بقلم: جيهان لغماري رسالة أولى من القلب والعقل إلى المسجّل والمتردد في المشاركة: أخي الناخب، وأنت تتلذّذ نوم صباح هذا اليوم باعتباره يوم أحد للنهوض متأخّرا واحتساء قهوتك على مهل، تذكّرْ أنّ غيابك سيمنع عنك النوم أصلا أمام حجم الكوابيس اليومية التي ستغرق في بحرها دون القدرة على السباحة في لُجِّها . واعْلَمْ أنّ اللامبالاة بالتخلّف عن القيام بممارسة حقّك، ستفتكّ تدريجيا كل الحقوق الأخرى. إنّ التخفّي وراء الغياب لتبرير عدم تحمّل تبعات ما سيحدث لا يُعفيك من المسؤولية الكاملة أمام أبنائك وأحفادك الذين ستتأثّر حياتهم اليومية سلبا بغيابك اليوم عن تأدية واجبك الانتخابي. أختي الناخبة، وأنت تُعدّين «الكسكسي» اللذيذ في موعده الأسبوعي القار كأغلب العائلات التونسيّة يوم الأحد وتوزّعين حنان الأمّ على صغارك في جلسة عائليّة هانئة، تذكّري أنّ أيام الآحاد القادمة كثيرة وأنّ بقاء هذه «اللّمّة» بطقوس الفرح، رهينة عدم تخلّفك عن ممارسة حقّك في الانتخابات أيّا كان اختيارك!، واعلمي أنّ غيابك قد يجعل جيْبك غير قادر على مواجهة غلاء متطلّبات طاولة يوم الأحد وكل الأيام الأخرى. أجّلي إذن طقوس العادة هذا اليوم واهرعي إلى مركز الاقتراع لأجل ابتسامة دائمة تتمنّينها متلألئة في عيون أطفالك. الرسالة الثانية، إلى الناخب الواقف أمام مركز الاقتراع في انتظار دوره: وأنت «تُقَصِّر» الوقت بالدردشة مع مَنْ أمامك أو من وراءك، لا تغفل عن فهم مغزى التقاء الآلاف مثلك في مكان واحد مع أنّ نوايا التصويت مختلفة، وهو قدرة الجميع على التعايش المشترك ضمن منظومة تُقَنّن هذا الاختلاف وأنّ المشاركة مهما كانت النتائج في صالح مُرَشّحيك أو ضدّهم هي دليل على مواطَنَتِك كاملةً لا يُنقِص منها حُكْمُ الصندوق شيئا. حين تقترب تدريجيا من باب قاعة الانتخاب، لا بأس أنْ تُخْبِر المسؤولين هناك أو تتصل بالخط المجاني لهيئة الانتخابات عند ملاحظتك لإخلالات واضحة أو ممارسات قد تُعيق وصول صوتك كاملا إلى الصندوق واعلمْ أنّ صمتك على وجودها سيجعل مِنْ ورقتك التي غمستَ من أجلها إصبعك في الحبر، مجرّد «بَحّة» أو حشرجة بلا صوت ولا تأثير. ها قد دخلتَ القاعة، أنت الآن في خلوتك، تذكّرْ أنكما الآن لوحدكما بلا رقيب، أنت والورقة وثالثكما ضميرك، فليكن هو عليك الرقيب! واخترْ مَنْ تشاء فأنت الآن حُرّ وحُرّ وحُرْ! وتذكّرْ أنّ مَنْ أراد بالمال شراء صوتك، إنما كان يبيع لك ولو بعد قليل صمتَك ثمّ موتَك! لكن تذكّر أنك تونسي «فلفل حار» وحُرّ.. حين تعود إلى بيتك بعد ممارسة حقّك، لا تنس واجباتك في العمل الجادّ، فالانتخابات بداية مهمّة تؤسس للاستقرار. واعلمْ أنّ فوز مرشحكَ لا يعني خدمتك وتبجيلك فهو في خدمة المصلحة العامة وعليك ما على الآخرين من حقوق وواجبات. وإنْ خاب مرشّحك،فلا تنس أن الدستور وروح الثورة يكفلان حقّ النقد والاقتراح والاحتجاج. أليس الجامع بين كل المواطنين على اختلافهم الحق في العيش الكريم والسكن اللائق والخدمات الصحية الجيدة والعدالة طبقا للقانون؟. باختصار، أخي الناخب: انْتَخِبْ حتى لا تَنْتَحِبْ!