في حوار خاطف خص المسرحي القدير كمال التواتي «التونسية» بعد سنوات من الصمت بحديث عن المسرح قبل الثورة وبعدها. هل هناك اختلاف بين كمال التواتي في مسرحية» كلام الليل» وكمال في مسرحية «انعاش»؟ -سؤالك مهم لأن كل مقام مقال. «كلام الليل» مسرحية مهمّة قمت بها مع توفيق الجبالي ورؤوف بن عمر ومحمود الارناؤوط وقلنا كلاما في السياسة في وقت القمع والدكتاتورية وأعتقد أنه بعد مسرح «كلام الليل» جاءت مرحلة من التراجع والشعبوية أو ما يسمى بمجموعات «مسرح الشارع» أو التهريج. فليس كل ما يقال من طرف المواطن ينتقل الى خشبة الركح لان دور الفنان اهم دور في المجتمع وعليه ان يغربل ويقوم بمجهود في تنظيم افكاره وبلورة تصوراته في اطار منظم. وفي مسرحيتي الجديدة «إنعاش» أعيش تجربة مختلفة. فلقد انتظرت الثورة وإفرازاتها وقلت في نفسي كمال ماذا ستقدّم للثورة؟» اجتهدت في تجميع افكار مسرحية لكني لم اعتمد المباشرتية فكانت «إنعاش» مسرحية رجل حائر يعاني أزمة نوم وضغوط نفسية...مريض كثورتنا المريضة لكني لم اصرح بل قدمت كعادتي رسائل ونقدا هادفا،لكن «إنعاش» حسب رأيي هي تجربة مهمة جدا لي لانها مكنتني من التعبير عن افكاري عن الثورة فوق الركح. ولكن هناك من قال ان «أحنا هكّة» مضحكة اكثر من «إنعاش» التي هي تراجيدية بالاساس؟ -كل تجربة لها خصوصياتها و«إنعاش» مختلفة في الشكل والمضمون عن «أحنا هكة»، لكني اعتقد أنها مسرحية مضحكة لكن من نوعية الضحك الاسود المرّ وليست تراجيدية بل مسرحية مختلطة في المشاعر والاحاسيس المرضية الثورية التي اشبهها بالبركان أو العاصفة. «إنعاش» هي تجربة جديدة في مسرح كمال التواتي والجمهور اكتشف نوعية جديدة من المسرحيات بعد الثورة. ما رأيك في الاعمال المسرحية التي قدمت بعد الثورة؟ -سمعت اصداء طيبة عن «كلام الليل» و«صفر فاصل» و«الرهيب» و«تسونامي» و«غليان». ....وهل ترى ان المسرح تطور بعد الثورة؟ -قبل الثورة كانت الثقافة الطاغية ثقافة الميوعة من خلال حفلات فرحة شباب تونس التي اعتبرها نموذجا للسخافة في معناها الواقعي في تونس. فجمعية فرحة شباب تونس اهلكت المسرح والحفلات ونزلت به الى الحضيض والحقل التجاري فقط وحولت الثقافة لوسيلة للسهر والاستهتار لا غير. المسرح منذ عهد بورقيبة وخاصة في عهد بن علي بدأ ينحدر بل تراجع خطوات للوراء وهذا راجع لعدم الايمان به كهيكل ولاختيار سياسي قائم الذات اذ لم تكن هناك سياسة ثقافية واضحة وطغت الرقابة وتحول المسرح الى مجموعات من الشارع تبث ثقافة السوق وهذا متواصل لليوم في ظل انفلات اخلاقي ولغوي غير مسبوق. ماذا يقلقك في المتلقي؟ -اكثر ما يقلقني هو سؤال عندكش «حويجة جديدة» فكلمة «حويجة» لا تقال على عمل ابداعي وهذه دعوة لمراجعة موروثنا العامي في علاقته بالعمل الابداعي ومراجعة مخزوننا الثقافي تبدأ بنزع كلمة « حويجة» وتعويضها بمصطلح اكثر احتراما للثقافة. هل هناك قطيعة بين جيلك وجيل الشباب؟ -ليس هناك من له سلطة اقوى من سلطة الطبيعة. الاجيال تتغير ويبقى الابداع المعيار الوحيد للتفرقة بين فنان وآخر. هل ترى ان هناك خطأ مجتمعيا في تناول قضية الفن في الدول المتخلفة؟ -طبعا الفن في مجتمعاتنا العربية «شيء زايد» وهذا يدخل في موروث وجب تغييره ماهو جديدك؟ -عروض جديدة لمسرحية «إنعاش» يوم 19 فيفري بالمسرح البلدي ويوم 8 مارس في نابل ويوم 22 مارس في العاصمة مرة اخرى وعرض في باريس قريبا.