بقلم: أبو غسان انطلقت أمس عملية تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية المقبلة لتتواصل أسبوعا كاملا. والأرجح أن «العواصف» التي هبت على بعض الأحزاب بسبب اختيار رؤساء القائمات ستتواصل في الأيام المقبلة حتى بعد غلق باب الترشحات رسميا. والحقيقة أن بعض الأحزاب عاشت أكثر من مجرد «عواصف» في الأيام الأخيرة بمناسبة اختيار رؤساء القائمات بل إن الأمر وصل أحيانا إلى ما يشبه «الحروب الأهلية» التي كلف بعضها خسائر كبيرة حتى الآن والمؤكد أن شظاياها ستؤثر على النتائج التي ستتحصل عليها هذه الأحزاب في الانتخابات. ما جرى في بعض الأحزاب في الأيام الأخيرة أكد عديد الحقائق حول طريقة عمل بعضها ومن بين هذه الحقائق بالخصوص غياب الممارسة الديمقراطية في العديد منها واعتماد بعض القيادات على الولاءات والمحاباة في اختيار المرشحين لخوض غمار الانتخابات بدل الاعتماد على آليات واضحة تضبط مسبقا وتحظى بموافقة الجميع يتم بمقتضاها اختيار الشخصيات المناسبة، وهو ما فتح الباب لبروز كل تلك المشاكل وحتى المهازل. وطبيعي أن تأثيرات هذه الممارسات تصبح كارثية على هذه الأحزاب حين يغيب الانضباط ويرفض البعض ممن يرون أنفسهم أجدر بترؤس قائمات أحزابهم سياسة الأمر الواقع ويختارون طريق الانشقاق ونشر الغسيل الداخلي للحزب. صحيح أنه كان متوقعا أن تفشل بعض الأحزاب حتى من داخل العائلات الفكرية أو السياسية المتقاربة في تكوين تحالفات انتخابية.. وصحيح أيضا أنه كان منتظرا أن تحدث بعض الخلافات حول اختيار رؤساء القائمات في«الجبهة الشعبية» مثلا باعتبار تعدد الأحزاب المكونة لها.. ولكن الذي حدث في بعض الأحزاب الأخرى وخاصة حزب «نداء تونس» فاق كل الحدود والتصورات خاصة أن استطلاعات الرأي تقدّمه كأكبر منافس لحركة «النهضة» التي فازت بالانتخابات الأخيرة. واللافت أن الخلافات التي برزت في «نداء تونس» كانت عديدة ومتعددة الأوجه بعضها بين بعض الأسماء «الكبرى» في الحزب وبعضها الآخر بين القواعد والقيادات وبعضها الآخر بين الجهات والمركز. والسؤال المطروح اليوم هو مدى تأثيرات ما جرى في« نداء تونس» مؤخرا على النتائج التي سيحصل عليها الحزب وعلى طريقة تسييره في المستقبل. الدرس البارز الآخر لما جرى في الأيام الأخيرة يتعلق بدرجة الانضباط التي أظهرتها قيادات وإطارات وقواعد حركة «النهضة» والتزام الجميع باحترام قرارات الحزب مهما كانت درجة الرضى عنها. فقد نجحت الحركة حتى الآن في إدارة عملية اختيار رؤساء قائماتها للانتخابات المقبلة والدليل على ذلك عدم بروز أي احتجاجات بشكل علني وهذا لا يعني أنه لم تكن هناك خلافات حول بعض الاختيارات بل هو يعكس مدى الانضباط السائد في صفوفها وهو ما يجعلها تدخل غمار الانتخابات القادمة دون أية معارك جانبية قد تؤثر على حظوظها عكس بعض منافسيها الذين قد تكون خسائرهم بعد «ثقيلة» في معركة الانتخابات التي لم تنطلق بعد فعليا .