هل هي ضارة؟ هل تتسبب في مرض السرطان؟هل بالإمكان استعمالها بلا مضاعفات؟ أسئلة يطرحها مدخنو السيجارة الإلكترونية في كل مكان من العالم نظرا لتضارب التحاليل والآراء الطبية وشبه الطبية حول مضار أو «محاسن» تدخين هذه السيجارة على الصحة. هذا الاختراع الإلكتروني الذي يعمل ببطارية قابلة للشحن يوفر جرعات مستنشقة من النيكوتين وبذلك يؤمن لمستخدميه هذه المادة دون التعرض لأخطار القطران الموجودة في السجائر العادية كما أن بخار هذه السيجارة لا رائحة له ولا لون ولا يحتاج مستخدموها للخروج من الأماكن العامة لتدخينها. لكن ورغم عدم احتوائها على قرابة 4000 مكون ضار من مكونات السيجارة العادية فإن منظمة الصحة العالمية حذرت منها وأكدت على وجوب إخضاعها للرقابة لأنها تعتبر مستلزما طبيا يحتوي على مادة فعالة. تباع هذه السيجارة في تونس في المساحات التجارية الكبرى والصيدليات وعبر الأنترنات بأسعار تتراوح بين 80 و180 دينارا وذلك دون تصريح قانوني واضح يقنن بيع هذه السلعة ويلجأ بعض المدخنين اليها أملا في التخلص من التدخين العادي .و حسب آخر إحصائية لوزارة الصحة تبين أن نسبة المدخنين في بلادنا في ارتفاع حيث سجلت الإحصائية أن 50 بالمائة من الرجال و15 بالمائة من النساء و20 بالمائة من المراهقين يدخنون . أقل خطورة من السيجارة العادية؟ «عربي» يدخن منذ أكثر من 20 سنة ,حاول في العديد من المرات الإقلاع عن التدخين لكن كل محاولاته باءت بالفشل .عندما سمع عن «مزايا» السيجارة الإلكترونية اشتراها . يقول إن السيجارة الإلكترونية ساعدته كثيرا في تقليص عدد السجائر العادية التي يدخنها يوميا. وأكد أن التدخين الإلكتروني خلصه من المضاعفات التي كانت تسببها له السجائر العادية من العزوف على الأكل وضيق التنفس... نفس الأمر أكده صديقه «فارس» حيث بين أن السيجارة الإلكترونية خلصته تماما من السيجارة العادية وانه بصدد التقليص تدريجيا في جرعات النيكوتين ويأمل في الاستغناء نهائيا عن التدخين قريبا. في المقابل أكد «عصام» أن السيجارة الإلكترونية تسببت له في جفاف بشفتيه وتليف كبدي كاد يودي بحياته وبين أن طبيبه اعلمه ان السيجارة الإلكترونية تحتوي على مادتي الفورمالين والاكرولين وأنهما مادتان مسرطنتان وان السيجارة الالكترونية لا تقل خطورة عن السيجارة العادية. وأضاف عصام ان طبيبه أفهمه أن السيجارة الإلكترونية توفر «النيكوتين» من خلال بخار بدلاً من الدخان الذي توفره وسائل التدخين التقليدية، وان «النيكوتين» يعتبر مسببا أساسيا لأمراض القلب والشرايين وسرطان الرئة وجلطات الدماغ. على مستوى العالم حذر تقرير إيطالي من استخدام هذه السجائر وأكد أنها لا تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين بل تشكل خطرا على الصحة على عكس ما يعتقده البعض وقال التقرير إن السيجارة الإلكترونية تسخن «النيكوتين» السائل ليتحول إلى بخار يتم استنشاقه، ويقل تركيزه بعد بضع سَحبات من السيجارة الإلكترونية، ولذلك يضطر المدخن إلى زيادة قوة سحب النفَس لزيادة استنشاق “النيكوتين” المستخلص، مما يؤثر على الشُعب الهوائية ويضر بالرئتين بشكل ملحوظ بالرغم من أن كمية «النيكوتين» في السيجارة الإلكترونية أقل بكثير من السجائر العادية. من يستورد هذه السجائر؟ صنعت السجائر الإلكترونية لأول مرة في الصين ثم أصبحت تجارة مربحة جدا بما ان كل مدخني العالم يبحثون عن سبيل للتخلص من هذه الآفة التي تأكل الصحة والجيوب على حد سواء. وتستورد هذه السجائر عدة شركات تحصلت على رخص توريد من الإدارة العامة للتجارة الخارجية.و لقد حاولنا مرارا وعلى امتداد 5 أيام الحصول على المقاييس التي تسند على أساسها هذه الرخص وعدد الشركات أو الأشخاص الذين تحصلوا على هذه الرخص وهل تضع وزارتا الصحة والمالية شروطا على توريد هذا النوع من السجائر؟. لكن ورغم الإلحاح في طلب المعلومة باءت محاولاتنا بالفشل أو المماطلة رغم أن مكتبي الاعلام بالوزارتين المذكورتين لم يدخرا جهدا في توجيهنا إلى الأشخاص الذين يملكون كل أسرار هذا الملف. و قد علمنا من مصادر مطلعة في الإدارة العامة للتجارة الخارجية أن إسناد رخص توريد السجائر الإلكترونية توقف هذه المدة وذلك لأسباب مجهولة. وتجدر الإشارة إلى أننا توجهنا إلى وزارتي المالية والصحة لمعرفة ما إذا كانتا قد رخصتا ببيع هذه المواد في تونس وما إذا كانت هناك بحوث محلية حول مدى خطورتها على صحة مستهلكيها لكن كل وزارة قالت إنها غير معنية بهذا الملف؟ و بالتوجه إلى بعض الفضاءات التجارية التي توفر هذه السجائر علمنا انه لا يوجد قانون يمنع بيعها بما أنها مواد شبه طبية وتباع أيضا في الصيدليات وينصح بها بعض الأطباء علاوة على ان الدولة تمنح تراخيص توريدها. هذا بالإضافة إلى شركات أحدثت مواقع إلكترونية خاصة بالترويج لهذه السجائر ووضعت على ذمة الراغبين في شرائها أرقام هواتف .و بالاتصال بأحد هذه الأرقام اتضح أن هذه الشركات خصصت موظفات للتعريف بمنتوجها حيث أكدن أن صاحب الشركة يستورد السجائر الإلكترونية من إيطاليا وفرنسا بصفة قانونية وبالإتصال بصاحب الشركة أكد أن التوريد يقع تحت إشراف وزارة الصحة لكن عندما طلبنا منه تمكيننا من الإطلاع على تصريح وزارة الصحة أنهى المكالمة وتعلل بضيق الوقت . للتباهي...! يدخن عدد كبير من الموظفين والموظفات والشخصيات والعديد من المواطنين عموما السيجارة الإلكترونية ويحرصون على التباهي بها أمام الناس وفي الأماكن العامة ويعتبرونها «فيس» أو أكسسوار يكمل الأناقة .و قد أكد العديد من المواطنين الذين التقيناهم أنهم عادة لا يدخنون لكن شكل السيجارة الإلكترونية أغراهم ووجدوا أنها أنيقة ولا تضر لذلك أرادوا تجربة التدخين من خلالها . ومن جانبها أكدت الدكتورة منيرة النابلي المسؤولة عن البرنامج الوطني لمكافحة التدخين أن مسألة السيجارة الإلكترونية في تونس غير منظمة بعد وبينت أن البحوث مازالت جارية على الصعيد العالمي حول مضار تدخينها وقالت إن نتائج هذه البحوث ستصدر أواخر السنة الحالية. وأضافت الدكتورة النابلي أنه في الإنتظار لا بد من تنظيم بيع هذه المواد في تونس . وبسؤالها عما إذا كانت وزارة الصحة قد صرحت ببيع هذه السجائر وهل أشرت على مضارها أو «منافعها» أكدت محدثتنا أنها لا تعلم كيف يتم بيع هذه المواد وكيف يتم الأمر برمته في بلادنا؟؟؟ والثابت من خلال كل ما تقدم أن هذه السجائر ورغم أنها لا تحتوي على جل المكونات الخطيرة للسيجارة العادية فإنها تحتوي على مواد ضارة ومسرطنة على غرار الفورمالين والأكرولين والنيكوتين علاوة على أن مكوناتها غير معروفة ولا تحمل أية علامة جودة متعارف عليها. وقد علمنا من مصادر مطلعة أن جل السجائر التي تباع في بلادنا مهربة ومجهولة المصدر. وقد جاء في العديد من البحوث التي أجريت في الدول الأوروبية أنه بامكان هذه النوعية من السجائر التسبب في أمراض مستحدثة ربما تكون أكثر فتكا من السجائر العادية ولكن البحوث مازالت جارية لإثبات هذه الفرضيات من عدمها. لكن غموض هذا الملف في بلادنا يدعو للحيرة سيما أن بيع السجائر الإلكترونية أصبح تجارة مربحة جدا لذلك تحرص بعض الأطراف على احتكارها في ظل غياب إطار قانوني متكامل ينظم بيعها.