بقلم الأستاذ مختار الحجلاوي محام لدى التعقيب وباحث في الفكر الاسلامي [email protected] 2 التبيين: (وهو الوجه الثاني للرسالة وقد سبق بيان الوجه الأول: البلاغ) يقول تعالى: «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)» النحل. « وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)» النحل. فتكون هكذا، مهمّة الرسول الثانية هي التبيين، بمعنى توضيح رسالة الله للبشر المطالبين باتّباعها والإذعان لها. وما يدعم هذا الرأي الآيات الكريمات التي تقطع بأن الرسول(ص) ما كان على البشر حفيظاً: «قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)» الأنعام. «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا...(107)» الأنعام. «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)» النساء. «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا...(48)» الشورى. وما جاء على الناس مسيطرا: « فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصيْطِرٍ (22)» الغاشية. وما كان عليهم بوكيل: «قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)» الأنعام. «وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)» الأنعام. «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)» يونس. «إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)» الزمر. «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)» الشورى. «رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54)» الإسراء. « أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)» الفرقان. وجدير بالتنبيه أنّ المفردات القرآنية من مشتقّات الجذر اللغوي (ح ك م) لا تعني –على الإطلاق- الحكم بمفهومه السياسي بما هو ممارسة السلطة وبناء الدولة وإنّما لا يزيد معناها عن مفهوم القضاء بما هو البتّ في الخصومة أو المسألة عندما تُعرض على الرسول، وهو ذات المعنى الذي نقرأه في قوله تعالى:« وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ(78)فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا » ((الأنبياء 78 و79))، فالألفاظ:«يَحْكُمَانِ»، «لِحُكْمِهِمْ»، «حُكْمًا»، من الواضح أنّها لا تتعدّى في الدلالة المقصودَ من القضاء والفصل في المنازعات والمسائل، ولا تتعلّق –من قريب أو من بعيد- بممارسة السلطة أو إدارة الدولة.. ومن هذه الزاوية –فقط- نقدر على ملامسة معاني ودلالات قوله تعالى مخاطباً رسوله الكريم محمّد(ص) في سورة النساء: « فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65)» (نفس المقتضى يسري على الآيات:المائدة 44 و45 و47 والنور51) فنتحقّق بأنّ هذه الآية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون تأسيساً لاستحقاق الرسول(ص) للحكم بمعنى ممارسة السلطة، وللقول بأنّ في التسليم بسلطة الرسول استمرارا للإيمان بالله، لأنّ ارتباطها بموضوع القضاء واضح بما تمّت الإشارة إليه في الخطاب الإلهي المتعلق بداوود وسليمان، وبنص العبارة الأخيرة من الآية ذاتها حينما تتضمّن الإشارة الصريحة للقضاء: « ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ». ولكنّ حقائق التاريخ الثابتة تنبئنا بأن محمّد(ص) قد مارس السلطة السياسية في الواقع وانطلق مذ حلّ بالمدينة المنوّرة عقب الهجرة في التأسيس لدولة جديدة، وهذا بالفعل ما نقوله ونسلّم به، ولكنّ باعتباره من ضرورات الاجتماع البشري وليس من متعلّقات الرسالة.. ومعنى ذلك أنّ الذي مارس السلطة السياسية في مجتمع المدينة كان محمّد النبي وليس محمّد الرسول (والفرق عندنا بين النبوة والرسالة شاسع وكبير وله آثار هامة على الكثير من المسائل لا يتسع المجال هاهنا لشرحها، ولكن الكثيرين بذلك جاهلون)، فتكون السلطة -هنا- كما تكون ممارستها حاجة اجتماعية صرفة استدعاها واقع اجتماع المسلمين من المهاجرين والأنصار إلى جانب بقية متساكني المدينة من اليهود والنصارى وغيرهم من العرب وانعقاد رغبتهم في العيش المشترك، ولم تكن تلبية لأمر إلهي تتضمنه الرسالة. الخلاصة إذن، أنّ السلطة التي مارسها محمّد(ص) لم تكن من متعلّقات الرسالة وإنّما كانت من مقتضيات النبوة، ما يسمح لنا بالجزم أنّ السلطة في الإسلام ليست مطلباً متعلّقاً بالرسالة بمعنى ليست هدفاً دينياً ولا هي في علاقة بالإيمان وجوداً أو عدماً، ولا تزيد عن كونها ضرورة اجتماعية ليس إلاّ. ولمزيد التوضيح جاز لنا التصريح بالتالي: ليس هناك أيّ مبرر في الإسلام للسعي في بلوغ السلطة السياسية على أسس وبمرجعيات دينية. لم يبشّر الإسلام بدولة دينية ولم يحض عليها، وذلك خلافاً لما يظنّه كثيرون.. لأنّ محمّد(ص) لم يباشر السلطة كمقتضى من مقتضيات الرسالة وإنّما كضرورة دعت لها حاجة الاجتماع البشري، ولأنّ آيات القرآن الكريم صريحة البيان في ذلك على نحو ما سلف تبيانه وعرضه. إنّ دراسة القرآن الكريم وتدبّره وتعقّله تفضي في المقام الأول إلى التحقق من أنّ المشيئة الإلهية جعلت مسألة نظام الحكم من حيث شكله القانوني ومكوناته ومن حيث طبيعته شأناً إنسانيا بحتاً ورحباً تتحرّك داخله إرادة الإنسان بمنتهى الحرية المحكومة ببعض الضوابط التي سنأتي عليها لاحقاً، أي ضمن دائرة المباح التي تستقلّ كليةً عن دائرتي الإلزام (أو الوجوب) والمنع (أو التحريم)، إدراكاً منّا بأنّ الإسلام المبني على القرآن تبياناً لكل شيء ومصدراً وحيداً للتشريع، وعلى السنّة الشريفة الطاهرة الحقّ تفصيلا لكليات النص القرآني يقوم أصالة على قاعدة الحرية كونه دين الفطرة، ولذلك قيل الأصل في الأشياء الإباحة، وفيه تمتدّ ساحة الحرية وتتسع بشكل لامتناهي ضمن مسار تتلازم فيه مع دائرتين ضيقتين مضبوطتين لا يُسمح بالتوسع فيهما، إن أحوجت الضرورة للتأويل أو التفسير وجب التيسير طلباً لتضييق حدودهما حتّى لا تُنتَهك ساحة الحرّية باعتبارها أصل الدين وكنهه، وهما دائرة الإلزام أو الوجوب ودائرة المنع أو التحريم. كما تفضي دراسة القرآن الكريم وتدبّره وتعقّله في المقام الثاني إلى اكتشاف دعوة الله الناس إلى: الشورى: فالقرآن الكريم يقرّ الشورى على مستويين: الأوّل: مستوى اختيار الحكام، فأوجب أن يكون بالتشاور بين الناس وتَرَكَ آليات ذلك لتفاعل الظروف الاجتماعية والحضاريّة والثقافية ودرجات الوعي، ولقدرة البشر على إبداع القواعد والآليات الكفيلة بتحقيق الشورى، يقول تعالى: «وأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ» (سورة الشورى 31). وعلى خلاف التاريخ السياسي العربي الإسلامي، الذي ارتدّ عن مفهوم الشورى وانزلقت خلاله أنظمة الحكم -بنهاية الفترة التأسيسية التي انطلقت مع الرسول(ص) وتواصلت مع الخلافة الراشدة وبدايةً من استيلاء معاوية بن أبي سفيان على مقاليد السلطة وتحويلها إلى ملك يُتوارث-إلى ممارسة الاستبداد في أعتى مظاهره بمباركة طيف كبير من الفقهاء أفلحوا في تسليح الملوك والأمراء بالنظريات والفتاوى المنسوبة زوراً وبهتاناً للإسلام وهو منها براءٌ وهو ما سنتناوله بأكثر تفصيل ضمن الحديث عن مدخل التاريخ كما سيأتي لاحقاً(على خلاف ذلك) نجح فكر التنوير في أوروبا كما نجحت الثورات التي عرفتها أوروبا في تحيين مفهوم الشورى ولو أنّ المصطلح المتداول هو «الديمقراطية»، من خلال قاعدة أن ّالسلطة والسيادة للشعب تمارسها أجهزة الدولة التي يشغل المناصب فيها أفراد يتمّ اختيارهم بطريقة الانتخاب، وهي الآلية التي نرى أنها تجسيد مبدع حقيقةً لنظرية الشورى كما نفهمها من النص القرآني الخالص وليس كما شوّهتها الممارسة السياسية لدولة الأمويين والدول المتعاقبة بعدها بتواطئ رخيص من فقهاء السلطان والبلاطات وتقصير فادح من المعارضات التي عرفتها هذه الفترات التاريخية، ونعني بها الخوارج والمعتزلة والشيعة والإباضية. ونأمل أن تكون الأفكار التي نعرضها ضمن هذه الدراسة قفزة أخرى في مسار تحيين مفهوم الشورى الذي نعتقد ألاّ نهاية للإبداع فيه، يتجه إلى الأمام باستمرار مواكباً مسار التطوّر الفكري والحضاري للمجتمعات في سياق التفاعل المبدع بين الفكر والفعل القائم على جدلية الصراع بين العقل والحرية من جانب، والسلطة والاستبداد من جانب آخر. الثاني: مستوى ممارسة الحكم، وفي هذا المستوى، ورغم أنّ الحاكم مختار اختياراً من عموم الناس أوجب الله تعالى عليه مشاورة الناس: يقول تعالى«فَبِمَا رَحْمَةٍ من الله لِنْتَ لَهُمْ ولو كُنْتَ فظًّا غَلِيَظ القَلْبِ لانَفَضُّوْا من حَوْلِكَ فأَعْفُ عنهم واسْتَغْفِرْ لَهُمْ وشَاوِرْهُمْ في الَأْمِر» ( آل عمران159 ))، .. فالمشورة الواجبة على الماسك بالسلطة (فرد أو مجموعة) تقتضي في الوقت الحاضر، مع تشعّب العلاقات الاجتماعية وتطور المستوى الحضاري للمجتمعات، إرساء الأجهزة والمؤسّسات الكفيلة بتحقيق هذا الواجب، وضبط الطرق القادرة أكثر من غيرها في كل لحظة زمنية، وبمراعاة للتطور الاجتماعي والحضاري، على ضمان سلامة إجراءات التفويض الصادر من الشعب لبعض أفراده لممارسة السلطة بدلاً عنه، وقبل ذلك ضمان سيادة القانون على الكافة مواطنين ومؤسّسات حكم وأفراد يحكمون. العدل والمساواة : يقول تعالى في محكم تنزيله «لَا يَجْرِمَنَّكْم شَنَئَانُ قَوْمٍ على أَنْ لَا تَعْدِلُوا ، اعْدلُوا هو أقْرَبُ للتَقْوَى « ( سورة المائدة 8 )). من قراءة هذه الآية الكريمة يتبيّن أن العدل المطالبين به ( حكامًا ومحكومين باعتبار الخطاب موجّه للكافة ) لا يتوقف على من دان بديننا فقط وإنّما على الجميع بمن في ذلك من بدر منه الظلم والبغي، إذ لا يكون الظلم ولا البغي سببًا موجبًا لعدم العدل. إنّ العدل المفروض على الحاكم مراعاته معناه أن يعامل كلّ المنتمين لدولته والخاضعين لسلطته على قدم المساواة وعلى قاعدة العدل وإلاّ خالف أوامر العلي القدير. ولا مجال لإرساء العدل وإشاعته، فيطال حتّى الظالمين في المجتمع والباغين منهم، أو تحقيق المساواة، إلاّ إذا كان اعتلاء الماسكين بالسلطة لمراكز القرار عن طريق الشورى بين جميع أفراد المجتمع المكون للدولة، وكانت أيضًا قراراتهم مبنية على الشورى بين جميع أفراد المجتمع ومكوّناته وهي عديدة في مجتمعاتنا المعاصرة (أحزاب–منظّمات–جمعيات – شخصيات وطنية – كفاءات...إلخ) وإلاّ إذا تحقّق شرط هام آخر وهو شرط الحرية. الحرية: تعدّ الحرية قيمة فطرية في إطار منظومة القيم الإسلامية، فلقد جعل الله البشر أحرارًا في الإيمان به أو الكفر. يقول تعالى: «وَقُلِ الحَقَّ من رَبِّكُم فمَنْ شاَءَ فليُؤْمِنْ ومن شَاَء فَلْيَكْفِرْ» ( الكهف 29 ). ولهذا كان تقريره تعالى صريحًا في منع إجبار الناس على إتّباع دين أو مذهب محدّد، وبالتالي في جعل الحرية محورًا أساسيًّا لا محيد عنه، فقد قال جلّ وعلا « لا إكرَاهَ في الدِيِن قد تَبَيَّنَ الرُّشُد مِنَ الغَيْ « ( البقرة 258 )، وخاطب رسوله الأكرم ومن ورائه الناس أجمعين بقوله « وَلَوْ شاَءَ رَبُّك لآمَنَ مَنْ فِي الَأْرضِ كُلّهُمْ جَميعًا أفَأَنْتَ تُكرِهُ النَّاَس حتَّى يَكُوُنوا مُؤْمِنِينَ» ( يونس 99 ). وإذا كان الله لم يخوّل رسوله إكراه الناس وإجبارهم على الإيمان، وأعلن أنّ قدرته تمكّنه من جعل الناس جميعًا مؤمنين ولكنّه لم يشأ ذلك، وترك الخيار للإنسان في الإيمان والكفر وبمنتهى الحرية، فمن باب أولى وأحرى أنّ أي سلطة دنيوية وسياسية بالتحديد لا تملك المساس من قيمة الحرية أو انتهاكها.. ويصير لزامًا على الدولة ضمان حماية الحرية بمفهومها الشامل ( حرية الرأي والتفكير والتعبير والإبداع والتنظيم ...الخ ). إنّ الالتزام بحماية الحرية يتعارض وبشكل مطلق مع المناداة بدولة دينية لن تكون غير دولة المذهب أو الطائفة، ولا يمكن وصفها بغير أحد الوصفين: فهي إمّا ثيوقراطية، وإمّا تيوقراطية... ويتطلب في المقابل قيام دولة مدنية حرّة، فهي القادرة على ضمان هذه القيمة/الحقّ، وبالتالي تطبيق منهج الله تعالى تطبيقًا سليمًا. هذا باختصار شديد ما نقرأه من خلال النص الخالص -القرآن الكريم- فيما له اتصال بإشكالية نظام الحكم.