بقلم : إيمان الحامدي حسمت خلال الساعات الماضية تقريبا جل الأحزاب أمر قائماتها الانتخابية، وتوافد رؤساء القائمات أفرادا وجماعات وسط مظاهر احتفالية على المقرات الجهوية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإيداع القائمات والحصول على الوصول النهائية في انتظار اليوم الموعود . مخاض القائمات في جل الأحزاب كان عسيرا وتطلب في بعض الجهات عمليات قيصرية أدت إلى قطع الحبل السري مؤقتا أو نهائيا بين الأحزاب وبعض مناضليها الغاضبين ممن وجدوا أنفسهم خارج قائمات الأشخاص الذين حظوا بشرف التزكية لدخول قبة البرلمان . حمى القائمات اجتمعت في كل الأحزاب على اختلاف ألوانها السياسية على شعار واحد «إما أن أكون رئيس قائمة أو أنقلب « ثم سرت حمى الرئاسة لتشمل الموقع الثاني والثالث والرابع إذا اقتضى الأمر ، وهو ما خلّف استقالات بالجملة شملت هياكل جل الأحزاب بداية من المكاتب الجهوية والمحلية وصولا إلى المراكز القيادية . ورغم أن صراع القائمات كان جليا في حركة «نداء تونس» ما جعل منه مادة إعلامية دسمة طيلة الأيام الماضية فإن المطّلع على خبايا الأحزاب يكاد يجزم أن جلها بل وحتى أكثرها انضباطا شهد هزات عنيفة في داخله بسبب إقصاء قيادات تاريخية من سباق التشريعية أو عدم التجديد للنواب الحاليين . قد لا تظهر الشروخ التي أحدثها سباق «التشريعية» في الأحزاب حاليا وقد تتمكن القيادات بقدرتها على التجميع وبدهائها السياسي من تجاوز مخلفات هذه الأزمات لكن المؤكد أن مخلفاتها ستظهر في الأشهر القادمة وقد تساهم بشكل كبير في إعادة تشكيل المشهد السياسي وفتح موسم جديد ل«الميركاتو» السياسي . فالغاضبون والمنقلبون والمقصيّون سيسعون إما إلى إعادة التنظم مجددا في شكل قائمات مستقلة أو الهجرة نحو أحزاب أخرى حتى وإن اختلفوا معها فكريا وايديولوجيا فقط لأنها قادرة على أن توصلهم إلى قبة باردو على صهوة جواد وقوده المال السياسي . وحدها الاستحقاقات السياسية الكبرى تكشف معادن السياسيين ونوعية نخبنا السياسية وهشاشة أحزابنا ، ولا غرابة في ذلك فإذا كانت الزعامات السياسية تضحّي بالغالي والنفيس وتضع في المزاد العلني تاريخها النضالي «المشكوك فيه أصلا» من أجل الوصول إلى قصر قرطاج فلا غرابة أن تنتج هذه القيادات من نسلها جيلا هجينا من الغاضبين والانقلابيين لا هم ّ لهم إلا الوصول إلى قبة البرلمان والتدثر بالحصانة النيابية حتى لو كان ثمنها مصلحة الوطن .