بقلم: جيهان لغماري بين الأماني والواقع الأمور على الأرض مسافات قد تقصر وقد تطول، قد تتجافى وقد تتقاطع وتلتقي حسب ما ستظهره الطبقة السياسية من حنكة ووعي بمتطلّبات المرحلة أو مِنْ تهافت صبياني ينتصر للألوان الحزبية بكل الأساليب على حساب المصلحة العامة. أماني ما قبل الانتخابات لا تختلف عن أماني ما بعدها إلاّ في التفاصيل،ّ فالهدف واحد وهو استرجاع الاستقرار الحقيقي للبلاد في كل المجالات دون استثناء لأنه القاطرة الوحيدة لتحفيز النهوض الاقتصادي والاجتماعي والمرور إلى مرحلة جديدة تُنسي المواطن العادي خيبات وهزات المراحل الانتقالية المتعاقبة. أولى الأماني وهي محور كل ما سيأتي من بعدها، هو العمل حقا على الوصول إلى الانتخابات! فبين المأمول وهو خط الوصول، وبين تقلّبات المشهد سواء في تونس أو خارجها المؤثر كالحالة الليبية، سيناريوهات متناقضة لا يجب حجبها أو عدم الالتفات إليها بل لا بد من التعاطي مع إمكانية حصولها ولو بنسبة ضئيلة، كتعطّل المسار الانتخابي لا قدّر الله. إنّ استباق ما قد يحدث سيمكّن الجميع من وضع آليات عملية لتجاوز أي عائق قد يطرأ حتى لا تتعطّل الانتخابات مهما كانت الصعوبات. الانتخابات تتطلّب ظروفا طبيعية لا يعكّر أجواءها احتقان وتلاسن بين المرشّحين، ولا محاولات لإفشالها أو إفراغها من جدواها، وهنا يأتي معطى الإرهاب الذي سيعمل بكل دمويّته على زرع الرعب والخوف بين المواطنين حتى لا يرتادوا مراكز الاقتراع. المجهود الأمني وحده لا يكفي ومن الضروري معاضدته بأشكال مختلفة، فتعدّد مهامه بين حماية الحملات الانتخابية للمرشحين وتعقب الإرهابيين والمهام العادية قد يستنزف عامل اليقظة والدقة لديه. الأمنيات في هذا الجانب، أن تعمل الأحزاب بصدق على «ترشيد» حملاتها الانتخابية وذلك بأن «تُعَقْلِن» جموح أنصارها إلى الخطاب «القُصْوَوِي» وتمضي في تقديم وتبسيط برامجها للناس بعيدا عن تخوين الأطراف الأخرى، وأن تحترم الشروط القانونية لسير حملاتها حتى وإن اختفى الرقيب!. إنّ على الذين أمضوا على الميثاق الأخلاقي لاحترام سير الانتخابات إثبات ذلك في أفعالهم حتى لا تبقى أقوالهم كالعادة، تُضْمِر عكس نياتهم الحقيقية. لو نجح « وهذا ما نتمناه » المسار الانتخابي إلى منتهاه وبعد صدور النتائج ستكون الأمنيات بسيطة وواضحة: أنْ يفهم نواب التشريعي القادم أنهم قبل كل شيء، ممثلو الشعب قبل الحزب!، أن يستوعب المنتصرون أنّ جزءا فقط من الشعب انتخبهم لكنهم في خدمة كل الشعب!، ألاّ يعتبروا نتائج الصندوق غنيمة للاقتسام بين المُريدين أو العمل على الاستفراد بها بكل الأساليب بدعوى الصندوق. عليهم أن يُدركوا أنّ أصوات الناس التي وثقت بهم يوم الانتخاب، كما أُعْطِيَتْ لهم فإنها أيضا قد تُسْتَرَدُّ منهم في كل وقت!.. الأماني ألا ّ يقعوا في فخ الكرسي فيترفّعون عن ناخبيهم ويقف المنتصر عند «ويل للناخبين» مخاطبا إياهم: شكر الله سعيكم، ما دمتم انتخبتموني، تحمَّلوني ولا تحاسبوني!. الأماني كثيرة ومتفائلة بتحفّظ رغم كل شيء، وعلى السياسيين تجذير هذا التفاؤل بتحقيق جزء يسير منها وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!.