بقلم : أبو غسان أعلن حزب «نداء تونس» الأحد الماضي أنه سيخوض غمار الانتخابات المقبلة بقائمات خاصة ودون تحالفات مع أحزاب سياسية أخرى. في حين لم تحسم بعد بقية القوى السياسية وخاصة حركة «النهضة» شكل مشاركتها في هذه الانتخابات. موقف «نداء تونس» رأى البعض أنه ينطوي على مخاطر التسبب في إعادة إنتاج نفس سيناريو انتخابات أكتوبر 2011، بفعل تشتت القوى ، فضلا عن أنه يحرم الحزب من أي هامش للمناورة أو التفاعل مع المستجدات التي قد تشهدها الساحة السياسية في الفترة المقبلة. وفي المقابل لم تفصح حركة «النهضة» حتى الآن عن موقف يفهم منه أنها أغلقت الباب أمام احتمال تحالفها مع بعض الأحزاب لتبقي بذلك على فرصة محاولة استمالة أطراف سياسية إلى صفّها أو ضمان عدم التكتل ضدها على الأقل. يعكس هذان الموقفان تباينا في تكتيكات قطبي الساحة السياسية ( «النداء» و«النهضة») في تعاملهما مع التحالفات استعدادا للانتخابات المنتظرة. وهذا ما سيكيف بالتأكيد تحركات هذين الحزبين خلال الفترة المقبلة على الأقل إلى حين توضّح الصورة بشكل نهائي. لسنا هنا بصدد تقييم موقفي هذين الحزبين من التحالفات وأيهما أسلم وأصح تكتيكيا وحتى استراتيجيا. ولكن الثابت انه ستكون لموقف «نداء تونس» تداعيات عديدة على الساحة السياسية. فالبعض اعتبر هذا الموقف بمثابة بداية النهاية ل «الاتحاد من أجل تونس». كما أن غلق باب الالتقاء بهذه الطريقة، وبهذا التسرع مع أحزاب أخرى والتي تعتبر طبيعيا وتقليديا قريبة من «نداء تونس» من خارج «الاتحاد من أجل تونس»، قد يدفع بعضها نحو البحث عن حلفاء آخرين ومن بينهم حركة «النهضة» وهو ما سيكون له تأثيره على موازين القوى في الانتخابات المقبلة وعلى الخارطة السياسية الوطنية التي ستنتجها هذه الانتخابات، إلا إذا كان ل «النداء» حسابات أخرى ظلت خافية حتى الآن عن أقرب حلفائه الذين كانوا معه تحت سقف واحد والذين فوجئ بعضهم بموقفه هذا . من المؤكد أن موضوع التحالفات سيطغى على الساحة السياسية خلال الفترة المقبلة ، وقد بدأنا نشهد محاولات للتقارب والإلتقاء بين العديد من القوى السياسية بعضها متوقع وبعضها الآخر يبدو غير طبيعي . وقد نجد أنفسنا أمام مفاجآت أخرى جديدة ، ولو ان كل شيء في عالم السياسة يظل واردا. ولكن أين البرامج التي من المفروض أن تلتقي على أساسها الأحزاب السياسية ..؟ لا شيء بهذا الشأن حتى الآن. نحن ننتظر من الأحزاب أن تكشف عن برامجها ومقترحاتها وعن قراءاتها للمرحلة الراهنة وما تتطلبه من إجراءات وإصلاحات لأن كل التحالفات التي تبنى على المصالح الظرفية ولا تأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار ستكون تحالفات ضعيفة وهشة ولن تصمد طويلا أمام الأزمات والعواصف، بل إنها ستكون سببا في مخاطر على البلاد أكبر بكثير مما مرت به إلى حد الآن.