بقلم: أبو غسان وقعت مجموعة من الأحزاب السياسية والشخصيات والأحلاف أمس على ميثاق شرف «من أجل انتخابات شفافة وديمقراطية». في العمل السياسي يظل الإمضاء على المواثيق والمعاهدات والعهود حركة رمزية أكثر منها أي شيء آخر، خاصة أن العديد من رجال السياسة عندنا غالبا ما أكدوا، كل على طريقته ما معناه أن «لا اخلاق في السياسة». وفي تونس وحتى بعد 14 جانفي 2011 وقعت العديد من الأطراف السياسية على مواثيق بها التزامات محددة ولكنها لم تلتزم بعد ذلك بأي شيء تقريبا عدا مصالحها وما يخدم أجنداتها. ضمان انتخابات حرة ونزيهة وشفافة يبقى بالدرجة الأولى من مسؤولية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمؤسسات الأمنية (قوات الامن والجيش). فبالنسبة لهيئة الانتخابات عليها أن تعمل على ضمان شروط النزاهة والشفافية والديمقراطية للعملية الانتخابية من خلال الآليات ووضوح قوانين اللعبة للجميع، وعدم المراهنة فحسب على حسن نوايا السياسيين ورفعة أخلاقهم.. والتزامهم بتعهداتهم .. والنوايا الطيبة ولئن كانت مهمة في العمل السياسي فهي غير كافية بالمرة. وأول خطوة تطرح على هيئة الانتخابات هي التثبت من الاستقلالية الفعلية لكل أعضائها وطنيا وجهويا وكذلك حياد موظفيها وإطاراتها الإدارية في كل المستويات، وعليها في هذا الإطار أن توضح للرأي العام ما يحوم من «اتهامات» حول الانتماءات الحزبية من بين عناصرها تفاديا لأي استثمار سيء لهذه الشبهات والشكوك. ويبقى ضمان تساوي الحظوظ بين المتنافسين من أهم مهام هيئة الانتخابات وعليها وضع آليات الرقابة اللازمة لرصد أي تجاوز من الآن وحتى الإعلان عن النتائج النهائية لعمليات التصويت وخاصة في ما يتعلق بالتمويل والحضور الإعلامي وحياد لمرفق العمومي والإداري وأيضا ضمان عدم استخدام دور العبادة والمؤسسة التربوية لأي دعاية انتخابية بأي شكل من الأشكال. أما من الناحية الأمنية فإن قوات الأمن والجيش هي التي ستتكفل بتأمين العملية الانتخابية وحماية المقترعين في كل شبر من تراب الجمهورية. وفي ظل العمليات الإرهابية الأخيرة التي جدت في البلاد والتي رأت فيها أكثر من جهة أنها تستهدف بالأساس الانتخابات ومحاولة إفشالها وبالتالي إفشال العملية الانتقالية وهي في آخر مراحلها لجر البلاد نحو الفوضى والمجهول. وفي ظل وجود مؤشرات على أن هذه التهديدات لا تزال قائمة وقد تتزايد مع اقتراب موعد الانتخابات فإن الجهات الأمنية ستكون مدعوة للتركيز بالخصوص على هذه التهديدات الإرهابية والتصدي لها. وفي هذا الباب تحديدا يمكن للأحزاب السياسية أن تساهم في تسهيل عمل قوات الجيش والأمن وذلك من خلال عدم فتح جبهات أخرى على هذه القوات، واختلاق معارك جانبية وذلك بتجنب التجييش والشحن وتشويه الخصوم، وهي عناصر لطالما كانت مقدمات لحدوث أعمال عنف بين أنصار الأحزاب. وآخر الأمثلة ما جد السبت الماضي بمناسبة المسيرة الوطنية ضد الإرهاب حيث كانت القيادات السياسية جنبا إلى جنب في الصف الأول، في حين كانت القواعد ترفع الشعارات المناوئة بعضها لبعض وكادت تتصادم في ما بينها. وهذا ما يجب على الأحزاب تجنبه حتى تتمكن قوات الأمن والجيش من التفرغ للجبهات التي تهدد أمن البلاد ومستقبلها.