وزيرة الإقتصاد فريال الورغي في مهمة ترويجية    حوادث : مقتل 12 شخصا وإصابة 445 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تواصل حملة تنظيف وصيانة حديقة ''البلفيدير''    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    اتحاد الفلاحة: ''علّوش'' العيد تجاوز المليون منذ سنوات    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    الاقتصاد في العالم    كأس تونس: الترجي الرياضي يفقد خدمات 10 لاعبين في مواجهة نادي محيط قرقنة    قبل لقاء الأهلي والترجي: السلطات المصرية تعلن الترفيع في عدد الجماهير    المهاجم أيمن الصفاقسي يرفع عداده في الدوري الكويتي    حادث مرور قاتل ببن عروس..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل : دولة عربية تلاحق عصابة ''تيكتوكرز'' تغتصب الأطفال بالخارج    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    يصعب إيقافها.. سلالة جديدة من كورونا تثير القلق    المتبسطة القيروان مشروع للطاقة الشمسية الفولطاضوئية بقدرة 100 ميغاواط    إلى حدود 6 ماي تصدير 8500 طن من القوارص منها 7700 طن نحو فرنسا    أخبار المال والأعمال    مدعوما بتحسن الإيرادات الخارجية: ميزان المدفوعات يستعيد توازنه    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    اليوم: انطلاق اختبارات البكالوريا البيضاء    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طالبة سعودية تبتكر عصا ونظارة ذكية لدعم المكفوفين    اليوم : بطاحات جربة تعود إلى نشاطها    هذا فحوى لقاء رئيس الحكومة بمحافظ البنك المركزي التونسي..    رابطة أبطال أوروبا: بوروسيا دورتموند يتأهل للنهائي على حساب باريس سان جيرمان    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    دورتموند يفوزعلى باريس سان جيرمان ويصل لنهائي أبطال أوروبا    أمطار أحيانا غزيرة بالمناطق الغربية وتصل الى 60 مم خاصة بالكاف وسليانة والقصرين بداية من بعد ظهر الثلاثاء    وزير السياحة: اهتمام حكومي لدفع الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية وتذليل كل الصعوبات التي يواجهها العاملون به    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8 بالمائة موفى شهر افريل 2024    فرقة "مالوف تونس في باريس" تقدم سهرة موسيقية مساء يوم 11 ماي في "سان جرمان"    البرلمان يصادق على تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف والترفيه لتشمل خدماتها فئات جديدة من الأطفال ذوي الهشاشة    الجزائري مصطفى غربال حكما لمباراة الترجي الرياضي والاهلي المصري    المرحلة التاهيلية لكاس الرابطة الافريقية لكرة السلة: الاتحاد المنستيري ينقاد الى خسارته الثالثة    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمناسبة العدد 1000 رئيس الحكومة مهدي جمعة يخصّ «التونسية» بأول حوار صحفي : ستعيش «التونسية» طويلا بفضل جدّيتها والمصداقية...«Bon Courage»
نشر في التونسية يوم 13 - 10 - 2014


لمساعدة الصحافة سنضع منظومة قبل أن نغادر الحكومة
لن أكلّف مرّة ثانية ولن أكون زعيما لحزب سياسي
هل يعقل أن تُهمل خُطب بورقيبة في «برويطة»؟
أنا واضح وصادق والسياسة تحتاج إلى أخلاق
تونس تحتاج إلى حكومة كفاءات
ليس للضغط مجال في تعاملنا مع الاتحاد
محمد بوغلاب
صباح يوم السبت الماضي كان لقاؤنا بالسيد مهدي جمعة في ضاحية البحيرة حيث «مخبر» رئاسة الحكومة، Le Lab كما يحلو لرئيس الحكومة أن يسميه ، سبقت الابتسامة رئيس الحكومة وهو يرحب بنا ليخص «التونسية» بأول حوار صحفي لجريدة تونسية منذ تقلده أعباء رئاسة الحكومة بمناسبة صدور العدد الألف من صحيفتنا...
تحدث رئيس الحكومة دون قفازات، وبعيدا عن البروتوكولات ، ذكّر بقواعد العمل بالنسبة إليه، فالرجل يدرك جيدا أن الوضع في تونس دقيق لا يحتمل أية مغامرات ولا أيّة قرارات منبعها العاطفة أو رد الفعل، ينصت للجميع ويتخذ قراره بعيدا عن أيّة ضغوط مهما كان مصدرها، وخلال شهور تقلده رئاسة الحكومة نجح مهدي جمعة في الخروج سريعا من عباءة التكنوقراط القادم من عالم Management ليتصرف كرجل دولة يمسك بأدق تفاصيل اللعبة السياسية ولكنه يمارسها وفق قواعده الصارمة «لا سياسة دون أخلاق»، وحين ظن البعض أن جمعة سيتنكر لتعهده في خارطة الطريق وشرعوا يؤلبون عليه لجمع عدد من الأحزاب في إجتماع طارئ، خرج رئيس الحكومة عشية يوم الأربعاء 17 سبتمبر مخاطبا التونسيين «كنت وعدتكم بعدم الترشح للرئاسة وأريد اليوم أن أذكر من نسي بأني ملتزم بما تعهدت به» ...
يغادر مهدي جمعة رئاسة الحكومة في غضون شهور قليلة قد لا تتجاوز شهر مارس في أقصى الحالات بعد أن أعطى مثالا لرجل السياسة الذي يحترم وعوده مكرسا مبدأ التداول على السلطة، ومهما إختلفت التقييمات حول منجز جمعة وفريقه الحكومي فالثابت أنه نجح في إعادة تموقع تونس دوليا وأعلن الحرب بكل ضراوة على الإرهاب في معركة يبدو أنها لن تنتهي قريبا رغم نجاح قواتنا جيشا وأمنا في إنهاك عصابات الإرهابيين المتدثرة بالدين .
وبما أني إبن الإذاعة التونسية ، لم أفوّت الفرصة وسألت رئيس الحكومة عن تلك «البرويطة» التي وجدها في زيارته للإذاعة التونسية قبل أيام ....
تفاصيل حوارنا مع رئيس الحكومة في السطور التالية :
السيد رئيس الحكومة، أنت أدرى الناس بما تعيشه الصحافة المكتوبة من صعوبات في هذه المرحلة، فماذا تقول و«التونسية» تصدر عددها الألف؟
قبل كل شيء أشكركم على المجهود الذي تبذلونه « موش ساهلة الأمور» وإدلائي بهذا الحوار لكم في هذه المناسبة هو مساهمة رمزية مني لدعم «التونسية» التي كانت نسختها الإلكترونية أحد مصادري الرئيسية لمتابعة أخبار تونس حين كنت أقيم خارجها، هي جريدة جادة وذات مصداقية عالية، أقول هذا الكلام بكامل الصدق لا من باب المجاملة، نتبعها برشة التونسية وأقول لكم Bon courage et il faut tenir bon وانا أعتقد أنه بفضل جديتكم ومصداقيتكم فإن التونسية سيكون عمرها طويلا بإذن الله وسنراها طويلا في الأكشاك

ينتظر منك مديرو الصحف الكثير كدعم الدولة في التوزيع في المناطق النائية وتنظيم الإشهار العمومي...
في ما يتعلق بالإشهار العمومي وضعنا جملة من القواعد لضمان الشفافية والإنصاف بين مختلف المؤسسات الصحفية، وأنا أمتنع عن التدخل لأي كان من أجل الحصول على إشهار عمومي لا يستحقه، هناك قواعد ستطبق على الجميع في كنف الشفافية تدخلت لصياغة هذه القواعد وأنا عارف بوجود مشاكل في الورق والطباعة، ربما قصرنا ولكن في خضم جبال المشاكل التي كان علينا أن نواجهها يمكن أن تلتمسوا لنا عذرا وإن شاء الله قبل أن تغادر هذه الحكومة سنضع إطارا يساعد على تشكيل منظومة مهنية لا يبقى فيها إلا المهني، لا أريد أن أعطي مواقف انطباعية ولكن النوعية ليست هي نفسها في كل وسائل الإعلام ونحن واعون بضرورة دعم الدولة للقطاع ليفرز أفضل ما فيه من مهنيين وصحف جادة
ما هو تقييم رئيس الحكومة لسير الانتخابات ونحن اليوم في قلب الحملة الانتخابية التشريعية؟
تعرفون ان الحكومة اهتمت بموضوع الانتخابات منذ شهور وهيأنا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات كل الظروف لتؤدي مهمتها في تنظيم الانتخابات بعيدا عن أي تدخل من أي كان وتذكرون أننا دعونا رئيس الهيئة لحضور أشغال الندوة الدورية للولاة في بداية شهر سبتمبر الماضي وكنا إتخذنا كل الإجراءات الضرورية لتلازم السلط العمومية بمختلف مستوياتها الحياد التام في سير الإنتخابات.
من الناحية التنظيمية الحمد لله، من ناحية المناخ السياسي تقدمنا شوطا كبيرا رغم ثقتنا بأنه يمكن ان نحقق المزيد وأفضل مما تحقق ، تعرفون ان النجاحات نسبية ولكن أهم محور إشتغلنا عليه هو محاربة التهديد الإرهابي وتوفير الأمن لتنظيم الانتخابات في إطار عملنا على توفير الأمن لكل التونسيين دون تمييز وهنا لا بد من القول بأننا أنجزنا الكثير ولكننا ندعو دائما وبشكل مستمر إلى اليقظة والتنبه لأن العدو يتربص بنا ويريد إستهداف التجربة الديمقراطية في بلادنا وسيأتي الوقت المناسب ليعرف التونسيون ما الذي أنجزته قوات الجيش والأمن لحماية تونس والتونسيين .
لماذا لا تصارح التونسيين بما تحقق ؟ ستكون رسالة إيجابية ؟
على رجل الدولة أن يفكر في تأثير رسائله في الداخل والخارج، وليس كل ما يُعلم يقال، بوصلتنا هي مصلحة تونس، نحن نعمل على مدار الساعة وقواتنا تتحلى باليقظة وأداؤها يتطور من يوم إلى آخر وقد وجهنا ضربات موجعة للإرهابيين الذين يريدون سوءا بتونس ولكن علينا الاّ نغتر أو نركن إلى الراحة، معركتنا متواصلة وعلينا أن نتحلى بطول النفس لكسبها في أقصر وقت .
في كل الأحوال الخطر أقل مما كان سابقا، أما التهديدات فتزداد مع اقتراب موعد الانتخابات ونحن لها بالمرصاد، أقول للتونسيين أبناء وطني إن هذه المعركة هي معركتنا جميعا من اجل أطفالنا ومن أجل تونس فهؤلاء الذين يريدون ضرب التجربة الديمقراطية يسابقون الزمن خوفا من نجاح المسار الانتقالي .
ما يمكنني قوله إننا أعددنا خططا للتصدي بأيّة محاولات محتملة من الإرهابيين التي تهدف لإفشال مسار الانتقال الديمقراطي في تونس عبر استهداف الانتخابات المقبلة، وعززنا حضورنا الامني خصوصا على الحدود ونحن في أعلى درجات التنسيق الأمني مع الجزائر، ووضعنا خطة لتأمين الانتخابات بفضل انتشار عشرات الآلاف من الجنود وأعوان الشرطة ، ورغم كل التهديدات الجدية فان الانتخابات ستجري في مناخ من الأمن .
لمصلحة من يضرب المشروع الديمقراطي في تونس؟
لمصلحة مشروعهم، لا دولة ولا حدود ولا مؤسسات ولا انتخابات، لهم قراءة بسيطة للأمور وحتى نكون واضحين هذه التشكيلات الإرهابية هي عصابات لها غطاء مختلف ولكنها في النهاية مجرد عصابات «ما ثمة حتى تصور ، داعش نفسها عصابة» مشروعهم بسيط وتسطيحي لكنهم يشكلون خطرا علينا لأن لهم تواصل مع المجموعات التي ترتع في ليبيا.
هل بلغتك تشكيات من رؤساء الأحزاب السياسية حول ما يحدث من تجاوزات في مسار الانتخابات هنا وهناك؟
شخصيا لم أتلق كرئيس حكومة أي اتصال من أي حزب .
هل إتصل بك أحد الأحزاب أو المرشحين الرئاسيين ليطلع على التحديات التي تنتظره إن وصل للحكم؟
لا لم يحدث هذا
جدل واسع هذه الأيام حول قضية الموقوف محمد علي السويسي والسجين علي اللواتي وشبهة تعرضهما للتعذيب المؤدي للوفاة ، ولكن رئيس الحكومة لازم الصمت؟
لا أريد أن أكون طرفا في هذا الجدل الدائر.
ألا تخشى أن يفهم ذلك على أنه تهاون في قضية التعذيب؟
لنكن واضحين، كل يوم هناك قضية وربما أكثر تشغل الرأي العام ولو سخرت وقتي للرد على كل جدل يتعلق بهذه القضية أو تلك سيكون ذلك على حساب القضايا الوطنية التي لا تحتمل التأجيل، ولكن هل يعني ذلك أن التعذيب قضية هامشية لا أهمية لها ؟ أبدا ولكني أنأى بنفسي عن الجدل لأتفرغ للعمل، ولأن هناك قنوات واضحة يضبطها القانون لمعرفة الحقيقة ومحاسبة من أذنب في صورة ثبوت وجود تجاوزات، وزارة الداخلية أو السجون ليست فوق القانون ويا خيبة المسعى لو كنا سنعود اليوم إلى التعذيب، نحن في هذا الموقع مؤتمنون على سلامة الوطن والمواطنين ولا يمكن أن نتهاون أو نتساهل مع أي مس بحرمة جسد مواطن تونسي مهما كان سجينا أو موقوفا ، نحن ضد التعذيب ونرفض ان يفتح الباب لعودة هذه الممارسات وكل من يثبت تجاوزه يطبق عليه القانون مهما كان موقعه، لا نقاش في هذا، نحن أمام خيارين إما القبول ببناء دولة يحترم فيها المواطن والقانون أو لا ، ولكن ذلك لا يعني الجنوح إلى المبالغات وتعمد التشويه الذي يستهدف الأشخاص وأحيانا المؤسسات «ما نشدوش في جزئية ونعمموها» هناك اعوان امن موقوفون والمسؤولية فردية ولا يعقل أن يعمم تجاوز فردي لنتهم الأمن ووزارة الداخلية بالعودة إلى ممارسات انتهاك الحرمة الجسدية للتونسيين، من هو المسؤول الذي يتجرأ اليوم على هذا الصنيع؟ إن أفلت من العقاب اليوم فلن يفلت غدا ... «حتى مسؤول ما ينجم ياخو RISQUE بالأمر بالتعذيب أو ممارسته لأنو يعرف شنوة يستنى فيه».
أنا كرئيس حكومة أفكر في معنويات أعوان الداخلية، مررنا بظروف صعبة عاشها التونسيون وبذلنا مجهودات كبيرة لتستعيد أجهزة الأمن عافيتها وفاعليتها بشكل تدريجي ولكنها فاعلية مضبوطة بالقانون ، وليس من مصلحة التونسيين ان تضرب مؤسسات الدولة اليوم بالتشكيك في مدى إلتزامها بالقانون وتطبيقه بكل صرامة، الحمد لله «الأمور ماشية وتتحسن» هناك قانون ونحن نتدخل في الوقت المناسب وعند الضرورة لتعديل الأمور ولكني كرئيس حكومة ضد أن تسلط حملة إعلامية على وزارة الداخلية في مثل هذه المرحلة، لا أحد سيكون رابحا من هذا إلا الإرهابيين الذين يريدون الفتك بالدولة والاستيلاء على البلاد.
هل أنت ضامن لعدم ممارسة التعذيب؟
القانون قبلي ضامن لذلك وأنا لا اسمح بأن تنتهك حرمة جسد أي تونسي مهما كان خطأه ولكني ايضا ضد التشهير وحملات التشنيع والأحكام العامة الانطباعية، أنا مع تطبيق القانون والمسالك القانونية في أيّة قضية وفي اي مكان« كان حلينا الباب للتعذيب باش نكسرو كل شيء بنيناه» كل تجاوز نتصدى له دون تشهير ولهذا أحاول أن أركز على القضايا المركزية لأني أخشى الوقوع في قضايا جانبية تشغلنا عما يجب أن نقوم به في قضايا أكثر استعجالا .
ما هي الرسالة التي وجهها بان كي مون بزيارته لبلادنا 10 12 أكتوبر؟
هي رسالة ثقة في تونس رغم المشاكل والصعوبات ونظرة الأمين العام للأمم المتحدة لما يحدث في تونس فيها تقدير كبير للشعب التونسي وما حققه إلى حد الآن وتعرفون أن النظرة والتقييم من الخارج يختلفان عن تقييم من كان طرفا في مشاكل الداخل وتحدياته والأمين العام يعتبر أن التجربة التونسية تمضي في طريق النجاح وزيارته دعم لبلادنا وأعتقد أن جولته في شوارع العاصمة وأسواق المدينة العتيقة هي أجمل صورة عن بلادنا وأشد تأثيرا ووقعا من عشرات الخطب .
أثار خطابك الأخير للشعب التونسي جدلا كبيرا بين من عد قرارك عدم الترشح للرئاسة عملا بطوليا وبين من عده إلتزاما عاديا منك بخارطة الطريق ولا يستحق الأمر أصلا أن تخاطب التونسيين؟
كما سبق أن قلت لكم، لست طرفا في أي جدال ولا وهم يسكنني بأني فوق النقد ولكني في كل الحالات إنسان واضح وصادق في ما أقوله ...أنا خاطبت التونسيين وهذا تقدير مني لشعبي ولكنها ليست المرة الأولى التي أعلنت فيها عدم ترشحي، انت تعرف أنه لا يوجد مانع قانوني يحول دون خوضي سباق الرئاسة ولكني أحترم تعهداتي الأخلاقية لأني أشعر بأن السياسة في تونس في حاجة إلى أخلاق تنظمها وتخفف توترها ولكن يبدو ان البعض لم يصدق اني ملتزم بما تعهدت به في خارطة الطريق رغم تصريحاتي أكثر من مرة بأني لن أترشح، في تلك الفترة شعرت بأن هناك كرة ثلج بدأت تكبر وبدأت المزايدات وللحق «وباش تبدا الأمور واضحة» موقفي لم يتغير أبدا من قضية الترشح للرئاسة ولكني تعرضت لضغوطات حتى في محيط العمل أو الأصدقاء والناس العاديين من التوانسة الذين ألتقيهم بإستثناء عائلتي الصغيرة زوجتي وأبنائي الذين ينتظرون اليوم الذي أغادر فيه هذا الموقع أعود إلى العائلة الأب والزوج .
حدثت ضغوط وكل طرف له تفسيره وحججه ، وخشيت ان تؤثر الأحاديث هنا وهناك على إستقرار البلاد فخرجت للتونسيين أتحدث معهم ومع من غيرهم تريدني أن أتحدث؟ هل هناك أفضل وأصدق من مخاطبة الشعب الذي تنتمي إليه؟ كانت مناسبة للتذكير بأن السياسة ممكنة مع الإلتزام بأخلاق معينة وحين يتعهد المرء أمام مواطنيه بشيء ما فعليه أن يفي بتعهده وكنت صرحت لك أنت «سي محمد» بأنه قد يقال عن موقفي بأنه ساذج Naif ولكني أفضل أن يقال ذلك على أن يقال إني تنكرت لعهودي ، كنت أريد أن أبعث برسالة تعيد ثقة التونسيين لا في مهدي جمعة بل في الطبقة السياسية وبأن الحكم تداول وأن الديمقراطية إحترام لما يتعهد به السياسيون أمام الشعب .
كيف ستكون تونس ومهدي جمعة خارج قصر القصبة؟
إن شاء الله تكون أحسن»
هل جهزت نفسك لمغادرة قصر الحكومة؟
أنا لم أجهز نفسي حين دخلت قصر الحكومة أول مرة رئيسا للحكومة إلا لمغادرته وهذه مناسبة لأذكر بمبدإ بسيط أؤمن به، مرّ على بلادنا كثيرون من رجالات خدموا الدولة لكن الخطأ الذي وقعنا فيه جميعا بدرجات متفاوتة ربما هو le piège de l' indispensable وهو التفكير بأن هذا الشخص أو ذاك لا يعوض وأن الحياة غير ممكنة دونه ، موقفي بكل بساطة يتلخص في المثل الفرنسيles cimetières sont remplis de gens qui se croyaient indispensables. الضروري الوحيد هم التوانسة ، لم أرد لنفسي أن أقع في هذا الفخ ولذلك قلتها وأعيدها اليوم لن أكلف مرتين.
أغلقت الباب نهائيا في ما يتعلق برئاستك الحكومة القادمة؟
أتوقع أن يتكرر السيناريو نفسه الذي حدث معي في قصة الترشح للرئاسة ، قلت لن أترشح فلم يصدق البعض وهذه المرة قلت لن أكلف مرة أخرى برئاسة الحكومة ولن يصدق البعض، سينتظرون وصولنا إلى الموعد المرتقب وسيتأكدون وقتها أني لست معنيا برئاسة الحكومة « يظهرلي عاودتها برشة مرات» من يريد الإستماع فليكن ومن يرفض فسيرى بنفسه ، لا سبيل إلى بقائي رئيسا للحكومة لأني أريد المساعدة على نجاح بلادنا في تمرين التداول على السلطة وهو جوهر الديمقراطية، لو يأتي كل مسؤول ونطلب منه أو هو يرغب في البقاء فلن يكون هناك أي تداول على السلطة وهذا خطير على بلادنا، نحن نريد بناء تونس جديدة لأبنائنا حيث الطموح لكل التونسيين وشرعية الطموح بأن يروا أبناءهم في مختلف مناصب المسؤولية. دون تداول على السلطة نحن نقضي على حق الأمهات والآباء وأطفالنا في الحلم «إلي يشد بقعة يظهرلو أنو هو الكل» لا بد من كسر هذه الصورة النمطية.
لو كان لك أن تنصح رئيس الحكومة القادم فماذا تقول له؟
قبل كل شيء أقول له إن الوضعية صعبة وبأننا نواجه اليوم عدة صعوبات وآمل أن تتاح الفرصة لأتحدث مع التونسيين في هذا الموضوع ، لم أشأ أن أفعل ذلك في هذه المرحلة حتى لا نؤثر لا من قريب أو من بعيد على مسار الانتخابات .
لا بد من الوعي بأن رئيس الحكومة بمفرده لا يمكنه أن يفعل أي شيء، علينا جميعا أن ندرك أن تونس قادرة على أن ترتقي بشكل فعلي على جميع المستويات ولكن هذه النقلة تتطلب منا خلال الثلاث السنوات القادمة التضحية والإنكباب على العمل «لازم نفهمو مشاكلنا ونواجهوها» ولا بد أن يقوم كل تونسي بعمله بتفان وأن يتحمل كل منا مسؤوليته وأعتقد أن قواعد اللعبة السياسية يجب أن تتغير في تونس لمواجهة ما ينتظرنا خلال السنوات القادمة ، لا بد من وضع البلاد على السكة ثم يمكن للفاعلين السياسيين أن يستعيدوا القواعد القديمة للعبة السياسية لكن خلال الثلاث سنوات القادمة هناك تحديات كبيرة تتطلب تضافر الجهود والنأي بتونس عن التجاذبات والصراعات .
أنصح رئيس الحكومة القادم بأن يضبط قواعد عمله منذ البداية، ماهي ظروف تكليفه؟ ما هي رؤيته لما ينتظره من مهمات؟ ومنذ البداية لا بد من إتفاق واضح وصريح مع الأحزاب السياسية وكذلك مع الأطراف الإجتماعية لأن المشاكل التي تنتظرنا لا يمكن حلها إلا بإلتزام جماعي من الأحزاب ذات الثقل في الساحة ومن الأطراف الاجتماعية، هذه شروط أساسية دونها لا يمكن النجاح .
من الواضح أن التوتر هو سمة العلاقة اليوم مع الإتحاد؟
لا ليس توترا ، طبيعة العلاقة تفترض هذه المراوحة ، نحن في نقاش مستمر وتبادل للأفكار وهو ما يراه البعض توترا ، وحتى عندما كثر الحديث عن ممارسة الإتحاد لضغوط في ما يتعلق بما تردد عن ترشحي للرئاسة، أريد أن أوضح بأني لم أتلق أي اتصال من أي كان من الإتحاد حول الموضوع ولم يسلط علي أي ضغط «باش تكون الأمور واضحة».
قواعد التعامل التي وضعناها مع الإتحاد ليس فيها كلمة الضغط ولست من الذين يعملون بهذه الطريقة «هاذي طبيعتي» ، «أنا خارج من الحكومة ولكن تونس موش خارجة»، أريد أن أتحمل مسؤوليتي وأنا في موقع المسؤولية ولا أريد أن أحمل غيري مسؤولية اختيارات قد لا يراها من سيأتي بعدي صائبة وفي محلها، ولذلك أفضل أن نعالج المشاكل اليوم بدل تأجيلها إلى الغد .
هل شرعتم في إعداد ميزانية 2015؟
نعم وسيكون مشروع الميزانية جاهزا خلال الأسبوعين القادمين. ستكون توازناتها صعبة .هناك مشاكل في الإقتصاد التونسي والمالية التونسية لا بد من معالجتها خلال الثلاث السنوات القادمة ، نحن شرعنا في ذلك ولكن يتعين على من سيأتي بعدنا أن يواصل، إيجاد الموارد لن يكون يسيرا، هناك إلتزامات لا تحتمل التأجيل وأكبر خطر قد يهددنا هو إضاعة الوقت في تشكيل الحكومة « يلزم الحكومة تتشكل في أقرب وقت» وتشرع في العمل حتى يشعر العالم من حولنا بوضوح الرؤية لدينا وحتى يطمئن التونسيون على أنفسهم وعلى وطنهم وأن الانتخابات أفضت إلى حكومة مستقرة ستشرع في العمل فورا .
أيهما افضل لتونس، حكومة حزبية أم حكومة تكنوقراط؟
حكومة كفاءات مهما كان لونها ، أهم شيء بالنسبة إلي إن شئنا الإعتبار بالماضي كله هو وضع الرجل والمرأة المناسبة في المكان المناسب، لابد من الإبتعاد عن عقلية «متاعي ومتاعك» وسأعطيك مثالا: كنت حريصا على تشكيل الحكومة من كفاءات لا أعرفها معرفة شخصية باستثناء السيد نضال الورفلي الذي عمل معي في وزارة الصناعة، عمدت إلى ذلك حتى يكون الإختيار موضوعيا، والكفاءة ليست فقط تقنية وعلينا في تونس أن نراجع أسلوب التعامل مع الموارد البشرية «قداش قاري وقداش عندو شهايد» هناك معطيات آخرى ، كيف يتصرف مع زملائه كيف يواجه الأزمات، كيف يدير منظوريه المهم أن نعتمد على الكفاءات، نحن عملنا تحت سقف مضبوط، كفاءات غير متحزبة ، في الحكومة القادمة سيكون السقف أعلى ولكن الكفاءة شرط أساسي ولا يمكن إسناد المسؤوليات مكافأة لهذا أو ذاك، لا بد أن تسند المواقع لمن يستحقها ومن هو قادر على تقديم الأفضل لتونس، غدوة إن شاء الله يكون مجال الاختيار أوسع لكن لا بد من تغليب الكفاءة وأنا أنصح بعدم الخوف من الكفاءات حتى لو كانوا غير موالين لمن يحكم لأن الموالين دون كفاءة لن يقدموا شيئا «وربما يغلطوك وما يقولوش الحقيقة» وتونس زاخرة بالكفاءات .
كيف هي العلاقات الدولية لتونس؟
في تقديري لا يمكن لأحد أن ينكر ما حققته هذه الحكومة على المستوى الأمني وعلى المستوى الدولي، نحن نستعد للمغادرة «ما خلينا حتى طرف يعادينا» بل هناك دول مؤثرة في الواقع التونسي اقتصاديا وأمنيا نحن في أحسن مستوى من العلاقات معها كما لم يحدث من قبل بشهادة هذه الدول، محافظين على استقلالية القرار الوطني وسيادة بلادنا .
خلال زيارتك لمؤسسة الإذاعة التونسية راجت صورة وقوفك متأملا أمام «برويطة» تتوسط جانبا من أرشيف الإذاعة، ما الذي دار في ذهنك في تلك اللحظات؟
قد أقبل بعض الأشياء وأتفهم حدوث بعض التجاوزات في مناخ ثوري «حاجات يمكن إعادة بنائها» ولكن ما لا أقبله بشكل قطعي هو المس بذاكرتنا وتراثنا ، هل يعقل أن خطب بورقيبة تحمل بواسطة «برويطة» ؟ وكيف يقبل أن يلقى بأرشيفنا السمعي على الأرض؟ «موش معقول وما كنتش فرحان وتغششت» وفتحت تحقيقا من الغد، «تصور تدخل على قرطاج بالتراكس ؟» أنا لا أتساهل في ما يتعلق بالتراث الوطني لأن التفريط فيه يعني خسارته وضياعه نهائيا وليس من حقنا أن نتصرف بهذه الطريقة، أتذكر ما حدث لمتحف بغداد وأتألم، كيف يقبل مسؤول على نفسه يتقاضى جراية من أجل عمله أن يتصرف بهذه الطريقة ؟ المسألة لا تتعلق بالإمكانيات فقط ، هناك عقلية ورؤية، بناة هذه الدولة هل كانت لديهم الإمكانيات التي تتوفر لنا اليوم؟ أبدا ولكن «كان عندهم القليب» وكانوا حملة مشروع ورؤية في الفترة القادمة ، نحن ثمار هذا المشروع وهذه الرؤية، لابد من بعث رسائل واضحة للتونسيين حول رؤيتنا للمستقبل «موش في ستة شهور، هي شركة صغيرة تخطط لخمس سنوات» فما بالك بمستقبل بلاد ؟ علينا ان نخطط للمستقبل وهذا ما شرعنا فيه بوضع رؤية إستراتيجية عرضناها في ندوة 8سبتمبر الماضي «إستثمر في تونس الديمقراطية الناشئة» أنجزنا هذا العمل لنمهد للحكومة القادمة التي عليها أن تضع مشروعا ورؤية واضحين ، علينا ان نفكر في تونس في غضون عشرين أو ثلاثين سنة كيف ستكون وماذا سنترك للأجيال القادمة ؟ الأكيد أننا لن نترك لهم «البرويطة» التي وجدتها في الإذاعة .
هل سيتم تنفيذ المشاريع التي عرضت في ندوة 8سبتمبر وعددها 22؟
كل المشاريع وجدت رعاة ، لا بد من مواصلة العمل ولهذا السبب سأكون اليوم الاثنين في جينيف لمواصلة الترويج لتونس وللاستثمار فيها ، الديبلوماسية الاقتصادية موش كلام فقط بل هي تحرك ناجع في الوقت المناسب ونحن حققنا عدة مكاسب في هذا المجال ولا بد من الاستمرار على هذا النهج « يلزمنا نكونوا صريحين مع التوانسة» وبعث رسائل أمل لكن دون أن نخدعهم بوعود نعرف مسبقا بأنها لن تتحقق، أخشى اليوم وأنا صادق في كل كلمة أقولها لكم أن يتعرض التونسيون لخيبة ثانية ، إنتظر التوانسة الكثير بعد 14جانفي ولكن ما تحقق في المجال الاقتصادي قليل وليس في مستوى إنتظاراتهم ، اليوم لم يعد مسموحا للطبقة السياسية أن تخيب إنتظارات شعبنا مرة أخرى، ليس مسموحا لها بذلك «ما نعملوهاش مرتين» .
هل يمكن أن نراك يوما ما زعيما لحزب سياسي؟
لا
السيد رئيس الحكومة، شكرا لكم
بارك الله فيكم وتحياتي لقراء «التونسية» ورقيا وإلكترونيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.