يبدو أن أجواء التوتر عادت لتخيم من جديد على علاقة القضاة بالمحامين وذلك إثر رفع قاضي تحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس قضية على عدد من المحامين واتهامهم بالإعتداء عليه في مكتبه وهو ما جعل نقابة القضاة تصدر بيانا في الغرض أعربت فيه عن مساندتها المطلقة لقاضي التحقيق المعتدى عليه واستعدادها للرد على هذه الاعتداءات بالطرق القانونية المناسبة داعية الهيئة الوطنية للمحامين إلى تحمل مسؤوليتها في التصدي لمثل هذه التصرفات التي اعتبرتها غير مسؤولة وقالت عنها إنها تعددت خلال الفترة الأخيرة ومن شأنها توتير العلاقات بين القضاة والمحامين بشكل غير مسبوق معتبرة أن مثل تلك التصرفات غير مسؤولة وتتنافى مع واجب احترام الهيئات القضائية وانحراف بحق الدفاع وتجاوز لأخلاقيات مهنة المحاماة. رئيسة نقابة القضاة السيدة روضة العبيدي قالت إنّ مجموعة من المحامين تجمهروا داخل مكتب أحد قضاة التحقيق يوم الجمعة الفارط وتهجموا عليه لفظيا احتجاجا على إصداره بطاقة ايداع بالسجن ضد الطالب فهمي القروي المتهم بمحاولة قتل أحد الطلبة بكلية الحقوق خلال وقفة احتجاجية قام بها الطلبة مؤخرا بتلك الكلية مؤكدة رفض النقابة لهذه الأشكال من التعامل وهذا الضغط على القضاة والتمادي في الإعتداءات عليهم. وقد اعتبرت العبيدي أن هذا التصرف الذي أقدمت عليه مجموعة المحامين ليس من أخلاقيات المحامي وأن هناك طرقا قانونية كان يفترض منهم توخيها مضيفة أن القاضي الذي وقع التهجّم عليه تقدم بشكاية في الغرض. هيئة المحامين تعكس الهجوم من جانبها أصدرت الهيئة الوطنية للمحامين بيانا قالت فيه إنه تأكد لمجلس الهيئة بعد اطلاعه على تفاصيل الوقائع التي جدت بمكتب التحقيق عدد 3 بالمحكمة الابتدائية بتونس بمناسبة حضور عدد من المحامين للترافع في أحد الملفات أمام قاضي التحقيق بالمكتب المذكور أنّ قاضي التحقيق الوارد ذكره أخل إخلالا فادحا بواجبات الاعتدال والحياد والاحترام المحمولة على القاضي بتعمده إهانة المتهم الماثل أمامه وفريق الدفاع الحاضر إلى جانبه وذلك برفض معاينة الأضرار الجسدية الظاهرة عليه متعللا بأسلوب تهكمي بأنه قصير النظر وأنه عديم حاسة الشم ،فضلا عن رفضه قبول المحامين مجتمعين بمكتبه ثم استحثاثهم للترافع متذرعا صراحة برغبته في قضاء حاجة ما وأن كاتبته في حالة مرضية يتعذر معها تحمل مرافعاتهم، فضلا عن انشغاله باستعمال هاتفه الجوال خلال مرافعات المحامين وذلك حسب التحريات الأولية الواردة على مجلس الهيئة الوطنية للمحامين وتقرير السيد القاضي المذكور بذاته المرفوع منه إلى السيد الوكيل العام الذي يتضمن إقراره بجزء من الوقائع المذكورة معتبرا إياها من قبيل التصرفات العادية والحال أنها منافية لقواعد التعامل بين القضاء والدفاع. وقد ذكّرت عمادة المحامين بتكرر الاعتداءات على حق الدفاع وعلى السلك في المدة الاخيرة باستعمال التتبع الجزائي مثلما حصل مؤخرا لعدد من المحامين بباجة أو التلويح به أحيانا أخرى مشيرة إلى أنّ ذلك لا يخدم الانسجام المفترض بين جناحي العدالة ولا يمكن السكوت عنه ويوشك أن ينتهي إلى نتائج غير محسوبة العواقب . وأكد مجلس الهيئة أن مهنة المحاماة الضاربة في عمق التاريخ ليست في حاجة لتذكير هياكلها بواجباتها التي تقدرها حق قدرها وترجو من غيرها الاقتداء بها مستغربة التسرع في إصدار البيانات في شكل تضامن فوري ورد فعل متشنج وغير رصين وعبر مجلس الهيئة عن رفضه كل إساءة للمحاماة وهياكلها معربا عن استعداد المحامين لخوض كافة النضالات المتاحة ضمانا لاحترام حق الدفاع وصونا لكرامة المحامين .