أطفال الشاشة: إبداع منذ الصغر وإبهار للنظر ... هذا ما يستخلصه المتتبّع لحلقات مسلسل «ناعورة الهواء» الذي تبثه القناة الوطنية 1 يوميا في سهرتها الرمضانية. وإن كان «اكتساح» الأطفال لعالم التمثيل في تونس ليس بالحدث النادر ولا الجديد ,فإن حضور ثلة من الوجوه البريئة في هذا العمل الدرامي كان لافتا ومميزا ومثيرا... إلى درجة أن هؤلاء الأطفال أضافوا في «عمر الزهور» الكثير ل«خريف» عمر شخصيات هذا المسلسل. وبالرغم من أن الحضور «الطفولي» كان «سخيا» في حلقات و«شحيحا» في لقطات أخرى , فإنه شد الأنظار وخطف الأبصار حتى أن «الصغار» نجحوا في مواضع عديدة في سحب بساط النجومية من تحت «الكبار»... والسبب هو صدق الأداء الذي جعل الجماهير العريضة تتفاعل مع الطفل وهو يعبر عن الطفل ويتحدث بنفسه عن قضيته ويصف بلسانه آلامه وأوجاعه وهواجسه... بلا وساطة ولا وجاهة ! «نذير بواب», «رنيم نميري», «حازم عياري», «خالد القمبري, «فارس العوني», «محمد عزيز السمعلي»... كلهم أطفال أبلوا البلاء الحسن في مسلسل «ناعورة الهواء» لكن من الطبيعي أن ترجح كفة الميزان حسب مقتضيات الأحداث ومتطلبات اللقطات لصالح البعض أكثر من البعض الآخر . فكانت النتيجة أن حاز الثلاثي المكوّن من حازم عياري (في دور محمود) و«نذير بواب» ( في دور كريم) وخالد القمري (في دور رامي الذي قتلته العصابة بعد الاستحواذ على أعضائه)... على القدر الأكبر من الإعجاب والحب . فكل من «رامي» و«كريم» و«محمود» ... أثبتوا أنهم يملكون الرغبة والموهبة في إتقان الدور وضبط الأداء على نسق سرعة رياح «ناعورة الهواء» . فقد يكون من السهل على الطفل أن يلعب دور «المدلل» لكن من الصعب عليه أن يجسد دور «المشرّد» الذي يلتحف السماء ويتوسد العراء ويكابد العناء تحت وطأة أخطار الشوارع وملاحقة رجال العصابة... وإن يعود هذا التميز إلى وجود بذور الإبداع لدى هذه المواهب الصاعدة على مهل فإنه من باب التجني هضم دور المخرج «مديح بلعيد» في التعامل مع طبيعة الأطفال بما تحمله من عفوية ومزاجية وخشية وتطويعها لما فيه صالح الكاميرا ! ويبقى الرجاء في ألا يكون مصير هذه ال«نجوم» في قادم الأيام ...الأفول !