تعتبر مدينة صفاقس من أبرز المدن بالجمهورية التي تنتج زيت الزيتون لما يوجد بها من أراض فلاحية شاسعة مخصصة لغراسة الزياتين منذ مئات السنين. فمنذ القديم عرفت مدينة صفاقس بزيتها وبزيتونها الأصيل حتى أن بعض المناطق سميت على اسم الزيت أو الزيتون على غرار معتمدية ساقية الزيت أو شارع زيت الزيتون بمركز السبعي بطريق المهدية وكذلك سوق الزيتون بأول طريق قرمدة، حيث كانت المئات من المعاصر منتصبة بمدينة صفاقس لاستخراج الزيت نقيا أو ما يسمى بلغة الأجداد « زيت نضوح » . ولكن في العشرية الأخيرة شهدت مدينة صفاقس تراجعا في انتاج الزيت وفي اليد العاملة سواء في عملية الجني أو في المعاصر منتصبة وبحديثنا مع بعض فلاحي الجهة بمدينة صفاقس أشاروا ل « التونسية» بأنه منذ سنوات خلت كان الفلاح ينتظر بفارغ الصبر موسم جني الزيتون باعتباره عرسا فلاحيا وعائليا لتحصيل «عولة» السنة من الزيت ومن الزيتون مبينين أن جل أفراد العائلة كانوا يتجندّون لهذا العرس وكلهم يد واحدة من أجل انجاحه مضيفين أن الوضع الان تغير وقلت اليد العاملة وأصبح الفلاح عاجزا عن الجني وحده لأن جل الذين كانوا يعملون في الفلاحة رحلوا الى عالم الأموات وأن جيل اليوم من الشباب أصبح عازفا عن القيام بالأعمال الفلاحية لأنه يرى أنها تنقص من قيمته لما تسودّ كفيه من الزيتون مبينين أن الجيل القديم من الشباب كان من جيل خبز الشعير وحساء العدس والخضراوات في حين أن شباب اليوم أصبح من جيل الياغورت والبسكويت. وعن المعاصر التي أغلق أغلبها أشار محدثونا من الفلاحين القدامى إلى أن قلة اليد العاملة هي السبب الرئيسي في ذلك حيث أصبح هاجس صاحب أرض الزيتون منصبا على عملية الجني وايصال المحصول للمعاصر بسلام في حين أنه قديما لم تكن اليد العاملة تمثل مشكلا أو عائقا مبينين أن هذه السنة ستكون سنة خير لأهالي مدينة صفاقس لأن جل أشجار الزيتون تتمايل من كثرة المحصول. خاتمين القول إ ن زيتون هذه السنة صابة ولكن يبقى السؤال المطروح أمام الكل : من سيقوم بجني المحصول وأين هم شبابنا وسواعد مستقبلنا ؟