بقلم: مصطفى قوبعة استوفت المحطة الانتخابية القادمة أولى مراحلها بغلق باب الترشح لها مسجلة تقديم 1500 قائمة مترشحة تجمع بين الصفة الحزبية والصفة الائتلافية والصفة المستقلة مقابل 1662 قائمة متنافسة في انتخابات أكتوبر 2011. لقد كان من المفروض أن تشهد الفترة الفاصلة بين انتخابات 2011 وانتخابات 2014 عملية غربلة كبيرة للمشهد السياسي وإعادة تشكله بصفة أمتن يفضيان إلى التلاشي الطبيعي للطفيليات السياسية، ولكن الحصيلة هي قطعا دون المأمول بكثير وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن جزءا كبيرا من الطبقة السياسية المهيكلة والمستقلة لم تستوعب دروس وعبر انتخابات 2011، وهذا يكفي لأن يهدد بجدية الآمال المعلقة على انتخابات 2014. فغير خافٍ على أحد أن هذا الكمّ الهائل من القائمات الانتخابية يهّمش صميم العملية الانتخابية ويعمّق من حيرة الجمهور الانتخابي الواسع ويشتت خياراته الانتخابية بما قد يؤدي إلى استنساخ نتائج شبيهة بنتائج انتخابات أكتوبر 2011. وإذ لا يزال البعض يفتخر بهذه الانتخابات باعتبارها أول انتخابات في ظلّ الدستور الجديد، دستور الجمهورية الثانية، فإن تجربة دستور 1959 كما تجارب الكثير من شعوب العالم علمتنا أن مضامين الدساتير قديمة أو جديدةو مهما بلغته من تقدّم وما وضعته من آليات ومن مؤسسات لا تضمن الجمهورية الديمقراطية ولا تحصّنها من الانتكاسات ومن المخاطر. والأخطر من هذا أن يرافق انطلاق العملية الانتخابية تزامنا بين تفجّر الأوضاع الاقليمية وتنامي موجة التهديدات الارهابية والتحذيرات المتواترة عن استهداف شخصيات وطنية بارزة وفق ما تؤكده الجهات الأمنية المختصة. ومع انطلاق العملي ة الانتخابية كذلك تعود مسألة دور العبادة إلى صدارة الاهتمام خاصة بعد إعلان الحكومة المؤقتة غلقا تحفظّيا لبعض المساجد وما أثاره من تعاليق ومن ردود فعل مختلفة جانبت في جلّها الصواب، وبعد تأكيدات الوزير المكلف بالشؤون الدينية باستعادة وزارته «السيطرة» على جلّ دور العبادة وتواصل المجهود من أجل «إسترجاع» البقية المتبقية. وحول هذه المسألة يبدو أننا ندور في حلقة مفرغة وأن إشكالات دور العبادة ستبقى قائمة بما تحمله من توظيف سياسي ومن عامل لاثارة التوتر المجاني طالما أن الطبقة السياسية برمتها من سلطة ومعارضة تحوم دون جدوى حول مفهوم تحييد المساجد ومعاني «سيطرة الدولة» عليها في المطلق وحسب إجتهادات وزير يخلف آخر والحال أن المطلوب من الجميع التفطن إلى أن الحل في الحالة التونسية يكمن في إضفاء صبغة المرفق العام الديني على دور العبادة باعتبارها شأنا مشتركا بين جميع التونسيين بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية من عدمها، بما يستوجب اعادة تنظيم تسييرها وفق المبادئ الرئيسية الاربعة التي تسوس المرفق العام وهي السير العادي لدور العبادة ومساواة الجميع أمامها وفيها، واستمراريتها وملاءمتها مع الاحتياجات الروحانية للمجتمع التونسي وللخصوصيات التي ميزته تاريخيا عن بقية الشعوب العربية الإسلامية فيض من غيض، ولكن في هذه الظروف الصعبة على جميع المستويات يصبح «اليأس خيانة والوطن أمل».