بقلم: أبو غسان استنادا إلى أقوال شفيق صرصار رئيس هيئة الانتخابات في أعقاب لقائه بالأحزاب المشاركة في الحوار الوطني، وإلى تصريحات لطفي بن جدو وزير الداخلية فإن كل الاحتياطات قد اتخذت لتجرى عملية الاقتراع في الانتخابات التشريعية المقبلة في أحسن الظروف... على الورق يبدو كل شيء جاهزا لموعد الأحد .. وساعة الحقيقة التي تعيش تونس على وقعها منذ أشهر عديدة بدأت تقترب.. ومع اقترابها بدأت درجة الحرارة ترتفع شيئا فشيئا في الشارع السياسي..والمؤكد أنها ستواصل الارتفاع إلى آخر لحظات الحملة الانتخابية حتى منتصف ليل بعد غد الجمعة. بعد أكثر من أسبوعين من الحراك الانتخابي الذي لم يخل من الانحرافات والتجاوزات بدأت الأذهان تتطلع إلى يوم الاقتراع، وإلى الأجواء التي ستدور فيها عمليات التصويت، وخاصة إلى النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع بعد حملة انتخابية أثارت الكثير من الجدل وخلفت نقاط استفهام أكثر بكثير من مساهمتها في توضيح الرؤية أمام الناخب التونسي.. حملة استبيح فيها الضرب تحت الحزام، وكانت بمثابة حرب اتهامات مفتوحة ، لم تنج من نيرانها وسائل الإعلام التي حشرت بدورها في هذه المعركة ونعتت بأسوأ النعوت وأبشعها- دون أدنى تمييز أحيانا-. ولكن اللافت على الإطلاق هو تعمد البعض التشكيك من الآن في نتائج هذه الانتخابات، والجزم بأنها ستكون مزيفة دون أي تقدير لما تمثله مثل هذه التصريحات من مخاطر وتداعيات على البلاد بعد يوم 26 أكتوبر. نعم هناك تجاوزات سجلت خلال الحملة الانتخابية والكثير منها يعود لنقاط ضعف في القانون الانتخابي بالأساس وهو ما استثمرته بعض الجهات السياسية لصالحها.. وقد أكّدت هيئة الانتخابات أنها سجلت هذه المخالفات وستتخذ القرارات المناسبة بشأنها في الوقت المناسب.. القانون لا يمكنه وحده أن يخلق سلوكا انتخابيا مثاليا.. بل إنّ السلوك المثالي في الانتخابات غير موجود أصلا حتى في أعرق الديمقراطيات وأقدمها حيث لا تخلو الانتخابات من التجاوزات. ولكنها تجاوزات لا تؤثر بأي حال من الأحوال على النتائج، لأن العملية الانتخابية محكومة بالأساس بآليات واضحة، وتشرف عليها مؤسسات مستقلة لا تتأثر بالظرف السياسي ولا تقيم أي اعتبار أو وزن للألوان السياسية مهما كانت الظروف.... وبالنسبة لتونس وبالنظر لقصر التجربة الديمقراطية، وفي ظل تواصل الجدل حول القانون الانتخابي وحول مدى نجاعة الآليات المعتمدة في تنظيم هذه الانتخابات فإن المطلوب اليوم هو أن تعمل كل الأطراف وخاصة هيئة الانتخابات على توفير المناخ الملائم حتى تجري عمليات الاقتراع في أحسن الظروف، وخاصة ضمان التزام المشرفين على مكاتب الاقتراع الحياد الكامل والمصداقية التامة، وأن يلعب المجتمع المدني وخاصة الجمعيات المراقبة للانتخابات وفرق الملاحظين دورا كاملا بالإبلاغ عن الأخطاء والتجاوزات المرصودة بكل صدق وموضوعية. أما بعد التصويت فعلى هيئة الانتخابات أن تتحلى بالشجاعة الكافية ، وأن تمارس كامل سلطاتها بعيدا عن أيّة ضغوطات مهما كان مأتاها وتتخذ الإجراءات اللازمة التي يخولها لها القانون كلما تبين لها أن هناك فعلا ممارسات قد تكون أثرت على النتائج لأنها تبقى المؤتمنة على ذلك أمام الشعب التونسي الذي لن يتسامح مع أي تلاعب بإرادته.