قرّرت أمس لجنة الحقوق والحرّيات والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني التأسيسي تشكيل وفد نيابي بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسفارة المصرية للمناداة بضرورة توفير كل ضمانات الحق في محاكمة عادلة وفقا للمعايير الدولية، وذلك إثر صدور الحكم في حقّ 529 مواطنا مصريا بالإعدام في ظرف قياسي من حيث العدد والسرعة، وغياب أسمى شروط المحاكمة العادلة، وما انجرّ عنها قبل يومين من تنديد شديد من قبل أغلب نواب المجلس التأسيسي خلال الجلسة العامة. ومازالت تداعيات المشهد المصري منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي في 3 جويلية 2013 تطرح بقوة تحت قبّة باردو، آخرها كان إثر إصدار محكمة المنيا المصرية أحكاما قاسية بالإعدام طالت 529 مواطنا مصريا من جماعة الإخوان المسلمين بتهم خطيرة تعلّقت بالإرهاب وإشاعة الفوضى، قال عنها أغلب نواب المجلس الوطني التأسيسي بمختلف توجهاتهم الفكرية والإيديولوجية قبل يومين إنها كيدية وتشير إلى التدّخل السياسي الانقلابي في شؤون القضاء المصري وأحكامه حسب وصف البعض منهم مشيرين إلى أنّه أمر يستدعي التحرّك النيابي المؤثر من تونس مهد الربيع العربي لوقف ما وصفوه بالمهزلة والإبادة الجماعية وهو ما تجاوبت معه أمس لجنة الحقوق والحرّيات والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني التأسيسي بعد أن قرّرت تقديم مشروع بيان لرئاسة المجلس يحمل موقف النواب من الأحداث الأخيرة في مصر واتخاذ موقف موحّد منها. وفي تصريح ل«التونسية»، أوضح النائب بشير النفزي عن كتلة «المؤتمر من أجل الجمهورية» صلب اللجنة، أنّ حقوق الإنسان في مصر تشهد انتكاسة وتدهورا واضحا، مبيّنا في ذلك أن قمع العسكر قد بلغ مدى غير مسبوق، ويستوجب الضغط عليه عبر القنوات الديبلوماسية والمنظمات الحقوقية الأممية والإقليمية في ظل التطورات المؤسفة التي انزلق إليها الوضع السياسي المصري وقضاؤه الجديد الذي حكم بإعدام 529 شخصا على خلفية انتماءاتهم السياسية حسب وصفه، بعد أن أضحى مسيّسا وموظّفا كآلة قمع تستعمل لإخماد كلّ رأي مخالف. وهو رأي توافق معه بشدة النائب إياد الدهماني عن «الحزب الجمهوري»، بعد أن أكّد في تصريح ل«التونسية» أنّ حزبه يقف شكلا ومضمونا ضد عقوبة الإعدام، معتبرا أنّ ما حصل في مصر يتجاوز مجرّد إصدار تلك العقوبة، من منطق أنّ المحاكمات كانت على خلفية سياسية وغير عادلة بالمرّة، و تشكل عقوبة جماعية مرفوضة من حيث المبدأ. كما أضاف الدهماني في ذات السياق أنّ هناك سعيا للخروج بموقف موحد في الساحة السياسية التونسية حول هذه القضية، مبيّنا أنّ المسألة ليست تدخلا في الشأن الداخلي المصري، إنما هي استجابة لما تمّ إقراره في الدستور التونسي الجديد من خلال التأكيد على كونية حقوق الإنسان وشموليتها، وهي مسألة اعتبرها الدهماني تتجاوز الحديث عن موضوع السيادة، داعيا في هذا الغرض إلى ضرورة لعب نواب الشعب لدور سياسي ديمقراطي مؤثر لدعم كل من يتعرّض للظلم حتى لو كان من الخصوم السياسيين، ومنوّها في السياق ذاته بما فعله عديد البرلمانين في أنحاء من العالم طيلة فترة الاستبداد من خلال وقوفهم إلى جانب الديمقراطيين والى جانب من ظلموا في محاكمات سياسية جائرة حسب قوله، كان آخرها محاكمات الحوض المنجمي سنة 2008.