مازالت تداعيات قرار الحكومة بغلق المساجد الخارجة عن السيطرة تتواصل بين رافض لهذا القرار بدعوى الخوف من الممارسات السابقة التي تحد من حرية التدين ومبارك له باعتبار أن هذه المساجد أصبحت محاضن للإرهاب وراعية للخطاب الديني التحريضي. وقد علّق نائب رئيس حركة «النهضة» الشيخ عبد الفتاح مورو على هذا القرار في تصريح ل«التونسية» قائلا إن هناك مجموعة من الضوابط القانونية يجب أن تخضع لها كل المؤسسات بما في ذلك دور العبادة مؤكدا على وجود إجماع في الوقت الحالي على أن المساجد الخارجة عن السيطرة باتت تشكل خطرا على الأمن العام للبلاد. ولم يخف نائب رئيس حركة «النهضة» في تصريحه ل«التونسية» خشيته من أن يصيب هذا القرار مرتادي المساجد بصدمة مشيرا إلى عدم استساغة جزء هام من المتدينين المعتدلين لغلق بيوت الله داعيا إلى مزيد تفسير قرار الحكومة وتنزيله في الإطار الأمني الذي تعيشه البلاد حتى يقع تمريره بسلاسة وحتى لا يحصل لدى الناس انطباع بأن الحكومة ضد التديّن. وعبّر مورو عن خشيته أن تنزلق الحكومة شيئا فشيئا نحو تجفيف المنابع الدينية مثلما تم ذلك في العهد البائد ممّا ولّد تصحرا في الخطاب الديني المعتدل في السنوات الماضية مشيرا إلى أنه يمكن أن يكون لمثل هذه القرارات مفعول عكسي باعتبار أن تجفيف المنابع الدينية يؤدي ضرورة إلى التصحر في الفكر والخطاب الديني المعتدل وان ذلك ما يفتح الباب للخطاب المتشدد الذي يؤدي إلى الإرهاب وتبنّي أفكار بعيدة كل البعد عن الإسلام التونسي المعتدل . ودعا نائب رئيس حركة «النهضة» إلى تجاوز هذه الأزمة بإشراف الحكومة على حماية المساجد دون غلقها وذلك بتعيين أيمّة يحملون الفكر الإسلامي المعتدل وتوفير الحماية الأمنية داخل المسجد عن طريق أعوان أمن مدنيين لتجنب الفوضى والسيطرة عليها بالقوة وإزاحة الأيمّة من المنابر من قبل الجماعات المتشددة. كما برّر الشيخ عبد الفتاح مورو قرار غلق المساجد الخارجة عن السيطرة بمرور البلاد بمرحلة حساسة معتبرا أن حكومة جمعة في موقف لا تحسد عليه يجعلها مدعوة إلى التريث قبل اتخاذ أي قرار حتى لا يؤوّل في هذا الاتجاه أو ذاك . وحول مدى قانونية ودستورية هذا القرار قال مورو إن السلطة التنفيذية تمتلك صلاحيات غلق أو منع المؤسسات التي تمثل خطرا على الشأن العام حسب تقديرها مشيرا إلى أن هذه الصلاحيات يمكن سحبها على المساجد أيضا إذا ما تحول خطابها إلى تهديد للمجتمع والأمن العام للبلاد. وفي تعليق على دور المجتمع المدني في التصدي للتطرف في المساجد قال الشيخ عبد الفتاح مورو إنه يستغرب موقف بعض مكونات المجتمع المدني والأحزاب التي تتعامل مع الخطاب الديني بساسية المكيالين فهي من ناحية تتصدى وتعارض الخطاب الديني في المساجد ومن ناحية تنتقد خطب الدعاة ورجال الدين المعتدلين في المساجد أو في المنابر الإعلامية بدعوى أنهم ينتمون إلى أحزاب معنية (في إشارة إلى شخصه). في السياق ذاته قال نائب رئيس حركة «النهضة» إنه بقطع النظر عن انتماء رجال الدين المعتدلين إلى هذا الحزب أو ذاك فإن كافة مكونات المجتمع المدني مدعوة إلى دعم الخطاب المعتدل في المنابر وفي وسائل الإعلام لمجابهة تيار الخطاب المتشدد مؤكدا على أن الخطاب الديني لا علاقة له بالسياسي وأن قرار غلق المؤسسات الإعلامية المخالفة يجب أن ينسحب على كل المؤسسات الغير مرخص لها وليس على المؤسسات الدينية فقط.