مع خليفة الجبالي: منذ ما يزيد عن ربع قرن (سنة 1988) عمدت بعض الأندية وخاصة الميسورة منها الى انتهاج سياسة جديدة في إثراء الرصيد البشري وتتمثل في استقدام لاعبين أجانب أغلبهم من القارة السمراء... فهل نجح مسيّرو هذه الأندية في هذا التمشي... وهل استفادت الكرة التونسية عند انتداب هؤلاء المحترفين؟ الجواب قطعا لا ولأسباب عديدة. ولنكن صرحاء في أن ضررهم كان أكثر من نفعهم لكرة القدم التونسية، بداية وفي ظرف 25 سنة لم يقدم الاضافة الا بعض اللاعبين على غرار محمد خان وماليتولي ومغاريا وصالو طاجو وسانطوس سيلفا وبدرجة أقل كاماتشو وأفول وابراهيما كوني ودرامان تراوري واينرامو. بالتمعن في عدد الوافدين الى بلادنا في ظرف ربع قرن وعدد الناجحين منهم (4 لاعبين أو خمسة) لتتأكدوا حسابيا من الفشل الذريع لهذه السياسة... ومن غريب الصدف أن الخماسي الناجح من المحترفين تزامن مع الحقبة الأولى لسياسة الاحتراف (بداية التسعينات) بعد ذلك لم نر إلا الفشل واهدار المال العام، فلم يستفد الا اللاعبون القادمون وأنديتهم وازدهرت سوق الوكلاء والوسطاء والسماسرة والمضاربين والمتمعشين، أما كرة القدم التونسية فأجرها على الله... «جاء يعاون فيه على قبر بوه...» لو تعلق الأمر بالخسارة المادية فقط، لهان الأمر لكن الضرر المعنوي كان فادحا... فاللاعب السائح (وهو محترف من درجة خامسة) لم يكتف بلهف العملة الصعبة فحسب، بل سد الباب أمام شباب أكثر كفاءة منه مروا بعدة مراحل في التكوين وأثقلوا كاهل الجمعيات، بمصاريف طائلة ثم وجدوا أنفسهم عاطلين عن النشاط في عز شبابهم، والنتيجة أن اللاعب التونسي أصبح غائبا عن الاحتراف الفعلي في أوروبا فلو قارنا لاعبينا بالقارة العجور ونظرائهم من الجزائر والمغرب والكاميرون ونيجيريا وغانا وغينيا والسينغال وبوركينافاسو والغابون والبنين والطوغو و... و.... لوجدنا مسافة ببُعد السماء عن الأرض... فأين ينشط لاعبونا، وأين يحترف لاعبو الدول سالفة الذكر؟؟ الجواب واضح ويعرفه حتى البسطاء منّا. «ضحكولو... تمد على طولو» لم يكتف «محترفو الغفلة» بهذا العجز وتواضع الامكانيات فأتوا أقلح سلوك في قوانين الشغل والاستهتار بقيمة الشغل وهيبة النادي أو البلد الذي يعملون به... فهذا لاعب يذهب الى بلده في غفلة من الجميع ليبقى أسابيع وأشهر (مامان يوسوفو) الى أن يلح عليه مشغلوه ويستعطفونه مرارا وتكرارا وهذا لاعب يتعمد التمارض ليهرب دون رجعة (كواسي بلاز). وآخر يلحق بنفسه ضررا حتى يجد عذرا للراحة والاستجمام (ندونغ) وذاك يدخل في مناوشات وخصومات مع زملائه وينشر غسيل ناديه (ايزيكال) وآخر يفر الى وجهة غير معلومة متعللا بعدم الحصول على مستحقاته... وآخر... وآخر... غمزة ألم أقل في عدد الأمس بأن قانون الجمعيات يكبّل السير الطبيعي للاحتراف بسبب غياب الارادة السياسية. إن الأمر ذاته يصح وينطبق على موضوع اليوم. فخذوا العبرة من الأستاذ محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم الذي أحدث ثورة في الكرة الجزائرية بقرارات تاريخية لهل أبرزها منع انتداب أي لاعب أجنبي ليس دوليا في بلده... وأتركوا القشور... واهتموا باللب هداكم الله...