قادتني خطاي صباح أول أمس إلى القباضة المالية بنهج النمسا غير بعيد عن المقر المركزي للإذاعة، ولا أخفي عليكم أني كنت أتوقع أن أجد نفسي في بناية حديثة تتوفر فيها ظروف الراحة للعاملين فيها وللمواطنين الذين يقصدونها، غير أن «البشائر» هلت منذ دلفت إلى الباب الرئيسي إذ اعترضتني لوحة معدنية خط عليها «لا يتوقف المصعد في الطابق الأول» المخصص للقباضة أما الطابق الثاني فمخصص لإدارة الأداءات على ما يبدو. قلت في نفسي فلأجرب الصعود إلى الطابق الثاني ضربة واحدة فإذا بالمصعد معطل تماما ، فهو متوقف منذ زمن في الطابق الأرضي، تدل على ذلك خيوط العنكبوت التي ترابط في جنباته. قلنا «موش مشكل» لعل الظروف أفضل فوق، حين وصلت إلى الباب الضيق للقباضة اصطدمت بطابور طويل وكأنه يوم الحشر، سألت «متاع شنوة الصف هذا؟» قيل لي «التصريح بالأداءات». ولأن الأمر لا يعنيني إذ جئت لقضاء شأن مختلف تسللت بين الجموع ، لأجد اكتظاظا وفوضى لا حد لها، رفعت رأسي قليلا أنظر في تلك اللوحات الإلكترونية التي تعلن عن أرقام طالبي الخدمة فاكتشفت أن كل الشاشات سوداء وحين سألت قيل لي إن الجهاز معطب منذ زمن. أي نعم، ترفض وزارة المالية إصلاح جهاز ينظم إسداء خدمات قباضة مالية في قلب العاصمة (فما بالك لو كانت القباضة في داخل البلاد؟) ممّا يتسبّب في فوضى وفي تعطيل مصالح المواطنين وتتوتر الأجواء... نقطة الضوء الوحيدة التي رصدتها في زيارتي للقباضة المالية بنهج النمسا وآمل أن تكون الأخيرة هي ذلك الموظف الشاب الذي ينصت لشكوى المواطنين ويحاول تفسير الإجراءات لهم ونصحهم ... اكتشفت لاحقا أن ذلك الموظف الشاب الذي كان يتنقل من شباك إلى آخر يساعد زملاءه ليس سوى القابض نفسه ولكنه ليس من الملتصقين بكراسيهم. أما الموظفة التي شاء حظي العاثر أن أقع بين يديها فطلبت مني أن أنتظر قليلا بحركة من يدها اليمنى، وبعد نصف ساعة من الانتظار سألتها «هل سيطول انتظاري؟» فردت بضيق دون أن تنظر إليّ «برشة خدمة زيد إستنى وكان ما تحبش أرجع غدوة» ... قلت لها «سيدتي لم أجرم إذ سألتك» فما كان منها سوى أن نهضت من كرسيها ودفعته بعنف ثم غادرت إلى مكتب مجاور دون أن تنسى أن تضرب الباب بقوة وكأنها تطردني من بيتها... السيد وزير المالية المحترم، هذه عينة من أداء بعض الإدارات التي تتبع وزارتك ولكم سديد المتابعة والنظر.