«الزّهايمر» داء يُصيب المخ ويتطوّر ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلّم. وقد يرى البعض أن طول العمر نعمة بل أنها غاية يهون من أجلها كل شيء وتجسد صراع الإنسان مع الزّمن ليضمن حياة أطول لكن في بعض الأحيان يصبح طول العمر نقمة بعد أن يظهر مرض «الزّهايمر» أو الخرف حسب تسمية مبسّطة وتكون أبرز معالمه فقدان الذاكرة وما ينتج عن ذلك من اختلال في وظائف المخ ومن أبرز أعراض المرض حسب المختصّين في معالجة مرض «الزهايمر» عشرة دلائل من ضمنها الفقدان الظرفي أو الجزئي للذاكرة، مشاكل في الكلام والتّخاطب وفقدان القدرة على تحديد الاتجاه أو المكان، تقلّب المزاج، تغيّر الشخصية والطّبائع، ضعف القدرة على التقييم وتقدير الأمور، وفي قضية الحال يبدو أنّ أمّي زهرة قد أصيبت بمرض «الزهايمر» حسب رأي أبنائها وهي الطاعنة في السن (80 سنة ويزيد)، إضافة إلى ضعف بصرها وسمعها وهو ما جعلها تخضع إلى رقابة مشدّدة من طرف كافة العائلة خوفا على ضياعها أو تعرّضها إلى مكروه. صبيحة العيد حصل المكروه قامت أمي زهرة صبيحة العيد باكرا واتصلت بجميع أبنائها الذين يقطنون بجانب منزلها بما أن جميعهم متزوّجون وعايدت كافة الأطراف عدا ابنها زهير الذي يقطن بعيدا عنها بحوالي مائة وخمسين مترا وهو الذي يتعاطى النشاط الفلاحي حيث لم يخطر ببال جميع أسرتها التي انشغلت بعد المعايدة بمراسم الاحتفال بعيد الفطر لاستقبال الأقارب والأحباب وفي غفلة من الزمن تسلّلت الضحيّة لوحدها قاصدة منزل ابنها زهير وبما أنها مُصابة بداء «الزهايمر» وتفتقد للقدرة على تحديد الاتجاه أو المكان المقصود فقد سلكت الطريق المؤدية إلى البئر المهجورة والتي هي على ملك ابنها زهير ودون التفطن إلى الاقتراب منها بما أنها تشكو من نقص في البصر والسمع سقطت المسكينة في هذه البئر والتي حُدّد عمقها بحوالي 27 مترا لتحصل الكارثة حيث غادرت المسكينة الحياة دون أن يتفطن إلى سقوطها في هذا البئر أحد. هلع في العائلة حاول أحد الأبناء الاتصال بها ببيتها للاطمئنان عليها ومدّها ببعض الحلويات لكنه فوجئ بغيابها فسأل عنها جميع الحضور لكن يبدو أن الأرض قد ابتلعتها حسب رواية أحد أبنائها حيث تجنّد الجميع للبحث عنها يمينا وشمالا شرقا وغربا لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، فلم يبق لدى الجميع من حلّ سوى تفقد البئر المهجورة. بكاء ولوعة نعم كان المنظر مفزعا حيث أطلق الجميع عقيرتهم بالصياح والبكاء كيف لا وأمي زهرة جثة هامدة وسط البئر وهي التي كانت لدى كافة أبنائها الضوء الذي ينير لياليهم حيث فارقتهم إلى أبد الآبدين. إعلام الحماية المدنية والنيابة العمومية وعلى الفور تم إعلام الحماية المدنية والنيابة العمومية للمعاينة واستخراج الجثة وفي ظرف وجيز حلّ الجميع بموقع الحادثة ليتم استخراج الجثة وسط نواح وبكاء كل الذين حلوا على عين المكان حيث هالهم هذا المشهد المبكي المحزن المرعب فلم يتوقع الجميع أن تكون نهاية أمي زهرة الإنسانة الحنون المتخلّقة بهذه الشاكلة.