أكدت روضة القرافي رئيسة جمعيّة القضاة التونسيين خلال ندوة صحفية عقدتها صباح أمس بمكتبة القضاة أن الحركة القضائية ليست قرارات وامتيازات تهم الحياة المهنية للقضاة فقط بل هي قرارات تتعلق بصفة جوهرية بالتأسيس لقضاء مستقل وللإصلاح القضائي في هذه المرحلة الإنتقالية مبينة أن هذا ما يجب أن تكون هيئة القضاء العدلي واعية به وأن تترجمه من خلال الحركة القضائية خاصة على مستوى اسناد المسؤوليات القضائية على رأس المحاكم والمسؤوليات القضائية بشكل عام ومنها بالأساس المسؤوليات المرتبطة بالسلسلة الجزائية (نيابة وتحقيق ودوائر جناحية وجنائية) لإرتباطها المباشر حسب تصريحاتها بالقضاء في الحقوق والحريات. وأضافت أنه على هيئة القضاء العدلي أن تلتزم بإسناد تلك المسؤوليات والخطط القضائية بمعايير النزاهة والحياد والكفاءة والجدارة ورفع المظالم ومساواة القضاة أمام مقتضيات المصلحة العامة للعمل القضائي للقطع مع ممارسات الماضي التي كانت فيه تلك المسؤوليات تمنح بناء على معايير الو لاءات الشخصية وحتى السياسية. استبعاد وأوضحت القرافي أن الحركة القضائية في مسار يتجه الى التأسيس لدولة القانون والمؤسسات التي هي حق القاضي فيها الإطمئنان على مساره المهني بعيدا عن اي تدخل أو تعسف من السلطة التنفيذية وحق المواطن أيضا والمتقاضي في أن يعيّن له القاضي المناسب من كنف النزاهة والحياد والكفاءة والإستقلالية في المنصب المناسب واستبعاد كل من لا تتوفر فيه تلك الشروط أو من يخل بتلك المبادئ من القضاة ومن المسؤوليات القضائية باعتبار أن تلك المسؤوليات حاسمة في الإرتقاء بأداء المحاكم والمؤسسات القضائية الى المستوى الأرقى من الحيادية والإستقلالية والكفاءة. ملفات القضاة وبخصوص ملفات القضاة أشارت رئيسة جمعية القضاة التونسيين الى أن الحركة القضائية يجب أن تتم بناء على دراسة عميقة لملفات القضاة حتى يتم التمييز بينهم في اسنادهم الخطط الوظيفية والمسؤوليات القضائية بالإحتكام لتلك الملفات فتسند بالتالي المسؤوليات للقضاة الذين تشهد لهم ملفاتهم بالتزامهم خلال كامل مساراتهم المهنية بواجبات النزاهة والحياد والإستقلالية والكفاءة والجدارة في أعلى مستوياتها بعيدا عن أية شبهات. وأوضحت أنه يجب على الحركة القضائية ان تراعي توزيع القضاة بين المحاكم لخلق التوازن بين محاكم الولايات الداخلية ومحاكم العاصمة والمدن الساحلية وأنه من حق حاكم الولايات الداخلية حسب ذكرها تزويدها بالعدد الكافي من القضاة الجدد وكذلك من القضاة ذوي الأقدمية والكفاءة باعتبار ان ما نشهده الآن في الخارطة القضائية هو اختلال لهذا التوازن بسبب نقص القضاة بالمحاكم الداخلية من حيث العدد وكذلك نقص في القضاة ذوي الأقدمية في تلك المحاكم التي اصبح أغلب من يعيّن فيها من القضاة هم القضاة الجدد حديثي العهد بالقضاء مشيرة الى ان هذا الوضع يؤثر على حق المتقاضي في جهاتنا الداخلية في جودة العدالة التي منها تعيين قضاة بالعدد الكافي بالمحاكم الداخلية بين الجهات ومنها المساواة في جودة مرفق العدالة بتلك المحاكم. آلية التمديد وأشارت روضة القرافي الى مسألة آلية التمديد للقضاة الذين بلغوا سن التقاعد. ورأت أن تلك الآلية تضعف من استقلالية القضاة لأن السلطة التنفيذية تمنح القاضي الممدّد له امتيازا وبالتالي لا تخوّل له وضعيته أن يكون محايدا لأنها تمنح له كمنّة من السلطة التنفيذية حسب رأيها. ورأت أن الاخطر في استعمال آلية التمديد هو أن يكون مقابل الخضوع والرجوع الى مناخ عام داخل الوسط القضائي يشجع القضاة على ارضاء السلطة التنفيذية من أجل الظفر بالتمديد كامتياز وهو ما يضر حسب رأيها باستقلال القاضي وحياديته. وأشارت روضة القرافي إلى أنه من التأثيرات الخطيرة أيضا في هذه المسألة السماح للسلطة التنفيذية بالتدخل بواسطة تلك الآلية في الهيئات الدستورية الجديدة كهيئة القضاء العدلي والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وذلك بتوجيه قراراتها من خلال التحكّم في تركيبتها باستعمال آلية التمديد لأعضائها من القضاة. مذكرة للحكومة... كما أكدت روضة القرافي أن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة وجّه مذكرة الى رئيس الحكومة بتاريخ 9 جويلية الجاري شرح له فيها كل سلبيات ومخاطر آلية التمديد على الترسيخ الفعلي لمبادئ استقلال القضاء في هذه المرحلة الإنتقالية وطالبه فيها أيضا بعدم تفعيلها بالنسبة للقضاة خاصة في ظل تواتر الأخبار حول نية الحكومة عدم التمديد بالنسبة لموظفي الدولة دون تمييز. مطالبة الحكومات العربية... بالتحرك لإيقاف المجازر بغزّة وعرّجت رئيسة الجمعية على المجازر التي ترتكب من طرف الجيش الإسرائيلي في حق الفلسطينيين بقطاع غزة وقالت إن الجمعية ستطالب الحكومات العربية والمنظمات الدولية والمنتظم الأممي للتحرّك بسرعة لإيقاف تلك المجازر. قصر البت في النزاعات يتعارض مع دور القضاء في مراقبة الإنتخابات من جانبه أكد القاضي حمدي مراد رئيس المجلس القطاعي بالمحكمة الإدارية وعضو المكتب التنفيذي بجمعية القضاة أن الدستور أولى للقضاء مهمة حماية الحقوق والحريات ومنها الحق في الإنتخاب والترشح والإقتراع وان المقصد الاساسي من إعطاء دور للقضاء العدلي في مراقبة العملية الإنتخابية هو تحقيق هذه الحماية قضائيا ملاحظا ان هذا المقصد قد يتعارض مع الزام القضاء بالبت في النزاعات في أجل قصير قد لا يمكنه من تسليط رقابته بصفة فعلية تبين وجه الفصل في الدعوى بكل رويّة ضمانا لتلك الحقوق الدستورية. وأضاف القاضي حمدي مراد أن آجال البت في النزاعات المتعلقة بالإنتخابات وبالإستفتاء الواردة بالقانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 أمام المحكمة الإدارية تتسم بقصرها الشديد اذ لم تتعدّ المدة الفاصلة بين تقديم الطعون أمام المحكمة والتصريح بالأحكام فيها الثمانية أيام في أفضل الحالات موضحا انه بالنسبة الى نزاعات النتائج فقد اقتصرت على خمسة أيام وأحيانا ستة أيام موضحا ان من شأن هذا أن يحول دون اهمال القاضي الإداري لدوره الإستقصائي المعهود ولصلاحيات البحث والتحقيق كما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على قدرة المحكمة الادارية في ايصال الحقوق الى أصحابها خصوصا في حال تلقيها أعدادا هامّة من الطعون مقابل محدودية عدد قضاتها الذي لا يتجاوز 120 قاضيا. دور دائرة المحاسبات في الإنتخابات أمّا فرج المانع القاضي بدائرة المحاسبات فقد بيّن الدور الذي تلعبه دائرة المحاسبات في مراقبة تمويل الحملات الإنتخابية موضحا ان الدائرة تهدف الى ضمان مصداقية العمليات المالية المنجزة من قبل القائمات والأحزاب المترشّحة وخاصة مشروعية المداخيل وعدم ارتكاب جرائم انتخابية على غرار تجاوز سقف الأنفاق الإنتخابي وتمويل الحملة بموارد مشبوهة كالتمويل الخاص والتمويل الأجنبي. وأضاف فرج المانع أن القانون منح دائرة المحاسبات ولاية واسعة في مجال الرقابة على تمويل الحملات الإنتخابية حيث كيّف الرقابة المسندة لها في هذا المجال بالمستندية أو الميدانية والشاملة أو الإنتقائية وباللاحقة أو المتزامنة مع الحملة موضوع الرقابة. كما حجّر القانون على المؤسسات البنكية والهياكل العمومية معارضة الدائرة بالسر البنكي للإمتناع عن مدها بالمعلومات اللازمة لإنجاز أعمالها وأوجب على الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات وعلى البنك المركزي وعلى وزارة المالية التنسيق مع دائرة المحاسبات في كل ما يتعلق بالمترشحين والحسابات البنكية المفتوحة من قبلهم بعنوان الحملة الإنتخابية. وأشار المانع إلى أن دائرة المحاسبات تتعهّد كمحكمة مالية تمثل فرعا من فروع السلطة القضائية بالرقابة على تمويل الحملات الإنتخابية بمقتضى القانون الإنتخابي الذي يضمن نزاهة وشفافية تمويل الإنتخابات علاوة على تكريس مبدأ المساءلة في مجال تمويل الحياة السياسية ويحد بالتالي من الأثر السلبي للمال السياسي في مرحلة الديمقراطية الناشئة في تونس. تقرير وأشار إلى أن دائرة المحاسبات تتولى وفقا لمقتضيات القانون الإنتخابي اعداد تقرير عام يتضمن نتائج رقابتها على تمويل الحملة الإنتخابية لكل من الإنتخابات التشريعية والإنتخابات الرئاسية في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للإنتخابات المعنيّة. ولاحظ أن المنظومة الزجرية المتعلقة بالجرائم الإنتخابية المتمثلة في تقديم معطيات غير صحيحة وغيرها من الجرائم تمارس حينئذ سلطتها القضائية حسب ذكره وتسلط عقوبات على الذين لم يوفوا بالتزاماتهم الإنتخابية. وفي ذات السياق أشار إلى أن القانون أجاز امكانية ممارسة المترشح أو الحزب أو القائمة حقّهم في الدفاع سواء عن طريق الإجابة عن مآخذات الدائرة، أوفي صورة اصدار قرار نهائي من الدائرة مثل خطيّة مالية ملاحظا أنه يمكن للمترشح استئناف ذلك القرار أمام الدائرة التعقيبية بدائرة المحاسبات.