بقلم: أبو غسان انطلقت أمس الجلسات التمهيدية للمؤتمر الوطني للاقتصاد بإشراف رئيس الحكومة مهدي جمعة وبحضور عدد من أعضاء الحكومة وأبرز الزعامات السياسية للأحزاب الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي. وبانطلاق هذه الجلسات وإلى غاية انعقاد هذا المؤتمر نهاية شهر ماي المقبل سيكون الملف الاقتصادي بكل ثقله وتعقيداته أهم محور يتناوله الفاعلون الرئيسيون في الساحة الوطنية في محاولة لوقف نزيف الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد منذ فترة. وضع البلاد الاقتصادي خطير جدا ويتطلب وقفة حازمة من كل القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية. والمقاربة التي اختارها رئيس الحكومة هي إطلاع كل الأطراف على حقيقة الأوضاع، وتشريكها في إيجاد الحلول المناسبة على أرضية التوافق، تماما مثلما حصل في الحوار الوطني، الذي رعته المنظمات الوطنية الأربع. وقد كان رئيس الحكومة واضحا جدا في كلمته أمس حين طلب من الأحزاب السياسية المساندة والدعم قائلا أنه بدون ذلك لن تنجح هذه الحكومة في مسعاها لإنقاذ الاقتصاد من أزمته الخانقة. الصورة إذن واضحة أمام الجميع. والأرقام والمؤشرات الاقتصادية مخيفة ومرعبة وتنذر بالأسوإ. والأمر لا يحتمل التجاذب والمزايدة والحسابات الظرفية الضيقة.. فمن المهم للجميع أن تتحسن أحوال الاقتصاد. وليس من مصلحة الأحزاب السياسية وخاصة «الكبرى» منها المؤهلة لحكم البلاد بعد الانتخابات القادمة أن تزداد أوضاع الاقتصاد سوءا. وعليها ألا تقف وقفة المتفرج أمام ما يجري على الساحة الاقتصادية... والمطلوب من الأحزاب والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية المجتمعة أمس والتي ستشارك في مؤتمر الحوار الاقتصادي أن تبحث عن التوافق بنفس الروح التي قادتها خلال الحوار الوطني الذي مكن من تجاوز الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد منذ الصيف الماضي، وأن تسعى إلى الالتقاء على أرضية موحدة. فهناك إصلاحات لا بد منها .. وهناك إجراءات عاجلة لا مفر من اتخاذها. والأوضاع الاقتصادية الراهنة تتطلب التضحية من الجميع كل حسب إمكانياته. لا أحد يتوهم أن العافية ستعود لاقتصادنا على المدى القريب .. ولكن هناك أولويات عاجلة لا بد من التوافق بشأنها والبدء في الاشتغال عليها وتوفير شروط نجاحها حتى لا تزداد أوضاع الاقتصاد تعقيدا. والجلسات التمهيدية التي انطلقت أمس ستسعى إلى إيجاد توافق واسع حول هذه الإصلاحات التي يتعيّن القيام بها وكذلك العمل على إنضاجها للإعلان عنها خلال المؤتمر الاقتصادي. والفشل في هذا المسعى ممنوع مهما كانت المبررات. لأن ذلك يعني ببساطة دخول البلاد في مرحلة لا أحد بإمكانه التكهن بعواقبها.
