بقلم : عبد الوهاب الهاني (رئيس حزب المجد) «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» يوم 16 أفريل 1988، امتدت يد الغدر الصهيونية وتسللت إلى ترابنا لترتكب جريمة العُدوان على تونس وجريمة الاغتيال السياسي ضد الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد)، في ضاحية سيدي بوسعيد شمالي العاصمة تونس. وهي الجرائم النكراء التي أدانها مجلس الأمن بعد أيام قليلة في قراره 611 لسنة 1988، الصادر في 25 أفريل 1988، الذي نظر في الشكوى التونسية ضد إسرائيل واستمع إلى بيان وزير الخارجية المرحوم محمود المستيري، ثم أقر بالأغلبية التي تُلامسُ الإجماع ب 14 صوتا مقابل صفر (0) دولة ضد واحتفاظ دولة واحدة (1) هي الولاياتالمتحدةالأمريكية دون استعمالها لحق النقض-الفيتو. وجاء القرار واضحا في إدانة جريمتي العدوان والاغتيال السياسي، دون أن يرقى إلى إدانة الُمعتدي إدانة مباشرة بل ضمنية، نظرا لاستماتة الولاياتالمتحدةالأمريكية في اعتبار أن الدولة العبرية لم تتبنَّ رسميّا الجريمة. وقد جاء في هذا القرار التاريخي، أن مجلس الأمن: «... أحيط علما،، مع القلق بأن العُدْوَان المرتكب في 16 أفريل 1988 في ضاحية سيدي بوسعيد أسفر عن خسائر في الأرواح البشرية وأدى بصورة خاصة إلى اغتيال السيد خليل الوزير»، وذكَّر المجلس بقراره رقم 573 لسنة 1985، الدي صدر بعد جريمة العُدوان الإسرائيلية على تونس وعلى مقر منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة حمام الشاطئ الشهيدة، غرة أكتوبر 1985، وهو القرار الذي «أدان إسرائيل وطالبها بالامتناع عن ارتكاب مثل هذه الأعمال العدوانية أو التهديد بارتكابها». وقرَّر ممجلس الأمن في ذات القرار 611 لسنة 1988: 1 « يُدين إدانة شديدة العدوان المُرتكب في 16 أفريل 1988 ضدّ سيادة تونس وسلامتها الإقليمية، في انتهاك صارخ لميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي وقواعد السلوك الدولية», وأمام التعنُت الأمريكي وحرصا على استصدار قرار توافقي لمجلس الأمن مع تفادي الفيتو الأمريكي، استمات الوفد التونسي آنذاك برئاسة المرحوم محمود المستيري، وهو وزير الخارجية والديبلوماسي المُحنك، طيَّب الله ثراه، الذي تمكن بإعانة أعضاء الوفد وعلى رأسهم سعادة سفيرنا لدى الأممالمتحدة أحمد غزال والسفير محمد فريد الشريف وآخرون من أشاوس الديبلوماسية التونسية، تمكنوا من إدراج فقرة تلزم المجلس بمتابعة القرار لفتح الباب لإدانة المعتدي (الفاعل) بوضوح وبلا مواربة بناء على الإدانة الواضحة لجريمة العُدوان (الفِعل). حيث ورد في الفقرة الرابعة من القرار: 4 - «يطلب (مجلس الأمن) من الأمين العام (للأمم المتحدة) أن يُقدّم تقريرا على وجه السرعة إلى مجلس الأمن عن أية عناصر جديدة تُتاح وتتعلق بهذا العدوان». كما عبّر المجلس في الفقرة الثالثة «عن تصميمه على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان تنفيذ هذا القرار»، كما قرَّر في الفقرة الخامسة والأخيرة «أن يبقي هذه المسألة قيد نظره». وبعد الاعترافات الإسرائيلية الأخيرة وتبجُّح ضباط جيش الاحتلال بضلوعهم في العملية وتقديم الإعلام العِبري الخاضع للرّقابة العسكرية للتفاصيل الدقيقة لهذه الجريمة النكراء (العُدوان والاغتيال السياسي)، وجب على الدولة التونسية وعلى دولة فلسطين المطالبة بتفعيل الفقرة الرابعة من القرار 611، اعتمادا على الفقرات الثالثة والخامسة من ذات القرار لمواصلة المعركة الديبلوماسية التي بدأها المرحوم محمود المستيري وأعضاده البررة والمطالبة بإدانة المُعتدي وتجريمه. وهو المطلب الذي رفعه «حزب المجد» إبّان اعترافات سلطات الاحتلال في موفى سنة 2012. وهو المطلب نفسه الذي نتوجّه به اليوم مُجدَّدا للدولة التونسية ممثلة في وزير الخارجية ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكافة النشطاء في المجتمع السياسي والمدني والإعلامي، للكشف عن كامل الحقيقة وللدفاع عن حق الشهيد القائد «أبو جهاد» والقصاص له ولإخوانه الشهداء في سيدي بوسعيد وحمّام الشاطئ وفلسطين وبيروت وفي كل مكان امتدت إليه يد الغدر الإجرامية، وللدفاع عن السيادة التونسية وعن سلامة أراضينا، وعن ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي وقواعد السلوك الدولية المتحضرة بين الشعوب، ولإدانة الاحتلال وأساليبه القائمة على الغطرسة واغتصاب الأرض والحق والاستيطان وجرائم الاغتيال والعُدوان الدائم. رحم الله الشهيد القائد أبو جهاد في ذكرى اغتياله السادسة والعشرين بيد الغدر الصهيونية وحلفائها، رحم الله رفيقيه الشهداء المرافق الأمني مصطفى والحارس أبو سليمان والبستاني الحبيب رحمهم الله جميعا... رحمك الله يا سيد شهداء فلسطين.. أبدا لن ننسى..