شارف الموسم الرياضي على الانتهاء وككلّ موسم طويل رتيب خرج الافريقي بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها ورغم انّ رهان الاميرة مازال قائم الذات على اعتبار ان الأفارقة معنيون بطريق البوديوم فانّ جاهزية المجموعة الحالية ورصيد الثقة المتضائل يوما بعد يوم يوحيان بأنّ سيناريو المواسم الفارطة يطلّ برأسه دون استحياء ليعيد الى الاذهان عناوين الفشل وأيّ فشل... قد يكون الخراج بنهاية هذا الموسم أقّل بكثير ممّا رسمته كلّ التكهنات بعد صيف ساخن كان فيه الافريقي بطلا على الورق بفضل كتيبة النجوم التي استقدمها رئيس النادي سليم الرياحي في ميركاتو تعوّد فيه الافريقي الحصول على معلّقة الشرف ولذلك كان سخط الانصار أشدّ وقعا بما ان سقف الطموحات جاوز كلّ التوقعات, لكن ثبت أخيرا أنّ هذا الظّن إثم وبان بالكاشف انّ المال وحده ليس قوام الاعمال فالجسم السليم رهين عقل أسلم وعيب الافريقي أنّ عقله شارد بين طموحات رياضية عابرة لم تخلّف سوى السراب وبين أجندات سياسية رمت به في المجهول وكان هذا نتاجا طبيعيا لزواج المتعة بين الاسم العالي و المهر الغالي... فشل بامتياز... من حقّ جمهور النادي الافريقي ان يثور على واقع فريقه المرير و من حقّ الانصار ان يردّدوا أهازيج الفشل على مسامع الرئيس كلما سنحت لهم الفرصة لذلك كيف لا وفريقهم يرتدي عباءة الصغار ويكتفي بدور الكومبارس في بطولة يتداول على النيل منها بلا حياء كبار القوم فيما يكتفي هو بمتعة المشاهدة... من حقّ «الكلوبيستية» ان يلعنوا حاضرهم التعيس بوجود رئيس موسر في تونس لكنه مع ذلك لم ينجح في تحقيق ولو النزر القليل من وعوده الانتخابية, فمشروع الافريقي الكبير ظلّ مجرّد حبر على ورق...فلم تأت الحافلة وبقي الحال كما هو عليه «حافلة» في دار الجار... قد يكون استعراض مساوئ الرياحي مسليا للكثيرين ذلك ان رائحة ذنوبه فضّت الناس من حوله وقد يكون تحميل الرجل مسؤولية الاخفاق مشروعا بما انه اختار ان يسير وحيدا عكس التيار لكن هذا لا يمنع انه على الاقلّ اجتهد على طريقته وحاول ان يصيب ولمّا ايقن انّ الفشل يرابط بانتظاره عدّل ولو بتأخير كبير من مواقفه واختار العودة الى الجادة بمنحه المشعل لأبناء الدار والاكتفاء بشحذ العزائم وممارسة حقّه في الانتماء... سليم الرياحي فشل والامر لا يتطلّب اجتهادا كبيرا للوصول الى هذا الاستنتاج لكن مع غروب شمس كلّ تجربة فاشلة تولد من بين الانقاض بارقة أمل في زمن النكسات قد تبني لغد أفضل... نقول هذا الكلام ليس دفاعا عن الرجل فالإفريقي الذي نتحدّث عنه وننشده جميعا يجهله الرياحي ولكن نخطّ هذه الحروف خوفا على الافريقي وخشية ممّا ينتظره في قادم الايّام... هدوء حذر... المتابع لآخر التطورات في محيط النادي الافريقي يلاحظ عودة الهدوء الى مركّب الحديقة «أ» ليس تسليما بالأمر فجمهور الافريقي لم يتعوّد رمي المنديل لكن التفكير في الموسم القادم ووصول ركب منتصر الوحيشي غيّر الكثير في سلوكات الجماهير وهدّأ من روعها فالمدير الفنيّ الجديد متحدّث بارع ويجيد فنّ التنويم كما انّه ابن بار نشأ وترعرع في الافريقي ولم تأت به لا الصدفة ولا نسمات الثورة كغيره من الاسماء التي كان يحتمي بها الرياحي والتي تمسك بمراكز الثقل في الفريق وتتحكّم فيه عن بعد وتحديدا من مكتب «البحيرة»... هذا الهدوء قد يكون مقدّمة مغلوطة لعاصفة قادمة على مهل وقد تحمل في طريقها الاخضر واليابس بما ان جماهير الافريقي تجهّز نفسها للجلسة الانتخابية المرتقبة والتي تحمل كعادتها أسماء جديدة غريبة عن عالم الافريقي... أسماء لا تعرف المارد الاحمر سوى في شاشات التلفزيون ولم يحرّك سواكنها سوى مطامع وغايات دفينة يكون من خلالها الافريقي مجرّد مطيّة و بساط الريح الذي يحقّق الاحلام الورديّة... «شدّ مشومك»... الجلسة الانتخابية إن كتب لها ان ترى النور ستكون ساخنة كعادتها فقط نرجو ألا تكون عناوينها هزلية فالزجّ باسم العياشّي العجرودي في دفاتر الافريقي يعدّ تعدّيا صارخا على حرمة الفريق وعلى نواميسه وتاريخه وإذا نجح الرياحي سابقا في استثمار حالة الخصاصة التي كانت تطوّق الفريق ونفذ الى داخل البيت على غفلة من الجميع فمن العيب ان يسمح رجال الافريقي وجمهوره الكبير بتجدّد مثل هذه التسللات التي تسيء لسمعة النادي وليس كلّ من يملك المال يستطيع تحريف التاريخ...رئاسة الافريقي تمرّ أوّلا عن رابط الانتماء والولاء ومن ثمّة يجوز الخوض في رقم المعاملات وفي حجم الرصيد البنكي ثمّ ان الافريقي ليس شركة حتى توضع في مزاد علني وان جاز ذلك فللورثة الشرعيين حق تقرير المصير وجمهور الافريقي ليس في ملجإ الأيتام ينتظر وصول عائل يتبناه...ان يزاحم حمودة بن عمار أو غيره من ابناء النادي الرئيس الحالي في الانتخابات فهذا أمر مقبول بل محمود لكن ان يفتح الباب لكلّ من هبّ باسم الصندوق وبفتوى المال «الحلال» فهذا اعتداء صارخ على هويّة الافريقي... الى حين أن تتضّح ملامح الجلسة الانتخابية والقائمات المترشحة جماهير الافريقي مدعوّة لتغليب عاطفتها هذه المرّة على حساب المصلحة والطمع لن يخلّف سوى الدمار والاسماء التي يطبّل لها منذ الآن لن تغيّر في واقع الفريق شيئا سوى انها ستزيد في عزلته وفي غفوته... «سليم الرياحي» صار اليوم واقعا لا مفرّ منه وطالما انّ رجالات الافريقي تواروا بعمد أو دونه عن الانظار فالتجارب السابقة أكّدت انّ غريب الدار لا يقوى على الاستمرار والرياحي لم يعد غريبا في نظر الانصار لذلك صحّ القول «شدّ مشومك»...