علمت» التونسية» أن مهنيي قطاع الحليب طالبوا بزيادة في حدود 20 مليما للتر الواحد معتبرين أن هذه الزيادة تمثل الحد الأدنى محافظة على منظومة الحليب التي تماسكت في السنوات الأخيرة وقد أكد في هذا الصدد السيد بوبكر المهري المسؤول بمجمع «دليس» أن اللجنة المشتركة بين وزارتي الفلاحة والصناعة والتجارة مقتنعة بتعديل الأسعار غير أنها تجد حرجا في إقرار هذه الزيادة بسبب صعوبة الوضع الإقتصادي . وأشار المهري إلى أن جل مركزيات الحليب تعيش اليوم وضعية صعبة قد تؤدي في حال تواصلها إلى ارباك المنظومة بأكملها وذلك بسبب ارتفاع أسعار جل عناصر الانتاج . وقال المهري في هذا الصدد إن آخر تعديل في سعر الحليب يعود إلى شهر أكتوبر 2012 في حين ارتفعت كلفة الكهرباء منذ ذلك التاريخ بنسبة 37 بالمائة والأجور ب10 بالمائة والمحروقات ب10 بالمائة إلى جانب انزلاق سعر الصرف الذي أدى إلى استقرار الدينار في حدود 2,3 مقابل العملة الأوروبية الموحدة . كما أكد المسؤول بمجمع «دليس» أن الدراسات المشتركة التي تم القيام بها مع وزارة الصناعة أثبتت أن الزيادة في عناصر الإنتاج أدت إلى زيادة ب53 مليما في كلفة اللتر الواحد مشيرا إلى أن مطالبة المهنيين بزيادة في حدود 20 مليما هي الحد الأدنى للمحافظة على سلامة المنظومة وحمايتها من التهاوي معتبرا أن التعديل الذي طالب به المهنيون لا يدخل في هامش الربح بل لتقليص هامش الخسارة . وأكد بوبكر المهري أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحليب والتصدير في فترات الذروة مكسب وطني يجب أن يحافظ عليه المهنيون والدولة أيضا مشيرا إلى أن تحفظ الحكومة على إقرار الزيادة قد يكون رصاصة الرحمة التي ستطلقها على القطاع المحتضر حسب كلامه . واعتبر مصدر «التونسية» أن الحل الأمثل اليوم لتعافي المنظومة وضمان استمراريتها واستمراية التزويد في السوق هو تحرير رفع الدعم عن القطاع مؤكدا أن رفع الدعم لن يؤدي إلى ترفيع الأسعار بقدر ما سيخلق ديناميكية ومناخا تنافسيا يخدم مصلحة المنتج والمستهلك على حد السواء مستشهدا بنجاح تجربة تحرير «الياغرط » باعتبار أن المركزيات المصنعة أصبحت قادرة على توفير منتوج متنوع وبأسعار مختلفة تتماشى والقدرة الشرائية للمواطن . لا خوف على التزويد من جانبه قال كمال الرجايبي مدير الدراسات والتسويق بالمجمع المهني للحوم والألبان أن منظومة الألبان تحتاج إلى متنفس بعد أن خنقت الزيادات المتتالية في مدخلات الإنتاج كامل حلقات المنظومة مشيرا إلى أن تعديل سعر الحليب مع مراعاة المقدرة الشرائية للمواطن والظرف الاقتصادي العام للبلاد سيحافظ بشكل كبير على سلامة المنظومة وتوازنها و سيجنب الدولة اللجوء إلى التوريد في فترات الذروة . وحول إمكانية تجفيف المصنعين للسوق لإجبار الوزارة على تعديل الأسعار قال الرجايبي إن المهنيين يتمتعون بقدر من الوطنية ولا يمارسون هذا النوع من المساومة خاصة أن قنوات الحوار لا تزال مفتوحة من أجل إيجاد صيغة تراعي مصالح جميع الأطراف وتحافظ على القدرة الشرائية للمواطن . في السياق ذاته قال مدير الدراسات والتسويق بالمجمع المهني للحوم والألبان أن منظومة الحليب في غاية الهشاشة نظرا لحساسية هذه المادة وكذلك لكثرة الحلقات المتدخلة فيها بداية من الفلاح إلى المجمع ثم المصنع وهو ما يفرض ضرورة المحافظة عليها وحمايتها كقطاع صناعي وفلاحي مشغل وله مساهمة هامة في الإقتصاد الوطني . وأشار الرجايبي إلى أن سعر الحليب في تونس مقارنة بالبلدان المجاورة سواء في محيطينا المغاربي أو بالضفة الجنوبية للمتوسط يبقى معقولا وهو ما يتطلب المحافظة على هذه المنظومة خدمة للاقتصاد وحتى نتجنب اللجوء إلى توريد هذه المادة بالعملة الصعبة في صورة تراجع الإنتاج أو تهاوي المنظومة بأكملها.