للاستجابة للمعايير الدولية...الصناعة التونسية في مواجهة تحدي «الكربون»    القانون الجديد... بين إلغاء العقوبة السجنية أو الابقاء عليها ...الشيك بلا رصيد... نهاية الجدل؟    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    مجلس وزاري يتابع إجراءات مختلف الوزارات استعدادا لعودة التونسيين بالخارج إلى أرض الوطن..    عاجل/ هذا ما قررته محكمة التعقيب بحق المتهمين في قضية "انستالينغو"..    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    اليوم في رولان غاروس .. أنس جابر من أجل الدور الثالث    الرابطة في مأزق...الترجي يطالب باحترام الرزنامة    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    قريبا يشرع البرلمان في مناقشته هذه ملامح القانون الجديد للشيك دون رصيد    موجة اعترافات أوروبية جديدة بدولة فلسطين ...تسونامي يعصف بالاحتلال    رئيس الجمهورية يغادر تونس في اتجاه جمهورية الصين الشعبية    نقص فرص العمل عن بعد وضعف خدمات رعاية الأطفال يمثلان عائقا رئيسيا لوصول النساء إلى سوق العمل (دراسة)    بنزرت: الاذن بالاحتفاظ بشخص وفتح بحث تحقيقي من اجل اضرام النار عمدا بمنقولات في حادث نشوب حريق بمستدودع الحجز البلدي    تشييع الجندي المصري ضحية الاشتباك مع الإسرائيليين على معبر رفح    نائب فرنسي يرفع علم فلسطين خلال جلسة الجمعية الوطنية الفرنسية    مجلس ادارة الشركة التونسية للبنك يعين نبيل الفريني مديرا عاما بالنيابة للبنك    الشركة التونسية للكهرباء والغاز تطلق خدمة إلكترونية جديدة    بن عروس: متابعة ميدانية لوضعية المحصول بالمساحات المخصّصة للزراعات الكبرى    تصفيات كاس العالم 2026:غدا الاعلان عن قائمة لاعبي المنتخب التونسي    ملعب غولف قرطاج بسكرة يحتضن نهاية هذا الاسبوع كاس تونس للغولف    البطولة السعودية: نزول فريقي سعد بقير وأيمن دحمان الى الدرجة الثانية    قفصة: الدفعة الثالثة والأخيرة من حجيج الجهة تغادر اليوم في إتجاه البقاع المقدّسة عبر مطار قفصة-القصر الدولي    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    الصّفقات العمومية والانتدابات تشكّلان أهمّ مجالات سوء الحوكمة ما يتطلب تسريع وتيرة الرّقمنة - عبد المنعم بلعاتي    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    وزارة الصحة تنظم يوما مفتوحا بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    جنيف: وزير الصحة يستعرض الاستراتيجيات والخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    المنستير: أجنبي يتعرّض ل'براكاج' والأمن يتدخل    عملية بيع تذاكر'' الدربي'' : الأسعار... متى و أين ؟    لدعم خزينته: الأولمبي الباجي يطرح تذاكرا افتراضية.. وهذا سعرها    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    عاجل : الديوانة بميناء حلق الوادي تحبط محاولة تهريب'' زطلة و مخدرات ''    تذمّر المواطنين بسبب غلاء أسعار الأضاحي..التفاصيل    لأول مرة.. إعتماد هذا الإجراء مع الحجيج التونسيين    حادث مرور مروّع في القصرين    هيونداي تونس تتوج بعلامة "أفضل علاقات عامة" في المؤتمر الإقليمي لشركة هيونداي موتور في جاكرتا    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    هذا فحوى لقاء رئيس الدولة بالصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح..    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    فضيحة الساعات الفاخرة 'روليكس' تلاحق رئيسة بيرو    4 ألوان تجذب البعوض ينبغي تجنبها في الصيف    بن عروس : اختتام الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان علي بن عياد للمسرح    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابنة الأزهر الشرايطي (أسد جبل عُرباطة) تكشف ل«التونسية»:والدي رفض قتل بورقيبة والحاشية أخفت الحقيقة وأعدمته
نشر في التونسية يوم 09 - 04 - 2014

قصة «كمشة سُرّاح المعيز» بين الباهي الأدغم وقائد المقاومة
الأزهر الشرايطي فكّر في إزاحة بورقيبة سلميّا بسبب 7000 شهيد في بنزرت
شقيقي فوجئ بغياب قبر والدي.. فانتحر
افتكّوا ضيعتنا وحاولوا
تجويعنا ..
والدي تعرّض لمظلمة باعتراف القضاة
الأمين باي دعّم المقاومة المسلّحة وائتمن والدي على قصر حمّام الأنف

المقاومة هي التي مهّدت لاستقلال تونس وتسليم السلاح كان مساندة لبورقيبة
الأزهر الشرايطي بطل عربي شارك في حرب فلسطين ووسّمه عبد الناصر
حوار: أسماء وهاجر
ما هي النقاط حسب رأيك التي غفل التاريخ التونسي عن ذكرها في ما يتعلق بنضالات الأزهر الشرايطي وخاصة تلك المتعلقة بفلسطين؟
نضالات الازهر الشرايطي لم تخلق من عدم بل من رحم المناجم ومن دموع العمال ومن الحيف الذي لحق بحقوقهم ومن العنصرية التي كانوا يرزحون تحتها وهم فوق أرضهم المغتصبة ومن هنا انتفض والدي من اجل استرداد هذه الحقوق ورفض الاحتلال فتوجه إلى فلسطين وانضم إلى الجيش العربي وقد برز في الكفاح وتحصل على وسام الشرف من طرف جمال عبد الناصر بسبب عملية فدائية كبيرة قام بها تحت قيادة حسن الزعيم... كما انضم والدي إلى الاتحاد التونسي للشغل وانتخب كعنصر فعال كان له دور في الدفاع عن حقوق العمال وعن وجودهم وعن كل القضية التونسية وهناك مقولة للفاضل ابن عاشور تلخص الدور الفاعل لاتحاد الشغل في الاهتمام بالقضية الوطنية حيث قال «لئن كان هدف العمل النقابي الاوروبي الكفاح ضد البؤس المادي فان الكفاح النقابي في تونس كان ضد كل البؤس» فالاتحاد التونسي للشغل تبنى القضية التونسية ولم يتبن وضع العمال فقط»...
فوالدي بطل عربي بأتمّ معنى الكلمة تطوع للدفاع عن القضية الفلسطينية وذهب إلى فلسطين مشيا على الأقدام عن طريق ليبيا واستمات في الدفاع عن القضية التونسية لكن ما حدث ومازال هو عملية طمس متعمدة للتاريخ وليس لتاريخ الازهر الشرايطي فقط وهو تجاهل للحس الوطني لدى عمال المناجم
هل صحيح أن والدك استأثر بالاضواء مقارنة ببقيّة «الفلاقة» كساسي الأسود وغيره ؟
إنّ مشاركة الازهر الشرايطي في فلسطين كان لها الاثر في خلق العمل المسلح حيث تكونت لديه تجربة خاصة وهذا ما جعل الزعيم بورقيبة يتّصل به في مصر ويطلب منه الرجوع إلى تونس لمقاومة المستعمر وحرفيا قال له «ارجع لبلادك وقاوم» فاستجاب والدي لنداء المقاومة وعاد إلى منجم المظيلة تحت المراقبة المشددة وحصار المخابرات الأجنبية وعديد الأطراف التي كانت تعلم أن لزهر الشرايطي عاد من حرب فلسطين بخبرة عالية في استراتيجيات القتال فما كان منه إلا أن قرر الاختفاء في الجبل لوحده من اجل الاعداد لتكوين أوّل خليّة مقاومة بعد أن استولى على كمية كبيرة من المتفجرات الموجودة بالمنجم واستأمن على هذا السر اخيه عبد العزيز الشرايطي لأنه أهل لذلك وطلب منه مساعدته بالمؤونة وكل حاجياته إلا أن وشاية حالت دون ذلك فبقي والدي يعيش منعزلا بلا طعام أو شراب يقتات فقط على التمر لمدة ثلاثة اشهر همه فقط هو تكوين ثلة من المناضلين. وقد التف حوله «الهمامة» و«بني زيد» من أطلق عليهم «الفلاقة» وقد نجحوا بفضل خطط الازهر الشرايطي في تفجير المراكز الحيوية للمستعمر كالسكك الحديدية وغيرها ونصب الكمائن انتهت بتكبيد المستعمر خسائر فادحة وبانتصارات ساحقة في معركة سيدي عيش الرديف الاولى والثانية وجبل سمامة... وقد كانت هذه الانتصارات وراء ملاحقة الأزهر الشرايطي القلب النابض للمقاومة من طرف السلطات الفرنسية التي أصدرت في شأنه مناشير تفتيش. كما خصصت مكافأة مالية هامة تقدر بمليوني فرنك فرنسي لمن يقبض عليه حيا أو ميتا وقد نشر ذلك بجريدة «الرادار» 1954... فوالدي لم يسع يوما وراء الأضواء ولكن فرض نفسه بكفاحه وبحبه للوطن وهو من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه كما انه لم يستاثر بالاضواء على حساب بقية المناضلين كساسي الأسود وكل الفيلق ولم يُبْتَلَ بنشوة النصر فزعامته كانت ميدانية ولم يكن بعيدا عنهم وكان القلب النابض في ساحة الوغى وهو محرك المعارك إلى أن تم انتخابه بالإجماع من قبل المناضلين في مؤتمر جبل سمّامة بالقصرين ولقب ب«قائد جيش تحرير تونس»...
يشاع أن والدك أُمّي لكنه عاشق للحرية فكيف تلاقى هذان الضدّان فيه؟
الازهر الشرايطي بن احمد بن محمود الشرايطي ليس أميّا حيث التحق ب«الكتّاب» وأصبح يحسن القراءة والكتابة فرياض القرآن (الكتاتيب) هو المكان الوحيد المتوفر للبسطاء. صحيح أنه ليس لوالدي شهائد جامعية ولم تكن مبلغ همه لأنّ همّه كان أكبر من ذلك فهو حامل لرسالة وطن كثيرا من وجعه وفداه كثيرا وقد نال اهم المراتب العسكرية رتبة لواء اول من الميدان وليس من التعليم الاكاديمي فكفاءته ميدانية بامتياز ...
كان والدي مهتما بالفلاحة ومولعا برياضة العدو الريفي تزوج من ابنة عمه «طاوس الشرايطي» وكانت رفيقته في الكفاح ثم عمل في منجم المظيلة حيث كانت النواة الأولى لتنمية الحس الوطني لديه والوعي القومي العربي فمن رحم معاناة العمال وبؤسهم تعلم والدي معنى الحرية وحب الأرض وثار على كل المظالم فتطوع للذهاب إلى فلسطين دفاعا عن الأرض وعن الهوية العربية الإسلامية .... فوالدي لم يتعلّم هذه المفاهيم داخل المدارس والجامعات بل نهلها من ألم المستضعفين ودافع عنها...
هل لك علم بأول لقاء جمع الزعيم بورقيبة بالقائد الأزهر الشرائطي؟ وفي أيّة ظروف؟؟ وهل صحيح أنهما تبادلا عبارات المحبة حيث وصف بورقيبة القائد بذراعه العسكري ؟؟؟
كان أول لقاء لبورقيبة بالأزهر الشرايطي بمصر إذ طلب منه العودة إلى تونس والذود عن الوطن ....و في اواخر 51 زار بورقيبة رفقة عزوز الرباعي الجامعة الدستورية بقفصة حيث انعقد اجتماع هناك حضره المناضلون من حزبه ونقابيون وممثلون عن اتحاد الصناعة والتجارة واتحاد المزارعين وغيرها من المنظمات القومية لدراسة الوضع وفي نهاية الاجتماع اختلى بورقيبة بالأزهر الشرايطي واحمد التليلي واتفقوا على العمل المسلح وتأكد الزعيم بورقيبة أن للمقاومة رجالا يعول عليهم وتبادل مع والدي عبارات التقدير والمحبة وهو ما يبرر الخطاب القوي حينها للحبيب بورقيبة ...
هل لك إضافات بخصوص الأيام الصعبة التي عاشتها البلاد في 1952 خصوصا من حالات مطاردة وسجن للزعماء وحرب كر وفر خاضتها المقاومة...؟؟
في سنة1952 أمر المقيم العام «جون دي هوت كلوك»باعتقال الزعيمين الحبيب بورقيبة والمنجي سليم فاندلعت الاحتجاجات واعلن العصيان المدني ايام 18وما بعده 19و20 بدعم من الاتحاد العام التونسي احتجاجا على إيقافهما فكثرت أعمال القمع ضد المتظاهرين وسقط العديد من الشهداء...
وأمام التصعيد الذي قامت به فرنسا كانت ضربات الثوار متواصلة لمصالحها في كامل التراب التونسي وضغطت على وسائل الاعلام لضرب معنويات المقاومين والتونسيين... وكان والدي حاربها بنفس وسائلها اذ كان يبعث برسائل للمقاومين عن طريق وسائل الاعلام التي كانت في صف المقاومة -وهي قرينة أن والدي يعلم قوة تأثير الاعلام مثل صحف «العمل» و«الزهراء» وجريدة «الأخبار» و«الرقيب» وكل ما ينشد مصاف المقاومين الا ان فرنسا تتصدى وتجبر اعوانها على شراء هذه الصحف من مراكز بيعها قبل ان يطلع عليها العموم. فبين فيفري ومارس 52تواصلت الاضطرابات وأصبحت المظاهرات عامة والمواجهات عنيفة جدا عجز البوليس الفرنسي عن قمعها واخمادها فقامت المنظمات بنصب كمائن مستهدفة الخطوط الحديدية وخلّفت المعارك شهداء والعنصر الأساسي في تحريكها هو الازهر الشرايطي مع العلم أن الجيش الفرنسي عاد من فيتنام بخبرة كبيرة مما أدى إلى تضاعف عدد الشهداء وحركة المقاومين جعلت اهالي الجنوب ينضمون إليها ويزودونها بالمؤونة والسلاح من مخلفات الحرب العالمية الأولى ومنهم والدتي السيدة طاوس الشرايطي... وعندما تكاثر عدد المقاومين طلب منهم والدي أن تتفرع إلى العديد من المناطق وخاصة الشمال.
كان والدي يمد المقاومين بالتكتيك الحربي ويؤكد على الاقتصاد في الذخيرة بسبب نقصها ورغم الفارق في العدد والعدّة بين المقاومة وبين جيوش الاحتلال كان للثوار بقيادة الأزهر الشرايطي القدرة على مواجهة جنود الاستعمار وتكبيدهم خسائر كبيرة -مع العلم أنّ الأزهر الشرايطي ليس قائدا نظريا يقود المعارك عن بعد فقط بل كان في قلب الرحى يهتم بكل شاردة وواردة ويوزع الأدوار بين الثوار- انتهت إما بانسحاب الجيوش الفرنسية أو بوقوعها في كمائن الثوار ...ولعل أهم ما يشار إليه أثناء هذه المعارك الضارية هو اللحمة بين سكان المناطق المختلفة وتكاتفهم في التمويه بل العدو ولعل هناك حادثة ظلت عالقة في ذهني هي قصّة راعي غنم كان يتتبّع خطوات رجال المقاومة بقطيعه لمحو أقدام الثوار حتى تطمس ولا يلاحظها العدو ...
بعد مقاومة شرسة قادها ضدّ المستعمر كان والدك أوّل آمر فصيل مقاوم يمتثل لقرار الزعيم الحبيب بورقيبة في تسليم السلاح.. ما تعليقك؟
أول ديسمبر 54 ذهبت أول مجموعة مكونة من22 مندوبا تونسيا و22 ضابطا فرنسيا على إثر نداء مشترك بتسليم السلاح من اجل الاستقلال الداخلي صادر عن تونس وفرنسا لملاقاة «الفلاقة» اي الازهر الشرايطي قبل 9ديسمبر وهذا ما كتبته جريدة «باريماتش» عن تلك الفترة فلولا المقاومة لما نجح بورقيبة في فرض الهدنة فالمقاومة هي التي مهدت الطريق لاستقلال تونس.
لقد وافق القائد الازهر الشرايطي رغم فوز المقاومة على العدو على تسليم السلاح وأرغم فرنسا على المصادقة على الاستقلال وكان ذلك ضمانا لحياة الزعيم السياسي الحبيب بورقيبة وليست هزيمة بالنسبة إليه وليس تقليلا من قوة المقاومة بل هو عربون وفاء قدمه القائد لزهر الشرايطي لبورقيبة وهي النقطة التي تجاهلها المؤرخون وتسليم السلاح لم يكن في بيت طاعة بورقيبة بقدر ما كان مساندة له...
هل تحمل مؤازرة الازهر الشرايطي لبورقيبة في حربه على اليوسفيين معاني لاغتيال صالح بن يوسف؟
كان موقف الازهر الشرايطي في الخلاف البورقيبي اليوسفي محايدا حيث كان يحاول تطويق الخلافات بينهما التي كانت خلافات على الزعامة والسلطة وكان ينصحهما بوضع الوطن فوق المصلحة الشخصية... فالحديث عن مؤازرة بورقيبة في هذا الصراع هو قول مردود أولا لأنّ والدي يكنّ نفس المحبة للزعيمين وثانيهما وهو الأهم أن هذا الصراع تزامن مع اندلاع حرب التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954حيث توجه والدي لمساعدة الجزائر اذ امد المقاومة الجزائرية بالأسلحة لأنه وخلافا لما يروّج له لم يسلم العدو الفرنسي إلا الاسلحة القديمة والبسيطة أما الهامة فقد تركها لثوار الجزائر... كما كان كثير الاتصال برئيس جبهة التحرير الوطنية الجزائرية التي تكونت في تونس فهو لم يبخل على رجالها بالدعم اللوجستي والمعنوي وكان والدي يستقطب الثوار الجزائريين الذين سمعوا عن انتصاراته واستقبلهم وألهمهم من نفحاته الكثير وكان من بينهم امرأة وهي صحفية «محجوبة الموساوي» التي قدمت لتونس وطلبت لقاء والدي في الجبال من اجل أن تتلقن دروسا في المقاومة من القائد الرمز الذي اكرم وفادتها وكرمها لأنه كان يؤمن بالدور المركزي للمرأة في الجهاد وقدم لها كل اشكال الحماية ثم عادت إلى الجزائر والتحقت بالمقاومة الجزائرية واستشهدت... فوالدي هو من اهدى النجاح للجزائر لكن المؤرخين تجاهلوا ذلك...
هل صحيح أن بورقيبة جازى الازهر الشرايطي بمنزل من أجل تحالفه معه وسمّى منطقة الزهراء نسبة له؟
هذا غير صحيح. والدي استقر بقصر الباي بحمام الانف باقتراح من الأمين باي - وهذا للتاريخ فالأمين باي دعم المقاومة بشهادة ابنه الشاذلي باي - لمدة اربع سنوات من 1956 إلى 1960وقد كان والدي أمينا على محتويات القصر وعلى المجوهرات الثمينة الموجودة به حيث قام بوضعها في غرفة خاصة احكم غلقها واحتفظ بمفاتيحها. هذه المجوهرات التي استولت عليها وسيلة فيما بعد وضمتها لخاصة نفسها وقد خرج والدي من القصر بإرادته لأنه اعتبر أن هذا القصر هو ملك للشعب التونسي ...اثر ذلك تحصل والدي على قرض بنكي واقتنى منزلين حيث رفض عرض بورقيبة المتمثل في مده بمنزل مجانا ثم تزوج من السويسرية برضا زوجته الاولى وكانت غايته هو أن يكون له أبناء من الذكور وقد كانت علاقتها بوالدتي طيبة جدا وانجب منها خمسة أبناء سليم ودليلة وجميلة وحمزة وكريم وكنا نجتمع جميعا في بيت والدتي واحتفظ إلى اليوم بحلاوة ذكريات تلك الأيام ...
بعد الاستقلال تعاطى والدي الفلاحة ولم يعد يهوى الذهاب إلى القصر خاصة في الفترة التي أصبح فيها بورقيبة مسيّرا من أطراف أخرى وفي هذا الإطار استغرب من كلام أحمد بن صالح الذي صرح أن والدي طلب منه ضيعة فهذا تصريح مغلوط لان الأزهر الشرايطي الوحيد الذي سمح له بلقاء بورقيبة متى يشاء فكيف له أن يترك الرئيس ويذهب إلى من دونه ؟؟؟ فوالدي لم يستغل علاقته ببورقيبة بل اشترى من معمرة فرنسية في 1958قبل التأميم ضيعة فلاحية وشجّرها وغرسها وذلك بقرض فلاحي من البنك القومي الفلاحي سدده بالكامل قبل وفاته فوالدي لم تكن لديه اطماع سياسية أو مادية وكان وطنيا حد النخاع في جميع ممارساته.
بعد ما يزيد عن 50 سنة من حادثة الإنقلاب هل تَرَين أنّ بورقيبة ظلم القائد الشرايطي؟؟ ولماذا حيد الصادق المقدم من المشاركة والمؤامرة.... وهل تظنين أن القائد كان فعلا مشاركا في عملية الإنقلاب؟؟؟ ...
كان هدف المقاوم الأزهر الشرايطي تحرير البلاد وكان حلمه أن يرفرف علم تونس وان يعيش كل تونسي في أمان وكرامة وعدالة. قضى حياته في الجهاد لكن بعد الاستقلال ورغم تضحيات آلاف الشهداء لم تتحقق تلك المكاسب فقد تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتكاثرت الجهويات ولاحظ والدي أنّ الجنوب محروم ومهمّش (فقر مدقع) وكان يوميا يتلقى شكاوى عائلات الثوار الذي ضحوا بالغالي والنفيس في حين أن المناطق الساحلية تستأثر بالتنمية وقد آلمه ذلك كثيرا فطلب لقاء بورقيبة واجتمع به واقترح عليه مدّ عائلات الثوار بمنحة فأحاله على الوزير الأول الباهي الادغم وشرح له مقترحه فقال له حرفيا «اسمع يا سي الأزهر تحب تونس تملك نصفها لا حرج اما الكمشة متاع سراح المعيز تحب تعمللهم
منصب فهذا مرفوض»فغضب والدي كثيرا وقلب عليه المحبرة واجابه «الكمشة متاع سراح المعيز جابو الاستقلال وخلاوك تشد الكرسي»... فقد ظلّ والدي وان لم تكن لديه اطماع سياسية مراقبا للوضع ومدافعا عن المحرومين ووفيّا لجهود الثوار وعائلات الشهداء وقد طالب بإنشاء مكتب يهتم بشؤونهم ومعالجة اوضاعهم إلا أن مقترحه جوبه بالرفض بحجة أنّ ذلك يرهق ميزانية الدولة في حين لم ترهق هذه الميزانية من قصور بورقيبة التي انكب على تشييدها... لكن النقطة التي أفاضت الكأس لديه هي ما فعله بورقيبة في حرب بنزرت عندما زج بشباب أعزل في محرقة جيش متدرب والحصيلة كانت سبعة الاف شهيد حيث فكر الازهر الشرايطي في اعفاء بورقيبة من مهامه بطريقة سلمية ومدنية ووضعه في إقامة مريحة بقصر المرسى احتراما لزعامته وتعيين حكومة من الوطنيين من بينهم المنجي سليم قادرة على التصدي للفقر وتقليص الفارق الجهوي. ففكرة اعدام بورقيبة لم تصدر عن الأزهر الشرايطي بل عن مجموعة عسكرية كانت تنوي قلب النظام وقد اتصلت بوالدي واقترحت عليه اعدام بورقيبة وقلب النظام من نظام جمهوري إلى نظام عسكري إلا أن والدي رفض ذلك لأنه كان يرفض أن يزج بالشعب التونسي في مصير مظلم وعندما رفض انفرد العسكريون بالمؤامرة فيما استأنف والدي عمله بضيعته وقد حاول شرح حقيقة ملابسات الأمور في رسالة لبورقيبة إلا أن الحاشية قطعت الطريق أمام الحقيقة وأعدم والدي فيما عفا بورقيبة عن الطيب المهيري والصادق المقدم وذلك حتى لا تهتز صورته أما الراي العام التونسي والعالمي ويظهر فاقدا للشرعية.
كيف تنظرين إلى تحويل بعض المؤرخين والدك من مجاهد وقائد المقاومة إلى «انقلابي» ؟
هذه مظلمة كبيرة في حق المناضل المقاوم الذي أحبّ كل التونسيين من الشمال إلى الجنوب وهذا ما جعلني أكوّن مركز الأزهر الشرايطي المتوسطي لإنصاف النضالات الوطنية وذلك دفاعا عن الأزهر الشرايطي وبطولاته ولأعرّف بكل المقاومين الذين تجاهلهم تاريخ تونس. وقد أنشئ هذا المركز في 21نوفمبر 2012 بالتطابق مع ذكرى معركة سيدي عيش الشهيرة ويؤسفني انه بعد الثورة لم يهتموا بهذه الذكرى رغم اهميتها ورغم أنها صنفت من بين اكبر المعارك الشهيرة بشمال إفريقيا من طرف الاجانب وبعدها في 1ديسمبر 1954التي جعلت فرنسا تطلب الهدنة....
كيف تفسّرين إقبال بورقيبة على إعدام والدك رغم كلّ الحبّ الذي كان يكنّه له؟
كان الحب والتقدير متبادلين بينهما طيلة فترة الكفاح المسلح لكن بعد الاستقلال وتكوين الحكومة واستفراد بورقيبة بالحكم وتضخم الانا لديه تغيرت نظرته إلى الذي رفض أن تسير البلاد إلى الهاوية ويعبث بالوضع في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة وكانت مبادرته بإعفاء بورقيبة بطرق حضارية سلمية بسبب انحرافه عن مبادئه التي جمعته مع والدي وهي التفاني في حب الوطن ونكران الذات. فبورقيبة لم يكن في ساحة الوغى ورغم ذلك سانده والدي ولكن همّ بورقيبة كان المحافظة على مكاسبه فداس على القيم وعلى الشهداء والصداقة والوفاء لدماء الشهداء فكان الحكم القاسي ضد والدي ...
هل رواية وشاية سياسي فاعل جدا اليوم وراء عملية اعدام لزهر الشرايطي صحيحة أم لا خاصة أن هذا السياسي كوفئ بمنصب هام بعد ذلك ؟
ليس لي علم بذلك لذلك نطالب السلط بتمكيننا من الارشيف ونحن لا نكيل التهم بلا دليل ...
ما رايك في ما يُروّج في ظل غياب رفات والدك - إلى حد تسميته بصاحب القبر المجهول- أنه لم يعدم وان هناك عملا مخابراتيا وراء الحكاية؟
رفات الازهر الشرايطي كانت من اولويات المطالب التي تقدمت بها العائلة من سنوات قبل الثورة لكننا والى يومنا هذا لم نتحصل عليها وهذا الامر الاليم كان وراء وفاة شقيقي كريم الشرايطي وهو من الكفاءات من الطراز العالمي حرم من والدي ولم ينعم برؤيته وحين عاد إلى تونس وهو في سن 28 توجه إلى مسقط رأس والدي (قفصة) للترحم على قبر أبي ففوجئ بعدم وجوده وإثر عودته إلى سويسرا وضع حدا لحياته...
عاد شقيقي إلى تونس بمجهود شخصي مني حيث عانينا التجويع والتشتيت ورغم محاولات زوجة والدي السويسرية إيجاد عمل فإنّ السلطات التونسية رفضت تشغيلها بحجة أنها «زوجة مجرم» فاضطرت إلى التوجه لسفارة سويسرا التي تكفلت بمصاريف عودتها واستقرارها هناك فيما اضطرت والدتي طاوس إلى كراء غرفتين بعد أن افتكوا منا ضيعتنا حتى تتكفل بمصاريفنا فيما بقينا نعيش في غرفة واحدة وقد اتصلت والدتي ببورقيبة الذي سمح لها بكراء البيت الثاني إلا أن حاشيته حالت دون تمكيننا منه.
أما ما يروج عن وجود عمل استخباراتي فلا علم لي بذلك وقد اتصلت بوزير الدفاع وطالبت بالأرشيف واعطى وزير الدفاع التعليمات لتمكيننا من المعلومات المتعلقة بمكان دفن الوالد وقمنا بجميع الإجراءات واتصلوا بنا واعلمونا أنه تم تحديد القبر لكن وبعد حوالي عام فوجئنا بعدم العثور على رفات الوالد وقد تقدمنا بشكاية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة العسكرية الذي اعتبر أنّ المكان الذي دفن فيه قد يكون تعرض لانجراف فانجرفت معه الجثة ونحن مازلنا نطالب بإجراء حفريات أخرى للكشف عن الحقيقة...
في تصوّرك لو نجح انقلاب 1962 على بورقيبة كيف كانت ستكون تونس اليوم.. ؟؟؟
في تصوري لو نجح الانقلاب الذي كان بتزعم العسكريين الذين أرادوا أن يقتلوا بورقيبة لدخلت البلاد في وضع صعب لان تونس لم تكن «حاضرة» لحكم الجيش المعروف بالصرامة والانضباط ولدخلت البلاد في فخ الفوضى. ولو نجحت رؤية والدي في محاولتها الاصلاحية والتصحيحية التي أرادها لأدّت إلى وضع سليم يشمل تمتع كل جهات البلاد بالكرامة والعدالة الاجتماعية والمبادئ الديمقراطية التي كان الازهر يسعى إلى تحقيقها منذ عودته من فلسطين. فشعارات ثورة 14جانفي هي مواصلة لمشروعه ونظرته هي استشراف للثورة التي اندلعت في جانفي 2011...
ما هو أكبر ألم تحمله ابنة الازهر الشرايطي وأنت بصدد سبر أغوار تاريخ والدك ؟
أكبر ألم اشعر به اليوم وخاصة بعد ثورة 17 ديسمبر و14جانفي 2011 ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية هو عدم تمكننا من رفات والدي الذي أدين في محاكمة ظالمة باعتراف القضاة انفسهم فالمؤسسة العسكرية لعبت دورا كبيرا في محاكمة الأزهر الشرايطي وجماعته حيث صدر حكم بالإعدام دون توفير ضمانات المحاكمة العادلة وكان ذلك باعتراف من القضاة انفسهم في مداخلة تحت عنوان القضاء العسكري والتحولات السياسية ... «لعبت دورا في محاكمة الأزهر الشرايطي وجماعته» مشيرا إلى ان القضاء العسكري اصدر احكاما بالإعدام دون توفير ضمانات محاكمة عادلة وكذلك تشويه صورته النضالية فإلى جانب الألم والحرمان اللذين عاشتهما العائلة والابناء القصر الذين كانوا في حاجة كبيرة إلى رعاية ابوية حرمونا من اي مورد رزق وافتكوا منا منزلنا رغم اننا نتحوز بشهائد تثبت حقوقنا والى اليوم لم نستردها, تشويه صورة والدي, جروحنا وآلامنا لن تمحوها السنوات الطوال ...
اليوم رجاؤنا من الحكومة أن تقدر عذاب هذه العائلة المناضلة لتعيد لنا رفات المرحوم لندفنه بكرامة. كذلك نطالب باسترجاع ضيعتنا التي كانت المورد الوحيد للعائلة وقد سدد والدي ثمنها. كذلك نطالب باسترجاع المسكن الكائن بالزهراء والذي اقتناه والدي بموجب قرض بنكي ولم يتمكن من تسديد اقساطه اثر وفاته والعائلة مستعدة لإكمال أقساطه واسترجاع البيت الذي يحتوي على كل ذكريات والدي المغدور مع كل افراد العائلة... واملي أن يلقى ندائي آذانا صاغية... وانني كابنة المقاوم الأزهر الشرايطي ارث من هذا البطل الوطني الحب القوي لبلادي التي اتمنى أن يسود فيها الأمن والعيش الكريم وأن تتحقق فيها مطالب ثورة جانفي 2011 والتي هي امتداد لثورة 1952و1954وما بعدها التي قادها لزهر الشرايطي وكانت كلماته للمقاومين «إلى الامام حتى النصر» تزيدهم قوة وعزيمة وحلم والدي أن تتحقق الحرية اثر الاستقلال والكرامة والعدالة. تلك هي قيم الديمقراطية التي تحركت من اجلها ثورة 14جانفي ووفاء لشهدائنا الابرار فلنعمل حكومة وشعبا على تجسيم هذه القيم التي من دونها لن يتحقق الاستقرار ويعم الازدهار الاقتصادي والاجتماعي ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.