بقلم: أبو غسان أطلق الأسبوع الماضي الهادي الجيلاني الرئيس السابق لمنظمة الأعراف صيحة فزع بسبب تواصل منعه من السفر، معتبرا أنه «يتعرض إلى حيف كبير آن أوان رفعه عنه بعد أن أثبتت مختلف الاختبارات التي أذن القضاء بإجرائها أنه لم يخالف القانون»، وانه «من حقه كمواطن تونسي استرجاع جواز سفره». أكثر من ثلاث سنوات مرت وبعض رجال الأعمال ممنوعون من السفر. وما فتئ العديد منهم يؤكد أن هذا الإجراء لم يتسبب في خسائر كبيرة لهم فحسب، بل إن الخسائر طالت الاقتصاد بسبب الشلل الذي أصاب بعض مؤسساتهم، فضلا عن الأضرار المعنوية الأخرى التي تكبدوها وخاصة الإساءة التي لحقت بصورتهم وسمعتهم سواء في أوساط المال والأعمال داخليا وخارجيا وحتى على المستوى الشعبي. ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر أثار نقاط استفهام عديدة، يتعلق بعضها بالمقاربة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة في تعاملها مع هذه القضية. فقد كان من الأجدر معالجة هذا الملف شأنه شأن العديد من الملفات الأخرى من خلال العدالة الانتقالية التي تسبب تأخرها في تعقيد هذه المسألة ومسائل أخرى كثيرة عالقة. وفي غياب ذلك كان بالإمكان أيضا تعويض قرارات تحجير السفر بإجراءات تحفظية أخرى وخاصة مالية ضد كل من ثبت تجاوزهم للقانون. ويجري اليوم حديث كثير عن تعرض البعض من الممنوعين من السفر من رجال الأعمال خاصة إلى الضغوط والابتزاز. ويرى بعضهم أنهم يتعرضون لتصفية حسابات وحتى للتشفي والانتقام. والثابت في كل الأحوال أن بقاء هذا الملف مفتوحا لأكثر من ثلاث سنوات في مرحلة التقاضي دون الحسم فيه هي فترة طويلة في عمر مؤسسة اقتصادية وفي مسيرة صاحبها، وان ذلك تسبب في خسائر اقتصادية للمجموعة الوطنية، في لحظة تظل فيها البلاد في حاجة أكيدة لتجنب تعطيل أية طاقة من الطاقات ما لم تكن هناك موانع قانونية كبرى. لقد آن الأوان اليوم للحسم في هذا الملف عبر مراعاة العديد من المعطيات سواء الاقتصادية منها أو الإنسانية دون التغاضي بطبيعة الحال عن حقوق الدولة. وهذا يفرض على القطب القضائي الإسراع بالحسم في القضايا المالية العالقة التي طال أمدها، ويتطلب وضع الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة على ذمة هذا القطب القضائي حتى يقوم بعمله في أحسن الظروف لأنه بعث أصلا وبالدرجة الأولى من أجل ذلك في انتظار أن تأخذ العدالة الانتقالية مجراها.