قد تتطلب مقتضيات الدراما أن يكون العمل التلفزي جريئا في طرح مضامينه ,فطنا في بث رسائله سواء كانت مضمرة أو معلنة ... بمعنى أن يحاول السير على البيض دون كسره وإلا فإن «براقش ستجنو على أهلها»! و في مسلسل «مكتوب4» الذي تبثه قناة «التونسية» يوميا على شاشتها الرمضانية ورد في أحد المشاهد حوار بين فتاة «أرستقراطية»و شاب ,تروي فيه الفتاة باستغراب شديد وتحسر مرير نية شقيقتها الارتباط بشاب يقطن بمنطقة «المحمدية» وكأن الانتماء إلى هذه المدينة خطيئة وجريمة يعاقب عليها القانون والحال أن «المحمدية» مدينة عشقها البايات واهتم بها بصفة خاصة «أحمد باي» فبنى قصرا بها وجعلها روضة للتنزه والاستجمام ... صحيح أن في ذكر الأشياء بمسمياتها في الأدب والدراما جانبا من المصداقية والوفاء للواقع... لكن في أحيان كثيرة يكون التلميح أبلغ من التصريح. فقد كان بالإمكان الاستعاذة عن تسمية هذه مدينة الموجودة فعلا (تبعد 20 كلم عن العاصمة وتتبع ولاية بن عروس) بإشارة ما أو باسم وهمي دون التورط في خدش شعور المتفرجين وإهانة كرامة سكان تلك المنطقة أو إثارة حفيظة التونسيين الذين رأوا في المشهد نوعا من العنصرية والتفرقة الاجتماعية ... فمن غير المسموح لهذا المسلسل الذي يرتدي في أغلبه الأثواب المخملية ويرتاد الأحياء الراقية ويسكن المنازل الفاخرة بأي حال من الأحوال «مسح» الأحياء الشعبية من الخارطة أو إخراجها في صورة مثيرة للشفقة أو للسخرية ... لأنها موطن سكن السواد الأعظم من التونسيين !