا حكومية، فصندوق الكرامة يجب أن يكون صندوقا أهليا يساهم فيه متبرّعون من أشخاص طبيعيين ومعنويين، بعيدا عن خزينة الدولة الّتي لديها من المشاكل ما يكفيها.
اعتبر البعض أن «النهضة» من خلال تمريرها لقانون التعويض أرادت أن تكسب ود مناصريها استعدادا للمرحلة القادمة؟
هذا جانب موجود في رأيي، إذ لا شكّ أن لقيادة حركة «النهضة» التزامات تجاه قواعدها، وترى أنّها ستعيش خلال الفترة القادمة مساءلة جدّية من قبل هذه القواعد، ولا شكّ أنّها عملت ما بوسعها على تحقيق أكبر قدر من المكاسب في هذه الفترة الوجيزة، سواء من خلال المصادقة على قوانين ذات صلة بالمطالب الإسلامية، أو عبر السعي إلى تنفيذ بعض القرارات في اتجاه إرضاء بعض الشرائح الغاضبة أو التي لديها شعور بأن قيادتها نسيتها بمجرد وصولها إلى الحكم.
في رأيك هل يرتقي الدستور إلى طموحات الشعب التونسي أم هو مجرد نسخة من دستور 1959مع بعض التعديلات؟
شخصيا لم أكن مع خيار المجلس التأسيسي والدستور الجديد. كنت أرى أن دستور 59 وثيقة ملحمية تاريخية قابلة للتعديل بإزالة بعض مواده المتعلّقة بتكريس الطابع الفردي للحكم أو المقيّدة للحريات، كما كنت أرى في هذا الأمر هدرا للمال العام وللجهود ومجازفة مفتوحة على كل الخيارات وغير مضمونة العواقب، وقد أثبتت الوقائع طيلة السنوات الثلاث الماضية صحّة هذه التحفّظات والمخاوف. لكنّنا على أية حال سنمتلك دستورا جديدا قريبا، وعلى هذا الدستور ألّا يكون في قطيعة مع دستور 59، بل إن التواصل بين الدستورين مطلوب لأنه يعني استمرارية الدولة وتراكم التجارب. في نفس الوقت لن يكون هذا الدستور وثيقة كاملة، بل سيكشف التطبيق عن نقائص وعورات، سيتداركها التونسيون من خلال التعديلات الدستورية في قادم السنوات.
رغم انك انسلخت عن حركة «النهضة» صرحت أنها حجر زاوية في المعادلة السياسية التونسية ما معنى ذلك؟
حركة «النهضة» هي اليوم أعرق الأحزاب السياسية التونسية، وهي حركة شعبية عريضة رغم كل التشكيكات التي يمكن أن تبدى، وبالنظر إلى جذرها الفكري الديني كان توجّهها وسلوكها محددين في سير تونس نحو الديمقراطية أو انقلابها على أعقابها. ولا شكّ أن انخراط الحركة في المشروع الوطني الديمقراطي من عدمه يظلّ محدّدا في مستقبل بلادنا السياسي، ولهذا قلت أنّها حجز زاوية، فبدون تجاوبها وتعاونها وقبولها كان من الصعب أن نتقدّم في الاتجاه الصحيح، وأظنّ أن موقع حركة «النهضة» سيستمر حاسما في المشهد السياسي الوطني خلال السنوات القادمة.
حركة «النهضة» تشهد خلافات داخلية الا ترى أن ذلك من شأنه أن يعرقل حظوظها في الفترة القادمة؟
أظنّ أن المشهد الحزبي في تونس بشكل عام ليس مستقرّا، ولن يستقرّ قريبا، فاستقراره في حالة جدلية مع استقرار المشروع الديمقراطي والنظام السياسي. وكأي حزب كبير لا شك ان حركة «النهضة» تعيش صراعات داخلية، بل إن الصراعات الداخلية صاحبت الحركة منذ نشأتها، وكانت وراء موجات من الانسحابات والانشقاقات التي شهدتها الحركة طيلة العقود الأربعة الماضية. التحديات المطروحة على الحركة حاليا، وتجربة الحكم غير الموفّقة ونتيجة الانتخابات القادمة وعودة النقاش حول وظائف الحركة بين دعاة الفصل والوصل بين ما هو سياسي وما هو دعوي، جميعها قضايا ستتسبب في مزيد من الاختلاف والصراع بين تيارات ذات رؤى متباينة داخل الحركة، وربّما أثّرت على حظوظها.
هل ستقلص الحركة الدستورية من بريق «نداء تونس» وشعبيته؟
الحركة الدستورية مشروع سياسي محدود لا يمكن أن يرقى إلى عبقرية الرؤية واللحظة الّتي تأسس عليها «نداء تونس»، تلك العبقرية الّتي وعت الطبيعة المختلفة للمرحلة التاريخية الّتي تمرّ بها الحركة الوطنية التونسية، والتي اقتضت توسيع الأفق وإدماج دماء جديدة في التيار الوطني وإنجاز مصالحات تاريخية بين البورقيبيين واليوسفيين وبين الدساترة والنقابيين وإعادة الثقة للتونسيين في مصداقية وصحّة خيارات الرؤية الوطنية والإصلاحية. ومصداقية «نداء تونس» ناتجة عن مصداقية مؤسس الحركة، الّذي كان أوّل من طالب بالإصلاح السياسي في الفترة البورقيبية وأوّل من انسحب عندما أدرك انحراف النظام السابق عن الخيارات الديمقراطية، كما هي ناتجة من هذا الزخم العظيم من خيرة كوادر وخبراء وقيادات السياسة والمجتمع المدني الذين التقوا حول مشروع تونس الجديدة الديمقراطية التقدمية الجامعة بين قيم الأصالة والمعاصرة. وما أخلص إليه أن الانتصار للتيار الدستوري لا يتحقّق بتأسيس ناد للدساترة، إنّما بالقدرة على تجديد الفكر الوطني الدستوري، وما كان لحامد القروي أن يتجرّأ على العودة للسياسة أو تأسيس حزب لو لم يكن هناك «نداء تونس»، لكنّه بدل أن يختم حياته بفضيلة دعم التيّار الوطني اختار مجدّدا السير في خيار خاطئ.
حزب «نداء تونس» يشهد في الفترة الحالية سلسلة من الاستقالات و حملة شرسة على رموزه في الفايس بوك ما سر ذلك؟
«نداء تونس» مشروع سياسي كبير حقّق هدفه المرحلي في إحداث التوازن المطلوب في المشهد السياسي وكسر أي مشروع استبدادي جديد ممكن، لكنّه مشروع في طور التشكّل واستكمال بناء الهياكل والمؤسسات. وهو يقوم بهذا الأمر في ظلّ أوضاع سياسية غير مستقرّة، بما يجعل العملية شديدة الحساسية، فضلا عن أن الحزب بدا لكثير من السياسيين الحزب الحاكم القادم بالضرورة، وهو ما فتح جبهات للصراع الداخلي غير معلنة ومبكّرة. لكن هذا طبع الأحزاب الكبيرة في كل مكان، و كلّي ثقة في أن «نداء تونس» سيخرج أقوى من مواجهة هذه المشاكل، لأنها تكشف عن الثغرات وتقوّي جهاز المناعة. أمّا بالنسبة لهجمات الفايسبوك فلا أظنّ أن لها أثرا، لأن الفايسبوك فقد كلّ قيمة جرّاء غلبة السقطات الأخلاقية على فضائه.
هل بإمكان قانون العدالة الانتقالية بصيغته الحالية تحقيق المصالحة الوطنية أم انه كما يعتبره البعض قانون فتنة؟
جاء قانون العدالة الانتقالية متأخّرا جدّا، وأظنّ أنه يحتاج إلى جهود مضنية حتّى يكون قابلا للتطبيق.
محسن مرزوق طالب الرئيس المؤقت بالصمت المؤقت ما تعليقك على ذلك ؟
أظنّ أن أداء الرئيس المؤقت فاق في سوئه كلّ تقدير، بل لعلّ كل خطوة أتاها إلاّ وسببت آلاما وألحقت أضرارا بليغة بالمصلحة الوطنية والمشروع الديمقراطي، وهو صامت أفضل منه وأكرم قياسا به متحدّثا.
المشهد السياسي في ليبيا ضبابي اذ انعدم تقريبا مفهوم الدولة بعد محاولة «أنصار الشرعية» السيطرة على البلاد هل ترى أن ذلك قد يشجع أنصار الشريعة في تونس على محاولة استنساخ نفس المثال؟
لا شكّ أننا في تونس يجب ان ننظر الى ما يجري في ليبيا على أنه جزء من منظومتنا في الأمن القومي، فالصالح كما الضرر الّذي يمكن أن يأتينا من ليبيا لا يمكن أن يأتينا من أية دولة جارة أخرى، ولهذا علينا أن نولي الشأن الليبي كل العناية وأن نتعاون مع الحكومة الليبية لكي تستعيد المبادرة وتستكمل بناء مؤسسات الدولة الليبية الجديدة حتّى تكون قادرة على مواجهة الجماعات المتطرّفة، ونكون بدورنا قادرين على مواجهة هذه الجماعات. علينا أن ندرك أن ليبيا مستقرّة وديمقراطية ومتقدّمة هي جزء من مشروعنا الوطني الديمقراطي التقدمي.
هل ترى تونس تتجه حقيقة نحو الصوملة ؟
تونس محصّنة بحول الله وملقّحة ضد الصوملة والأفغنة وسائر الأمراض الأصولية المستوطنة والمستبطنة، فهي آخر دولة في العالم العربي يمكن أن تسقط في فخ الحرب الأهلية، وهي الأمل الأكبر للعرب والمسلمين في بناء دولة حديثة ديمقراطية تحترم هويتها العربية والإسلامية، كما كانت أوّل دولة طرحت سؤال الحداثة وأوّل دولة صاغت دستورا في العالم العربي الإسلامي، وهي أول دولة حرّرت العبيد وأوّل دولة حقّقت المساواة بين المرأة والرجل.
كيف تقيّم الأوضاع في الفترة القادمة ؟وهل من امل في عودة تونس إلى بر الأمان؟
الفترة القادمة لن تكون سهلة، لكنّ الشعوب تكتسب جدارتها في التقدّم والحضارة من خلال مواجهة المشاكل ورفع التحدّيات، وأنا أثق في شعبنا جدّا، والأمل يحدوني في أن يكون بلدنا نموذجا نفتخر به جميعا، وفي أن يكون لدينا قريبا مشروع حضاري وطني في النماء والرفاه والإقلاع نشتغل عليه مع بعضنا. تونس كانت دائما برّ أمان، وستعود قاطرتها إلى السكّة سريعا. مررنا بالأصعب، ولم يعد بيننا وبين الديمقراطية والاستقرار الكثير. كسياسي أرى من واجبي التمسّك بالأمل والعمل على إشاعته، فشعب محبط ويائس لا يمكنه التقدّم، ورسالتي إلى شبان تونس ألاّ ييأسوا من العيش فيها بكرامة، وألّا يتركوها للسير في مسالك الوهم والتهلكة، مسالك الإرهاب والهجرة السرّية والإدمان. عددنا أقل من عدد سكّان ناحية صغيرة في الصيّن، ولدينا كل المؤهلات التي تجعل بلدنا يسعنا جميعا، ويكون أجمل البلدان. بلدنا يجب أن يكون ديمقراطيا وأصيلا ومتقدّما، وألّا ننتكس أو نقبل بالرجوع إلى الوراء، سواء الوراء القريب أو البعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.