أثارت مسألة تعيين السيد أحمد صواب وكيلا للرئيس الأول للمحكمة الإدارية ضجة ضخمة وسط الأوساط الحقوقية والإعلامية، إذ أعلن المجلس القطاعي لجمعية القضاة التونسيين بالمحكمة الإدارية عن رفضه المطلق لهذا التعيين، متهما السيد أحمد صواب بالخروج عن الحياد السياسي، مشددا على عمق خشيته من انعكاس ذلك التعيين على مصداقية المؤسسة وحيادها تجاه كل الأحزاب والقائمات والمترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية، خاصة مع هذا الوقت الذي يتزامن مع تعهد المحكمة الإدارية بالنظر في النزاعات الانتخابية، كما طالب المجلس القطاعي المذكور الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بإعادة النظر في قرار التعيين. وقد أعربت نقابة القضاة التونسيين، عن مساندتها المطلقة للقاضي أحمد صواب، الذي رفضت جمعية القضاة التونسيين قرار تعيينه وكيلا للرئيس الأول للمحكمة الإدارية، واتهمت الهيئة الجمعية «بتكريس الانقسام وإرباك المسار الانتخابي بشكل متعمد، بما من شأنه أن يؤدي إلى التشكيك في العملية الانتخابية»، وفق تقديرها، مذكرة بالدور المحمول على المحكمة الإدارية في ما يتعلق بالبت في النزاعات الانتخابية.. من جهته أكد السيد عز الدين حمدان رئيس إتحاد القضاة الإداريين ل«التونسية» أن هذا التهجم جاء في وقت حرج من قبل جمعية القضاة التونسيين، معتبرا إياه ضربة للمحكمة الإدارية وللمسار الوطني الديمقراطي، مضيفا «هذه الهجمة على قضاة المحكمة الإدارية وعلى إتحاد القضاة الإداريين ليست الأولى، ولكنها اليوم أصبحت موجهة إلى مؤسسة المحكمة الإدارية، الأمر الذي يستدعي الريبة والشك، ولا يمكن أن نتخيل أو يمكن أن يختلف عاقلان أن يقوم القضاة الإداريون بهدم بيتهم على رؤوسهم إلا في حالة واحدة ، وهي أن يكونوا بيادق في يد أحد الأطراف السياسية، وهنا يا خيبة المسعى، ويجب التذكير هنا، وهذا ما يجب أن يدركه جميع الناس من قضاة وحتى من غير المختصين في الشأن القضائي أن تسمية السيد أحمد صواب جاءت بالاستناد إلى الفصل 14 من قانون المحكمة الإدارية عدد 40 لسنة 1972، والذي ينص في فقرته الأخيرة على أن يتولى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية تعيين وكيل له من بين رؤساء الدوائر التعقيبية لنيابته عند حصول مانع ما». وأكد حمدان أنه تتوفّر في السيد أحمد صواب جميع الشروط القانونية لتحمل هذه المسؤولية قائلا « السيد أحمد صواب هو رئيس دائرة تعقيبية، وهو ما يجعله قانونيا مؤهلا لهذا المنصب، كما أن الشرط الموضوعي الثاني والذي عمل قضاة المحكمة الإدارية على تكريسه عند التسمية في الخطط الوظيفية أو العادية داخل المحكمة وهو مبدأ الأقدمية الفعلية في الخطة، متوفر في شخص أحمد صواب ، باعتباره أقدم رئيس دائرة في خطته تلك في المحكمة الإدارية، وهو معيار درج فقه المجلس الأعلى للقضاء على تكريسه منذ أمد ليس بالقصير». وأكّد حمدان أن المناوئين لتسمية السيد أحمد صواب سواء كانوا من المكتب القطاعي للجمعية أو مكتبها التنفيذي لا سند لهم قطعيا ولا موضوعيا للقدح في تسمية أحمد صواب كوكيل للرئيس الأول، مضيفا أنه «خلافا لأراجيف هذين الهيكلين، فإن خطة وكيل الرئيس كما حددها القانون ليست خطة وظيفية، وليس لمتقلدها أي امتياز مادي، كما أنه ليس لها أي أثر على المسار الانتخابي». وحول مسألة الحيادية السياسية للقاضي أحمد صواب، أكد عز الدين حمدان ل «التونسية» على أهمية انخراط كل شخص يمارس السياسة في حزب سياسي معين وهو ما يتنافى مع وضعية السيد صواب، إذ ليس له أيّة علاقة بأي حزب أو تيار سياسي في البلاد على حد تعبيره، مضيفا « أحمد صواب لم يترشح لأي منصب سياسي سواء كان رئاسيا أو وزاريا، أو حتى مدير ديوان لوزير متحزب، كما أنه لم يعيًن يوما من قبل حزب سياسي أو حكومة سياسية لتمثيلها قانونيا في نزاع ما، هذا علاوة على أن اتهام هذه الأطراف للسيد صواب يذكرنا بما كان يقوم به النظام النوفمبري تجاه جمعية القضاة قبل سنة 2005 والذي كان أحمد صواب أحد أشرس المدافعين عنها، هذا ويبدو من الضروري رغم نأينا عن الإشادة بما قمنا به والذي نعتبره إلى اليوم واجبا تجاه جمعية القضاة التونسيين، أن نذكّر قصيري الذاكرة والذين فتنتهم نرجسية المناصب ونرجسية الذات، أن أول اجتماع للمكتب التنفيذي للجمعية المنقلب عليها سنة 2005 كان في مكتبة المحكمة الإدارية وبتنظيم من أحمد صواب، الذي سعى إلى جمع القضاة حول المكتب التنفيذي وقتها». ودعا حمدان في الختام إلى النبش في الذاكرة لتبيان من كان يجتمع وينظم اللقاءات مع رابطات حماية الثورة ومن شارك في حمايتهم، وبالتالي اكتشاف القائم أو الفاعل الحقيقي في الحياة السياسية ومن كان متهما فعلا بعدم الحياد السياسي على حد تعبيره، مضيفا أن « إسناد شبهة عدم الحياد السياسي للسيد أحمد صواب لم ترتبط يوما بمثل هذه التنظيمات، وإنما كانت مبنية على ما كان يقوم به من دفاع عن أحكام المحكمة الإدارية وقراراتها من هجمات السياسيين والتأسيسيين في فترة ما من تاريخ هذا البلد، ,وهي شبهة ارتبطت بما يقوم به من تحليل باعتباره خبيرا في القانون وقاضيا إداريا، في مقاربته للعلاقة بين سلطة القضاء المستقلة والسلطتين التنفيذية والتأسيسية في الفترة الانتقالية السابقة».