«عاش يتمنّى في عنبة ...و كي مات جابولو عنقود»... كلمات قالها الأديب «علي الدوعاجي» وهو على فراش الموت , لتصبح «عبرة» و«مضرب مثل» في بلد غالبا ما يعترف بقيمة مبدعيه إلا بعد خلودهم إلى الراحة الأبدية ولا يمدحهم إلا عند موتهم... وحتى بعد رحيلهم , فلن يوّدعهم سوى بلاغ نعي يتيم ! كثيرون هم الفنانون الذين يتألمون في صمت بين الجدران المغلقة من وطأة الحرمان وصدمة الإهمال ويتحسرون على مجد الأمس ومرض اليوم... لكن قلة هم من يملكون شجاعة «السؤال» صراحة ومكافحة حكومتهم وتذكيرها بواجبها تجاههم ...أما البقيّة فتقبع في عتمة النكران وظلمة النسيان ...شعارها في وحدتها: «الشكوى إلى غير الله مذلة». من ينقذ «فتحي النغموشي»؟ ومن بين هؤلاء الفنانين الموجوعين, المتألمين ,المنسيين... الفنان «فتحي النغموشي» فهو حالة أخرى والأكيد أنها ليست بالأخيرة فهناك الكثير من الفنانين الذين تنكر لهم الزمان وأهله وباتوا عاجزين حتى عن مداواة أمراضهم وعلاج دائهم... فبعد مسيرة مسرحية ثرية أسست لوجود الفن الرابع في مدينته جندوبة... يعجز «فتحي النغموشي» اليوم حتى عن تأمين مصاريف التنقل من جندوبة إلى العاصمة وتحديدا إلى مستشفى «صالح عزيز» للخضوع إلى فحوصات أطباء الاختصاص بعد أن تفشى «السرطان» في جسده... وباتت حياته... في خطر ! و في ظل غياب القوانين والقرارات التي تؤمن التغطية الاجتماعية للفنانين وتضامنا مع مثل هذه الوضعية الصحية والاجتماعية الحرجة التي تستدعي تدخلا عاجلا أطلق أمس كل من «اتحاد المسرحيين المحترفين» و«نقابة مهن الفنون الدرامية» و«النقابة المستقلة لمحترفي الفنون الدرامية» حملة تكافل وتضامن بدار الثقافة ابن رشيق قصد جمع مساهمات نقدية لمواجهة المصاريف المتعلقة بالحالة المذكورة. كما تعتزم «نقابة مهن الفنون الدرامية» عقد جلسة طارئة مع وزير الثقافة مراد الصقلي للنظر في وضعية الفنانين الدراميين الذين يعانون حالة صحيّة حرجة وذلك لمحاولة إيجاد حلول جذريّة لهذه الوضعيات... وهي بصدد جمع أسماء هؤلاء الفنانين من مختلف أنحاء الجمهورية . فهل قدر أهل الفن والإبداع في بلادنا, كما قال الشاعر: «ما يسعد فنان الغلبة... إلا من تحت اللحود».