بحثوا طويلا عن مورد رزق وضاقت بهم السبل... انتصبوا بشكل فوضوي وعذبتهم البلدية... تقدموا منذ سنوات بمطالب للحصول على تراخيص تخوّل لهم الانتصاب... والحصول على لقمة العيش بشكل «رسمي» وتسلموا أوراق التراخيص لكنها ظلت حبرا على ورق... أقدموا على اقامة أكشاك فهدمتها البلدية وهدمت أحلامهم... وارتفعت آلامهم حين رأوا أكشاكا أخرى تقام على مناطق مختلفة من أرصفة المدينة دون أدنى اعتبار للتراخيص المسلمة إليهم منذ سنوات. أعادوا الاتصال بالنيابة الخصوصية وكشفوا تراخيصهم و «أوراق اعتمادهم» فقراء من الدرجة الأولى... يبحثون عن شغل شريف يقيهم عذابات البطالة وآلام أصوات أطفالهم الباحثة عن الرغيف... فكروا في الانتحار وفي الاعتصام وفي اضراب الجوع وفي الأخير تقدموا بقضية عدلية. فقد تقدم منذ أيام أربعة مواطنين من متساكني مدينة سبيطلة بقضية عدلية ضد النيابة الخصوصية لبلدية سبيطلة في شخص ممثلها القانوني وجاء في نص العريضة الموجهة الى السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين أن المواطنين عز الدين بن صالح الصويدي ومبارك بن خليفة الصويدي تحصلا سنة 2011 من بلدية سبيطلة على ترخيصين يمكناهما من الانتصاب لممارسة تجارة بعض السلع الخفيفة بسبب أوضاعهما الاجتماعية الصعبة. وتم تحديد مكان اقامة الكشكين إلا أن النيابة الخصوصية التي جاءت بعد ذلك أحجمت عن التنفيذ وظلت تمنعهما بالقوة العامة وتحجز مواد البناء. وطالب المتضرران بإلزام النيابة الخصوصية بسبيطلة بالتنفيذ و «كف الشغب» وجبر الأضرار الناتجة عن التأخير والبطالة طيلة ثلاث سنوات. التعويض عن سنوات البطالة وجاء في نص العريضة أيضا أن المواطنين منصف بن محمد الصويدي ومبارك بن المولدي حبلاني يعانيان من الخصاصة والحرمان وانهما طالبا البلدية أكثر من مرة بتمكينهما من الانتصاب بشكل قانوني إلا أن النيابة الخصوصية بسبيطلة امتنعت عن ذلك ومكّنت آخرين من الانتصاب واقامة أكشاك مطالبين بجبر الضرر المادي والمعنوي الحاصل لهما بسبب حرمانهما من «حق الشغل». محاصصة حزبية وعائلية أصحاب الدعوى قالوا ل «التونسية» إن النيابة الخصوصية بسبيطلة سلمت تراخيص كتابية وشفوية لآخرين «متنفذين» لاقامة موارد رزق ونحن لا نعترض على ذلك ولكننا نبحث عن حقنا في الشغل وحقنا في تجسيم التراخيص المسلّمة لنا على الميدان». واعتبروا أن رئيس النيابة الخصوصية بسبيطلة يتعامل مع طالبي الشغل بالمحاباة وبالمحاصصة الحزبية وبالعلاقات العائلية مضيفين أنهم نبهوه الى ذلك أكثر من مرة وتقدموا بشكوى الى السيد وزير الداخلية دون جدوى. سابقة في تاريخ القضاء أحد العارفين بالشؤون القانونية قال ل «التونسية» إن هذه القضية العدلية تعد سابقة في تاريخ «البحث عن شغل» ورغم أن الدستور التونسي الجديد لم ينصّ صراحة على حق المواطن في الشغل ومسؤولية الدولة في ذلك فإن هذه القضية ستحرك أكثر من ساكن... وتطرح أكثر من سؤال.. وبالتأكيد سنتابع تطوراتها.