«ما الذي يمكن أن يعطّل ملكة التّفكير غير الإحساس بالظّلم والسعي بكل الأساليب إلى الهروب من هذا الواقع المرير؟ ! ...ما الذي يدفع إنسانا عاقلا ومؤمنا للوقوع في محظور الانتحار غير الإحساس بالقهر حدّ الانفجار؟ !...خلاصة القول أن الإحساس بالظلم أقوى من الموت ولذلك عادة ما يستعصي على المظلوم السيطرة على نفسه والتحكم في تصرفاته قبل وقوع الكارثة»... هكذا برّر بلال الوشتاتي بطل تونس وإفريقيا في المصارعة إقدام والدته مسعودة الوشتاتي يوم السبت الماضي على إضرام الناّر في جسدها في محاولة منها لثني رجال القوة العامة عن تنفيذ قرار إخلاء المنزل الذي يؤويها وزوجها وأبنائها الثلاث. و تعود تفاصيل الواقعة حسب البطل التونسي في رياضة المصارعة إلى مداهمة منزل العائلة الكائن بحي البساتين من منطقة المنيهلة من قبل القوة العامة في محاولة لإخلائه من متساكنيه وذلك على اثر خلاف عقاري حول ملكية الأرض التي شيد عليها المنزل سنة 2003... «بلال» وصف قرار الإخلاء باللاقانوني،مؤكدا انه تم اقتحام المنزل بالقوة العامة والحال انه لم يصدر بعد إذن قضائي بذلك-على حد تعبيره-،ساردا تفاصيل الواقعة (باكيا): «يوم الواقعة،قام أعوان الأمن باستدراجي إلى مركز الأمن التابع لمنطقة المنيهلة قبل أن يقوموا باقتحام منزلي وتعنيف والدي ووالدتي وأختيّ وأبنائهما...»،لاطما وجهه «حتى ابن أختي الصغير والبالغ من العمر 20 يوما لم يسلم حيث تم الاعتداء عليه بالعنف الشديد والشهادة الطبية التي تسلمتها في الغرض تثبت ذلك». ويمسح بلال دموعه قبل أن يتابع قائلا: «وأمام الإحساس بالظلم الشديد سكبت والدتي البنزين على رأسها مهددة بإضرام النار في جسدها في حال ما لم يتوقف الأعوان عن تعنيف قاطني المنزل ومحاولة إخراجهم من المنزل الذي يؤويهم بالقوة... ولكن أعوان الأمن لم يعدلوا عن صنيعهم، بل إن احدهم قام باستفزاز والدتي من خلال مده إياها بعلبة ثقاب، داعيا إياها إلى تنفيذ وعيدها ان كانت صادقة ،معربا في السياق ذاته عن لامبالات الأعوان بما قد يلحق بها... وأمام هذا الاستفزاز ثارت ثائرة والدتي ونفذت تهديدها وهي الآن بين الحياة والموت حيث ترقد في قسم الإنعاش بمركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس نتيجة تعرضها لحروق بليغة على مستوى الوجه والرقبة والكتفين». و عن الوضعية القانونية للأرض موضوع النزاع، مدّنا بلال بجملة من الوثائق والشهائد التي تثبت أن ملكية الأرض التي شيد عليها منزله تعود إلى عائلته، مضيفا: «لسنا من الذين قاموا بالسطو على أراضي الغير واستغلالها بعد الثورة حتى نقول أن الأرض ليست أرضنا حيث أن المنزل شُيّد سنة 2003،زد على ذلك كل الوثائق والشهائد تثبت أن الأرض أرضنا ولكن الطرف المنازع لنا استغل إعاقة ابنه ليستغلها في خصوماته القانونية ويفتك بها ما ليس له من الأصل». و أعرب بلال عن شديد أمله في أن ينصفه القضاء في طور الاستئناف ليسترجع حقّه وفي أن يفتح بحثا استعجاليا للكشف عن ملابسات اقتحام المنزل ومدى قانونية تدخل القوة العامة،داعيا السلطات المعنية إلى التدخل لإنقاذ والدته واسترداد حقه،معربا عن استغرابه من صمت كل الأطراف المعنية أمام المظلمة التي قال انه يتعرض إليها،متسائلا «هل هكذا يكافأ المرء في وطن قدّم له الكثير وبذل نفسه في سبيل إعلاء رايته عاليا بين الأمم؟؟؟». فؤاد مبارك