بين المنتج والمستهلك توجد حلقة ثالثة غالبا ما تتهم بالوقوف وراء الارتفاع الصاروخي في اسعار المواد الفلاحية خاصة أن اسعار الخضر والغلال بلغت في السنتين الأخيرتين مستويات قياسية . حلقة وكلاء البيع أو ما يعبّر عنهم باللغة العامية «الهبّاطة» هذه اليد الخفية التي تحدد يوميا مؤشر الأسعار في أسواق الجملة يقول عنها عمر القرماسي رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء البيع أنها براء مما يوجه لها من تهم مؤكدا على أن مؤشر الأسعار يحدده المواطن بدرجة إقباله على المنتجات المتوفرة . القرماسي فسّر كذلك ارتفاع الأسعار بارتفاع كلفة الإنتاج في الثلاث سنوات الأخيرة بداية من البذور المورّدة التي تأثرت أسعارها بانزلاق سعر الصرف وتراجع قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية إلى النقل وصولا إلى التوزيع. وقد اعتبر رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء البيع أن سوق الجملة ببئر القصعة أكثر أسواق الجمهورية شفافية نظرا لصيغ التعامل داخلها وصرامة قوانين المراقبة التي يمر عبرها الوكلاء وكل الوافدين على السوق . في السياق ذاته قال القرماسي إن مؤشر الأسعار (الذي يحدد الأسعار الدنيا والقصوى للخضر والغلال) يحدد يوميا من قبل وكلاء البيع على ضوء الكميات الواردة على سوق الجملة على أن تتولى إدارة السوق تجميع كل المؤشرات التي يحددها الوكلاء ومراقبتها مشيرا إلى أن هامش ربح «الهبّاطة» في العمليات المجراة لا يتجاوز ال5 بالمائة وأنه لم تتم مراجعة هذه النسبة منذ سنة 1984 أي منذ حوالي ثلاثين سنة رغم أن كلفة مستلزمات العمل وخاصة «الشقف» اي صناديق البلاستيك التي ترصف فيها الخضر والغلال تضاعفت عشرات المرات خلال هذه المدة . رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء البيع أشار ايضا إلى أن الوثيقة التي يقع على ضوئها تحديد الأسعار يوميا في سوق الجملة لم تعد تفي بالغرض ويجب مراجعتها على ضوء النوعيات المتوفرة لأن كل نوعية من الخضر مثلا فيها أكثر من صنف وأكثر من نوعية وأنها أصناف تختلف من حيث الجودة والسعر أيضا ومشيرا إلى أن ذلك قد يمكن تجار التفصيل والمواطن من الحصول على منتجات متنوعة من حيث الجودة والسعر في إطار الشفافية التامة . نعم... الاسعار مشطّة القرماسي الذي أقرّ بالارتفاع الصاروخي لأسعار الخضر والغلال أكد أن تجار التفصيل يتحملون أيضا مسؤولية كبرى في ذلك غير أنه «كيف تجي تلوم تعذر» حسب تعبيره ملاحظا أن تجّار التفصيل الذين يحددون الأسعار النهائية للبيع محكومون بهامش ربح في حدود ال20 بالمائة للمنتجات دون الدينارين و15 بالمائة للمنتجات التي تفوق الدينارين وأن هذه النسبة منخفضة باعتبار أن تاجر التفصيل يمكن أن يخسر هذا الهامش وهو لم يغادر بعد سوق الجملة نظرا لكلفة الشحن والتحميل والمعاملات المتعارف عليها في السوق والتي باتت مثل العرف الجاري . الحلول المقترحة وبالنسبة للحلول المقترحة للضغط على الأسعار قال عمر القرماسي من موقعه كوكيل بيع في سوق الجملة وكمواطن إن مراجعة هامش أسعار تجار التفصيل باتت ضرورية وذلك لتمكينهم قانونيا من هامش ربح يكفي لتغطية الكلفة ويحول دون لجوئهم إلى استعمال الوسائل الملتوية للترفيع في الأسعار واستغلال المواطن. كما اعتبر القرماسي أن سلطة الإشراف مطالبة بإيجاد الحلول للضغط على كلفة الإنتاج والتضييق على المتدخلين غير القانونيين من «القشارة» وغيرهم إلى جانب تكثيف فرق المراقبة الإقتصادية سواء على مستوى سوق الجملة أو خارجه مشيرا في السياق ذاته إلى أن كل هذه الضمانات تبقى غير كافية إذا انعدم الضمير والأخلاق التجارية وغابت الثقافة الاستهلاكية لأن المواطن هو الوحيد القادر على حماية نفسه والضغط على الأسعار في حال مقاطعة المنتجات ذات الاسعار المشطة . تهيئة سوق الجملة وفي ما يتعلق بتهيئة سوق الجملة قال رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء البيع إن الشركة قامت بمجهود كبير لتهيئة الجناحين الثاني والثالث في انتظار استكمال بقية الأجنحة مشيرا إلى أن ربط كامل الأجنحة بالمنظومة الإعلامية سيمكن من فرض المزيد من الشفافية في المعاملات التجارية وأن عملية التهيئة ستمكن من الحد من الكثير من الاشكاليات المطروحة حاليا وخاصة منها المتعلقة بالجانب الأمني خاصة بعد تركيز« كاميراوات» المراقبة في جل الأجنحة معتبرا أن مراقبة مسالك التوزيع هي الضامن الوحيد لاستقرار الأسعار.