وزيرة الإقتصاد فريال الورغي في مهمة ترويجية    حوادث : مقتل 12 شخصا وإصابة 445 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تواصل حملة تنظيف وصيانة حديقة ''البلفيدير''    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    اتحاد الفلاحة: ''علّوش'' العيد تجاوز المليون منذ سنوات    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    الاقتصاد في العالم    كأس تونس: الترجي الرياضي يفقد خدمات 10 لاعبين في مواجهة نادي محيط قرقنة    قبل لقاء الأهلي والترجي: السلطات المصرية تعلن الترفيع في عدد الجماهير    المهاجم أيمن الصفاقسي يرفع عداده في الدوري الكويتي    حادث مرور قاتل ببن عروس..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل : دولة عربية تلاحق عصابة ''تيكتوكرز'' تغتصب الأطفال بالخارج    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    يصعب إيقافها.. سلالة جديدة من كورونا تثير القلق    المتبسطة القيروان مشروع للطاقة الشمسية الفولطاضوئية بقدرة 100 ميغاواط    إلى حدود 6 ماي تصدير 8500 طن من القوارص منها 7700 طن نحو فرنسا    أخبار المال والأعمال    مدعوما بتحسن الإيرادات الخارجية: ميزان المدفوعات يستعيد توازنه    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    اليوم: انطلاق اختبارات البكالوريا البيضاء    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طالبة سعودية تبتكر عصا ونظارة ذكية لدعم المكفوفين    اليوم : بطاحات جربة تعود إلى نشاطها    هذا فحوى لقاء رئيس الحكومة بمحافظ البنك المركزي التونسي..    رابطة أبطال أوروبا: بوروسيا دورتموند يتأهل للنهائي على حساب باريس سان جيرمان    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    دورتموند يفوزعلى باريس سان جيرمان ويصل لنهائي أبطال أوروبا    أمطار أحيانا غزيرة بالمناطق الغربية وتصل الى 60 مم خاصة بالكاف وسليانة والقصرين بداية من بعد ظهر الثلاثاء    وزير السياحة: اهتمام حكومي لدفع الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية وتذليل كل الصعوبات التي يواجهها العاملون به    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8 بالمائة موفى شهر افريل 2024    فرقة "مالوف تونس في باريس" تقدم سهرة موسيقية مساء يوم 11 ماي في "سان جرمان"    البرلمان يصادق على تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف والترفيه لتشمل خدماتها فئات جديدة من الأطفال ذوي الهشاشة    الجزائري مصطفى غربال حكما لمباراة الترجي الرياضي والاهلي المصري    المرحلة التاهيلية لكاس الرابطة الافريقية لكرة السلة: الاتحاد المنستيري ينقاد الى خسارته الثالثة    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. خالد شوكات (قيادي ب «نداء تونس») ل «التونسية»:الشعب سيلفظ الديمقراطية إذا لم تكرّس التنمية
نشر في التونسية يوم 24 - 09 - 2014

أرجو ألاّ يوظّف المرزوقي وبن جعفر منصبيهما في معارك انتخابية
تونس تحتاج الى رئيس رمز وإلى إعادة هيبة الدولة
«النداء» و«النهضة» لم يحسما في نوعية علاقتهما بعد الانتخابات
حاوره: عبد السّلام لصيلع
في هذا الحوار الخاصّ، يتحدّث الدكتور خالد شوكات (القيادي بحزب حركة «نداء تونس» ورئيس قائمتها بدائرة فرنسا الاولى في الانتخابات التشريعية القادمة)... ويتناول عدّة مواضيع وقضايا متعلّقة بالاستحقاقين الانتخابيين التشريعي والرئاسي في تونس بلغة الواقع والهدوء والعقلانية والأمل.
لماذا اختاروك على رأس قائمة فرنسا الشمالية؟
الذين تتبّعوا مسيرتي النضالية، سياسيا وفكريّا وثقافيا، يعرفون أنّني عدت الى تونس بعد رحلة منفى وجرة استمرّت تقريبا 21 عاما، لقد قضيت نصف عمري الواعي، إن صحّ التعبير خارج تراب هذا الوطن وكانت لي مساهمات داخل الجاليات التونسيّة في المهجر وأنشطة متنوّعة، ثقافية وسياسيّة وفنيّة وفكريّة، ولم أكتف بذلك فقط، إنّما جعلت من شؤون الهجرة تخصّصا أكاديميا ودراسيّا. كانت أطروحتي التي ناقشتها في جامعة لايدن سنة 2000 حول المشاركة السياسية للمسلمين في الغرب، وبالتالي كان الهمّ المهجري هو أحد همومي الشخصيّة. إلى ذلك أرادت حركة «نداء تونس» من خلال اختياري كشخصيّة وطنيّة على رأس قائمة فرنسا الأولى التي تعدّ أهم دائرة من الدوائر الستّ المخصّصة للتونسيين بالخارج، أن تعطي الأهمية القصوى الكبرى لملفّ التونسيين بالخارج الذين يشكّلون أكثر من ٪10 من التونسيين والذين أنصفتهم الثورة والنظام السياسي الذي جاء بعد الثورة من خلال تخصيص مقاعد برلمانية لهم. التونسيون بالخارج هم مصدر العملة الصعبة الأوّل، أحد الرّوافد الأساسية للاقتصاد الوطني. فالحفاظ على هذه الثّروة الوطنية يقتضي إيلاء وجودهم أهميّة قصوى وجعلهم جزءا من استراتيجيّتنا الوطنية ومن مشروعنا الحضاري الذي نتبنّاه. وبطبيعة الحال فإن العناية بملفّ «التونسيين بالخارج هي عناية بالأجيال القادمة المنحدرة منهم والتي تثار الأسئلة حول مدى قدرتنا على الحفاظ على ارتباطهم وتواصلهم بالوطن الأمّ تونس. إذن، هذا الموضوع أرادت قيادة الحركة أن تمنحه أكبر عناية ممكنة وأرادت أن يكون إسهام التونسيين بالخارج على مستوى البرلمان القادم بخبرات وكفاءات تمتلك من القدرة على تبليغ الصّوت وعلى المساهمة في الحياة السايسية أقصى ما يمكن ولديها الامكانيّة لإطلاع المشرّع الوطني على قضايا هذه الشريحة التي يجب أن تولى عناية فائقة.
ما هو تفسيرك للصّراعات التي رافقت إعداد قائمات الترشّح في «نداء »تونس» وفي غيره من الأحزاب؟
أتحدّث عن «نداء» بالدرجة الأولى، إذ أنّ جزءا كبيرا من الصّراع الذي حدث خصوصا حول ترؤس القائمات يعكس لدى الكثيرين أهميّة هذا الحزب وحظوظه الانتخابية الوافرة، وبالتالي حرص عدد كبير من الكفاءات التونسية ومن السياسيين على المساهمة في الشأن العام من خلال التّواجد في قائمات هذه الحركة. هذا أوّلا. وثانيا فإنّ الصراعات هي جزء من المخاض الذي تعيشه حركة «نداء تونس» باعتبارها حركة حديثة النشأة تأسّست قبل سنتين في ظروف استثنائية خاصة وقد فاجأت الجميع بهذا الزخم الكبير إذ تحوّلت من حيث عدد المنخرطين الى الحزب الأوّل في البلاد.
وبالتالي من الطّبيعي ان تجد حركة لم تستكمل بعد بناءها المؤسساتي أو التنظيمي نتيجة عمرها القصير امام إدارة صعبة لملفّ من هذا النّوع، ملفّ الترشيحات وتشكيل القائمات، والى غير ذلك. لكنّني أعود فأقول إنّ آلام المخاض هذه، مع الصعوبات والأزمات ليست في النهاية إلا اختبارات ستساهم في اشتداد عود هذا الحزب وفي دفعه في الإتّجاه الصحيح. هذه الأزمات لم تكسّر ظهر «نداء تونس» والضربة التي لا تكسر ظهرك تقوّيك.
وبالنّسبة للصّراعات داخل بقية الأحزاب، في اعتقادي هي تكشف أيضا أهميّة هذا الاستحقاق الانتخابي ووعي قدر كبير من التونسيين بأنّه استحقاق مصيري استثنائي في تاريخ تونس ستترتّب عنه نتائج هامّة وخطيرة وحاسمة في ما يتعلق بمستقبل المشروع الديمقراطي ومستقبل الدولة الوطنيّة في هذا البلد.
لماذا خافت أطراف كثيرة من ترشّح السيد الباجي قائد السبسي للانتخابات الرئاسية؟
أنا في اعتقادي أن الأستاذ الباجي قائد السبسي هو المرشّح الأوّل والأساسي في هذه الانتخابات أحبّ من أحبّ وكره من كره رغم كلّ الملاحظات التي يمكن أن تبدى من هنا وهناك. والأستاذ الباجي قائد السبسي نفسه قابل الكثير من المرشّحين للرّئاسة وشجّعهم على التّرشّح وهو لا يخشى كثرة الترشيحات وتعدّدها، لكن لديّ شخصيا مجموعة من الملاحظات لأولئك الذين أثاروا قضايا في اعتقادي أنّها لا تتّفق كثيرا مع مقتضيات المصلحة الوطنيّة وطبيعة المؤسّسة الرئاسية في النّظام الدستوري والسياسي الذي ارتضيناه لأنفسنا. نحن قلنا إنّ الدّستور أحال مهمّة قيادة السّلطة التنفيذيّة اليوميّة والمباشرة لرئيس الحكومة، ورئيس الحكومة يجب بالتّالي فعلا أن يكون رمزا للحيويّة والشباب، وإلى غير ذلك، في مقابل مؤسّسة الرئاسة التي لم تحظ بصلاحيات تنفيذيّة كبيرة والتي تحتاج برأينا الى شخصيّة وازنة وحكيمة ورزينة ومجرّبة وقادرة على أن تمارس، ليس فقط الرئاسة، إنّما أبوّة كل التونسيين. ونحن نعتقد أنه تتوفر في الأستاذ الباجي مثل هذه المقوّمات من حكمة وتجربة ورزانة وأبوّة. فرئيس الجمهوريّة يتبعه ملفّ الخارجيّة، وهذا الملفّ مهمّ أن يكون بين أيدي مجرّبة رزينة ذات علاقات دوليّة واسعة وتحظى بثقة إقليميّة ودوليّة، ونعتقد أن الأستاذ الباجي قائد السبسي يمتلك هذه الصفات. والملفّ الثاني الذي بيد رئيس الجمهورية هو الدفاع. وخلافا لما يقدّر البعض، وفي رأيي تقديرهم خاطئ، هذا الملفّ، أي قيادة المؤسّستين الأمنيّة والعسكريّة، يحتاج إلى رجل ثقة لا طموح له في الإنقلاب لا قدّر اللّه أو في تطويع المؤسّستين لصالح مشاريع سلطويّة.
الأستاذ الباجي قائد السبسي في مثل هذا العمر لا يستطيع أن يكون دكتاتورا ولا يحدّث نفسه بأن يكون دكتاتورا أبدا، وهو أبعد شخص يمكن أن يستغلّ المؤسّستين العسكريّة والأمنيّة لصالح أغراض خاصّة أو حزبيّة ضيّقة. إذا أردنا أن تنجو تونس، وأن تكون مؤسساتها الرّمزية مثل الخارجيّة والدّدفاع والدّاخلية بمنأى عن أيّ تجاذبات، في رأيي سيكون الأستاذ الباجي قائد السّبسي أفضل من يمكن أن يؤتمن على هذين الملغّين. وأتمنّى أن تعي بعض القوى السياسيّة هذه الحقيقة في ما يتعلّق بالرّئاسة عدم مغالطة الرأي العام بتصوير المعركة الرّئاسية وكأنها حول مؤسسة تنفيذيّة، صرفة. هذه المؤسسة هي مؤسسة رمزيّة حسب الدستور التونسي الحالي وتحتاج كثيرا إلى أشخاص لم يعد لديهم ذلك الطّموح السّلطوي، ولديهم من الخبرة والسّيرة والتّجربة والثّقة الكثير حتى يجعلوا هذه المؤسسات بمنأى عن أكبر قدر ممكن من التّجاذبات.
ما هو تفسيرك لما قاله السيّد عمر صحابو حول الحالة الصحّية للسيّد الباجي قائد السبسي؟
سي عمر أشار إلى مصادر طبيّة، وأنا أقول إنّ هذه المصادر الطبيّة إذ كشفت عن سي الباجي كشفا طبيا مباشرا وأفشت السرّ الطبي فهي مصادر غير موثوقة لأن الكشف عن سرّ من أسرار المهنة عمل غير أخلاقي. وإن كانت هذه المصادر الطبيّة كشفت عن سي الباجي عن بُعد، فهي لا تختلف عن أيّ مصادر أخرى لديها خلفيّات ونوايا وحسابات... وإلى غير ذلك، أنا أقول شكرا لسي عمرصحابو لأنه خلّف موجة تعاطف غير مسبوقة مع سي الباجي رفعت من شعبيّة سي الباجي إلى درجة قياسيّة لأن «التوانسة» يستنكفون الحديث عن أمر يعرفون أنه شديد الخصوصية وأنه بيد اللّه، نحن حتى لو ترشح للرئاسية شخص يجمع شهادات أطبّاء الدّنيا جميعا بأنه سيكون بصحّة جيّدة لمدّة خمس سنوات نقول إنّ الصحّة هي بيد اللّه وأن الضّامن الوحيد هو اللّه.
سي الباجي وقف أمام جميع التونسييّن ، وشاشات التلفزيون وتنقل 45 دقيقة، على رجليه يخاطب الحاضرين في قصر المؤتمرات وعموم التونسيين عبر النّقل التّلفزي وتظهر عليه كلّ العلامات التي تؤكد أنه، وللّه الحمد، بصحّة جيّدة، وهو لا يخفي سنّه ولا يخجل ويعتبر أنّ هذا السنّ هو عامل ثقة لا العكس.
سي عمر صحابو قال إنه جاءته معلومات؟
ومن أوصل له هذه المعلومات لا يريد به خيرا
.
هل المسار السياسي في تونس الآن في حاجة إلى مثل هذه المواقف؟
نحن كنّا نتمنّى أن تكون مساهمات الأشخاص في ما ينفع التونسييّن بأفكار جديدة خلاّقة وبببرامج جيّدة وبرؤى وطنيّة للتّقدم وللتغيير الحضاري وبتصوّرات لكيفية حماية تونس من التّهديدات وكيفيّة إطلاق عجلتها التنمويّة والإقتصاديّة وليس الإنحدار بالنّقاش العام وبالحوار السياسي إلى مثل هذه الترّهات وإلى مثل هذه الإتهامات والمماحكات والمؤامرات والمكائد والدّسائس...وإلى غير ذلك.
هل من تفاصيل عمّا أعلنه السيد الباجي قائد السبسي مؤخرا عن مخطّط لاغتياله؟
سي الباجي تعرّض منذ أشهر طويلة ليس إلى مؤامرة تستهدف حياته ولكن إلى مؤامرات متعدّدة. وأنا أعتقد أن الذين يخطّطون لمثل هذا الأمر يدركون لا قدّر اللّه أنهم لو نجحوا في ذلك لأحدثوا أزمة كبرى باستطاعتها أن تحدث متغيّرات كبرى على المسار الإنتقالي وعلى المشروع الديمقراطي وعلى الحياة العامّة في تونس.
فالإغتيال السياسي معروف دائما أنه يستهدف الشّخصيات التي يمكن أن تؤدي تصفيتها إلى إحداث تغييرات كبرى. ومن الطبيعي والمنطقي أن تكون شخصيّة مثل شخصية سي الباجي على قائمة من يخطّطون لضرب المسار الإنتقالي وإعادة تونس إلى محيطها المبتلى والمصاب بالفتن وحتى يفرح أولئك الذين يريدون من العالم العربي والإسلامي أن يكون دائما ساحة للحروب والأزمات والقلاقل والمشاكل.
أعتقد أنّ الذين يخطّطون لألاّ تكون تونس محورا للتغيير وألاّ تؤدي تونس دورها الإقليمي والدولي المطلوب وألاّ ينعم شعبها بالخبز والحرّية معا لهم أجندات في ضرب التّنمية والديمقراطية والإستقرار والأمن، أكيد أن شخصية سي الباجي بالنّسبة إليهم صيد ثمين، حفظه اللّه وسائر التونسيّين وخصوصا منهم الذين يحملون أمانة ومسؤوليّة من كلّ سوء وشرّ.
في رأيك ماهي أخطار مثل هذه التّهديدات بصفة عامة على العمليّة الإنتخابية؟
العملية الإنتخابية جزء مهم من العمليّة الديمقراطية، ونحن في ربع الساعة الأخير لاستكمال المسار الإنتقالي. وبطبيعة الحال فإن أيّ عمليّة اغتيال ستحدث لا قدّر اللّه ستفسد هذه العمليّة الإنتخابيّة وستفسد المسار برمّته، والكلّ يعلم أن اغتيال الشّهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي كادت تؤدي بهذا المسار وهذا المشروع وكادت تونس أن تتراجع إلى الوراء لولا لطف اللّه بها وعنايته.
فبطبيعة الحال الأجهزة الأمنيّة وعموم منظومة الحكم وهذه الحكومة الحالية لديها تحدّ كبير اسمه التحدّي الأمني وتحدّي الإرهاب، وعليها أن تظلّ منتبهة جدّا تشتغل بيقظة تامّة على مدار الساعة،لأنه لا قدّر اللّه لو وقعت عمليّة واحدة ستجعلنا وكأننا حرثنا في البحر أو وكأنّنا لم نفعل شيئا طيلة سنوات من الجهد والصرّاع والحوار ومن الأزمات.
ما هو تفسيرك لكثرة الترشّحات ل «الرئاسية»؟
تفسيري هو أنّ كثرة هذه الترشّحات مردّها كثرة الطموحين في هذا البلد، ومردّها أيضا الحالة غير الطبيعية التي نمرّ بها.
نحن مجتمعنا، كما الدّولة، كما النّخب ، يعيش حالة انتقاليّة أيضا. وهذه الحالة الإنتقالية تجعل الكثيرين يعيشون خارج دائرة الحقيقة السياسية ولديهم أحلام تتجاوز أحيانا دائرة الواقع إلى دائرة الوهم.
وسنشهد خلال العلميات الإنتخابية القادمة عددا أقلّ من المترشحين سواء للإنتخابات الرئاسية أو للإنتخابات التشريعية أيضا.
لاحظنا أن عدد المترشحين للإنتخابات التشريعية كان أقلّ من عدد إنتخابات 2011 وأنا في رأيي كلّما تقدّم بنا مسار التاريخ واستقرّت العمليّة الديمقراطية سنعرف ترشيدا لهذا الأمر سيبدأ بتقلّص عدد الأحزاب ما في ذلك شكّ ثم تقلّص عدد المرشحين في مثل هذه المناسبات.
وما هو تفسيرك لتمسّك السيّدين مصطفى بن جعفر والمنصف المرزوقي بمنصبيهما حاليا خاصّة وأنهما مترشحان للرّئاسية، وكان من المفروض أخلاقيا أن يقدّما استقالتيهما قبل الترشح للإنتخابات الرئاسية؟
في رأيي، المرزوقي وبن جعفر أخلاّ إلي حدّ ما بمبدإ سبق وأن أعلنا تشبّثهما به غير أنني شخصيا أتفهم المخاوف التي تعتريهما. وهنا حرص خصوصا من جانب سي بن جعفر على البعد الرّمزي لأنه يريد أن يتمّم ما يراه أنّه مهمته التاريخية على الوجه الأكمل وإلى آخر يوم.
في كلّ الأحوال أنا أتمنى ألاّ يقوم المرزوقي وبن جعفر بتسخير مؤسستي رئاسة الجمهورية والمجلس التأسيسي لمعاركهما الإنتخابية وهذا هو المطلوب.
يدور كلام كثير في الرأي العام وفي المجالس السياسية والأوساط الإعلاميّة المختلفة حول إمكانية قيام تحالف أو تفاهم بين «نداء تونس» و«النهضة» لتقاسم النفوذ وترتيب المستقبل السياسي في تونس، فما هي الحقيقة؟
الحقيقة أنه ليست هناك وجهة نظر واحدة داخل «النّداء» كما داخل «النهضة» حول ما يجب أن يكون في المستقبل أي بعد الإنتخابات. وتقديرنا في حركة «نداء تونس» أنّ هذا النّقاش سيكون أكثر جدّية عندما تحدّد الإنتخابات القادمة أحجام الجميع. نحن كرّرنا أكثر من مرّة أنّ نسبة الإلتقاء بين المشروعين السياسييّن لحركة «نداء تونس» و«النهضة» نسبة متواضعة، وأنّ الأولوية لدى حركة «نداء تونس» في أن تقوم الحكومة القادمة على أكبر قدر ممكن من الإنسجام السياسي والفكري. لكن هذا لا يمنع من التّفكير في أمر حكومة الوحدة الوطنية أو ما تقتضيه المصلحة الوطنية وفقا للنتائج الإنتخابية. ليس هناك قرار حاسم في هذا الموضوع وهناك نقاش سياسي محترم ومعقول يجب أن يدور سواء داخل حركة «نداء تونس» أو داخل «النهضة» أو داخل غيرهما. أعتقد الآن أنه في خضمّ الحملة الإنتخابية هناك تنافس وهناك نقاش بين مشروعين مختلفين لدى الرأي العام وعلى الرّأي العام في تونس أن يقرّر أيّ المشروعين يدعم.
من المصائب التي يعيشها العالم العربي عدم الإهتمام بمنصب نائب رئيس الجمهورية، ونحن في تونس لم نر هذا المنصب منذ الإستقلال إلى الآن. فما هو رأيك؟
نحن في تونس اخترنا نظاما سياسيا خاصا هو نظام برلماني أو شبه برلماني، وفي الأنظمة السياسية الشبيهة لا تحتاج البلاد إلى نائب رئيس لأن صلاحيات الرئيس محدودة وكما قلت صلاحيات رمزيّة أكثر منها تنفيذية يومية، ولا خوف في مثل هذه الأنظمة من فراغ لأن السلطة التنفيذية بيد رئيس الحكومة، الخوف أكثر هو من الأزمات الحكومية من سقوط الحكومات نتيجة طبيعتها الإئتلافية.
تونس في هذه الفترة في رأيك إلى ماذا تحتاج لإنقاذها ممّا هي فيه؟
تونس تحتاج إلى أن تحكمها أو أن يقودها أو أن يقود حكومتها القادمة قوة سياسية قادرة على أن تستعيد هيبة الدّولة...قادرة على أن تكون محلّ ثقة إقليميّة ودوليّة بالنّظر إلى احتياجاتنا التنموية والإقتصادية...قادرة على أن تطلق مشروعا حضاريّا وطنيّا يرى التونسيون بموجبه ثمرة الديمقراطية سريعا. تونس محتاجة إلى استقرار سياسي وأمني لمدّة خمس سنوات من أجل ألاّ ييأس التونسيّون من الديمقراطية. لأن الديمقراطية إن لم تتحول إلى تنمية سيرفضها التونسيون وستكون هذه الديمقراطية عرضة إلى الموت في أوّل مناسبة سياسيّة يظهر فيها مشروع دكتاتور أو مشروع حاكم عسكري أو مشروع حاكم أمني... إلى غير ذلك. نحن نحتاج إلى أن يعي الشعب حقيقة المسؤوليّة الملقاه على عاتقه وأن يمارس واجبه الانتخابي على نحو راشد... على نحو لا يفضي إلى مؤسسات حكم عاجزة ومشلولة.
تونس محتاجة إلى حكومة تعمل من يومها الأوّل وأن يكون لديها برنامج اقتصادي واجتماعي وتنموي طموح قابل للتنفيذ وأن تكون لدينا حكومة قادر ة على أن تعمل مع محيطها الإقليمي والدّولي...وتحتاج تونس أيضا إلى رئيس رمز. نحن في أوّل حقبة رئاسية أساسيّة تماما كما تلك الحقبة التي قاد فيها مانديلا رئاسة جنوب افريقيا...هي رحلة تأسيسية تحتاج إلى شخصيّة رمزيّة من قبيل نيلسون مانديلا.
في خاتمة هذا الحوار بماذا تتوجّه إلى التونسيين والتّونسييّات بمناسبة الإنتخابات؟
أنا أقول للتّونسيين والتّونسيات لا تسمحوا لأحد يزرع في نفوسكم اليأس..لا تسمحوا لأحد يروّج لإبتذال العملية السياسية... لا تسمحوا لأحد يمكن أن يحمل مشروعا مشكّكا فيه...لا تسمحوا لأحد بأن يرجع بلدكم إلى مربّع الصّفر، مربّع الأزمات والحروب الطائفية والإنقسامات والإقتتال... وإلى غير ذلك. فقط فكّروا في تونس المنارة المشعّة، المختلفة الإستثناء وهي قادرة على أن تكون بلدا نموذجيّا لأنّ في تاريخها ما يسمح لشعبها بأن يؤسس لتجربة مغايرة ومختلفة مليئة بكلّ ماهو إيجابي وتقدّمي وصالح له وللمنطقة وللعالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.