ثماني نقاط في ست مقابلات هي حصيلة الترجي الرياضي إلى حد الآن في بطولة هذا الموسم وهي حصيلة متواضعة جدا بل ورديئة لا تتماشى وطموحات هذا النادي العريق صاحب الأرقام القياسية على مستوى التتويجات المحلية والمطالب في كل سنة بلعب الأدوار الأولى... الحصيلة لم تبلغ حتى المعدل الأدنى أو ما يعبّر عنه في مجال الدراسة « بتعريفة الحاكم «، فالأحمر والأصفر يجد نفسه اليوم على بعد خمس نقاط كاملة من صاحب الطليعة الذي تنقصه مباراة مما يجعل الفارق قابلا للإزدياد وبلوغ ثماني نقاط ... هذا على مستوى النتائج ، أما في خصوص الاداء فإنه متذبذب وغير مستقر بالمرة ولم يرتق بعد إلى المستوى المطلوب في ناد في حجم الترجي الرياضي حيث عجز الفريق إلى حد الآن عن طبع صبغة خاصة تميّزه عن بقية الفرق وتحدد نقاط قوته التي تصنع الفارق لفائدته... إلى جانب كل ذلك فإن الأجواء العامة داخل النادي والتي كانت في الماضي تشكل أبرز ميزاته والعوامل التي تمهد إلى إنجازاته الرائعة لم تعد على أحسن ما يرام ... إذن فإن الأمر يتعدى هزيمة في لقاء ما أو تراجع في المردود بل هو أكبر من ذلك بكثير ليشمل كل الجوانب الممهدة للنجاح في فريق رياضي. الترجي لم يواجه بعد أي منافس مباشر على اللقب النتائج المتواضعة المسجلة من طرف الترجي الرياضي إلى حد الآن تأتي في الوقت الذي لم يواجه فيه الفريق بعد أي منافس مباشر على اللقب ولم يخض فيه أي كلاسيكو أو مباراة « كبرى « وكان من المفروض إذن أن يحصد الإنتصار تلو الآخر في كل المباريات التي أجراها والتي كان في السابق لا يساوم في نتائجها وكان يحسم بفضلها مصير البطولات وهذا ما يزيد في تعقيد وضعيته وخاصة تداركها في المستقبل ناهيك وأن بوادر الإنفراج غير واضحة بالمرة ولا تبعث الأجواء على التفاؤل بالنسبة لأنصار النادي الذين اعتقدوا بعد سباعية مستقبل قابس أن فريقهم اهتدى إلى الطريق الصحيح قبل أن تعيد هزيمة المرسى وخاصة الآداء الفردي والجماعي الأمور إلى النقطة الصفر وتفتح أبواب التأويلات والتساؤلات على مصراعيها. المنظومة الدفاعية ككل في حاجة إلى المراجعة أصبح الترجي الرياضي يقبل أهدافا في كل لقاءاته تقريبا وكادت الحصيلة أن ترتفع إلى أكثر ما هي عليه اليوم على مستوى الأهداف المقبولة لولا بعض التصديات الحاسمة للحارس معز بن شريفية على غرار المقابلة الأخيرة ضد مستقبل المرسى والتي كاد فريق باب سويقة أن يخرج منها بهزيمة ثقيلة... هذا الوضع يؤكد أن المنظومة الدفاعية ككل ليست في أحسن أحوالها ولا نخص هنا بالذكر الخط الخلفي فحسب بل إن بداية العملية الدفاعية تنطلق من أول مهاجم في الفريق وهي القاعدة التي لا تحترم ولا تتبع اليوم في الترجي الرياضي فالتشكيلة الأساسية تضم أربعة لاعبين لا يحسنون افتكاك الكرة ليغيب الجدار الدفاعي الأول انطلاقا من وسط الميدان ويصبح الوصول إلى المناطق الدفاعية سهلا وسريعا وهذا ما يجعل التوازن مفقودا بين الناحيتين الهجومية والدفاعية... الترجي الرياضي لا يمكنه اللعب بتوازن في ظل وجود لاعب وحيد يجيد افتكاك الكرة وهو حسين الراقد وعلى هذا الأساس فإن وجود متوسط ميدان دفاعي ثان في التركيبة الأساسية أمر ضروري جدا إذا ما أراد الإطار الفني فعلا تدارك السلبيات وضمان عملية افتكاك الكرة التي بدونها لا يمكن للفريق التطلع إلى بناء هجومي ممتاز يصنع الخطر على المنافس، وفي هذا الصدد فإن الإيفواري كوليبالي الذي كسب ثقة خالد بن يحيى بفضل مؤهلاته يستحق أن يكون الحل المناسب على هذا المستوى لإضفاء التوازن المطلوب في خط الوسط وبالتالي للفريق ككل حيث ستنقص المواجهة المباشرة للمدافعين مع كل هجمة من المنافس وستصبح عملية افتكاك الكرة عاليا في منطقة بعيدة عن الثلاثين مترا الأخيرة بما يمهد لهجومات خطيرة ومغالطة الدفاع المقابل... هذا التعديل يفرض نفسه بسرعة وفي أقرب الأوقات لأن اللعب بمتوسط ميدان دفاعي واحد لا يعني بالمرة إعطاء الأولوية للهجوم ولا يعني كذلك النجاح في الخط الأمامي لأن الفريق الذي يتطلع إلى النتائج الإيجابية مدعو إلى اللعب باتزان والنجاح اولا وقبل كل شيء في افتكاك الكرة لضمان الإستحواذ عليها من جهة ثم إحداث الخطر بعد ذلك، كما أن بناء فريق عتيد ينطلق من منظومة دفاعية متميزة وهذا ما يعاني منه الترجي الرياضي اليوم. البطء عدو الترجي الأكبر إضافة إلى ضرورة تعديل الإختيارات في وسط الميدان بما يحدث التوازن في الفريق فإن الترجي الرياضي يشكو اليوم من بطء كبير جدا في عملية البناء الهجومي ، فالسرعة المطلوبة لمباغتة المنافسين غائبة تماما وهو ما يفسر الآداء الهجومي المتواضع للفريق بما أن مباراة المرسى أكدت أن سباعية مستقبل قابس ليست إلا نتيجة عابرة لا تعد مقياسا للتطور الهجومي بل إن ضعف المنافس هو الذي يعد العنصر الأكبر لهذا الفوز العريض الذي عجز الترجيون على تأكيده... الفريق الذي لا يتسم بالسرعة في تصعيد الكرة من الدفاع وبناء هجوماته لن يقدر أبدا على صنع الفارق ولن ينجح في إحداث الخطر وخلق فرص التهديف وبالتالي الوصول إلى مرمى منافسه، هذا البطء الذي يعد اليوم العدو الأكبر للترجيين بلغ حدا غير مقبول في المباراة الأخيرة ضد مستقبل المرسى ، ففريق باب سويقة لن يقدر يومها على التهديف لو لعب أربع ساعات كاملة في غياب العنصر الأبرز للمباغتة وعليه أن يجد الحلول الكفيلة بالقضاء على هذا العائق الكبير الذي يمنع تحسن مردوده وصنع الفارق أمام منافسيه. غياب أبسط خصال الظهير العصري في كرة القدم العصرية وخاصة في الفرق الكبرى التي تتنافس من أجل البطولة في بلدانها غالبا ما يكون الظهيران الأيمن والأيسر من أبرز أصحاب التمريرات الحاسمة الممهدة إلى الشباك من خلال توغلاتهما المتتالية وخاصة توزيعاتهما الدقيقة ، في الترجي الرياضي شكل سمير الخميري في فترة ما ثم طارق ثابت لسنوات عديدة المموّنان الأولان للمهاجمين بالكرات السانحة للتهديف وهو عنصر أضحى مفقودا اليوم بسبب محدودية إمكانيات الأظهرة الموجودين في المجموعة والذين يفتقدون لأبسط الخصال التي تجعلهم ناجعين في خطتهم وأولها التوزيع الدقيق... فالظهير الذي لا يحسن التوزيعات لا مكان له في فريق مثل الترجي الرياضي لأن مثل هذه الكرات لا بد أن يتقنها وإلا فلا فائدة من وجوده وقد لاحظنا في عدة مقابلات فشل كل الأظهرة الحاليين في حبك كرات دقيقة في اتجاه المهاجمين وهذا غير مقبول بالمرة بما انه يعيق الفريق كثيرا ولا يسمح له باستغلال عوامل بسيطة من المفروض أن تتوفر في فريق كبير. فشل ذريع ونتائج طبيعية نبقى مع سلبيات مباراة المرسى لنتطرق إلى موضوع الكرات الثابتة التي توفرت بشكل كبير للترجي الرياضي ولم يتم استغلالها بالمرة بسبب التنفيذ العشوائي للركنيات والمخالفات الشيء الذي يطرح عدة نقاط استفهام حول انضباط بعض اللاعبين في مثل هذه العمليات وعدم مبالاتهم في التنفيذ... مثل هذه الكرات تشكل سلاحا هاما في بعض المباريات التي لا يجد فيها الفريق بناءه الهجومي ولعبه المعهود فيصنع بها الفارق وهذا ما كان مفقودا كذلك في الترجي الرياضي أمس الأول ليصبح الفشل كاملا يمس جوانب عديدة وهذا ما يحيّر الأحباء فعلا من جهة ويجعل النتائج الحاصلة إلى حد الآن طبيعية وابرزها هزيمة المرسى التي استحقها الترجيون لغياب أي نقطة إيجابية في آدائهم باستثناء الحارس بن شريفية الذي لا بد أن نعطيه حقه ونؤكد على أنه أنقذ فريقه من هزيمة ثقيلة. إذن وفي ظل كل هذه النقائص المتعددة والمختلفة فإن الإنتظام في الأداء وأيضا في النتائج هو عنصر من الصعب أن يعرفه الترجي الرياضي خلال هذا الموسم في ظل إمكانيات المجموعة التي تشكل فريقه والتي تتضمن العديد من السلبيات التي تجعل المحافظة على اللقب عسيرا جدا حتى لا نسبق الأحداث ونقول مستحيلا.