لا شروط مسبقة للمشاركة في الحكومة مع «نداء تونس» أو مع أي فصيل سياسي آخر فوز «النداء» لا يعني عودة النظام القديم أكد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» في المقابلة التي أجرتها معه قناة «الجزيرة» القطرية ضمن برنامج «بلا حدود» أن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة لا تعدّ هزيمة للحركة، وإنما هي دليل على رغبة التونسيين في التعددية والديمقراطية , مضيفا أنه لا عودة للدكتاتورية ولحكم الحزب الواحد. وأضاف أن ما حدث في مصر لن يتكرر في تونس, وأن حركة «النهضة» لم ترشّح أية شخصية لمنصب الرئاسة تجنبا لحدوث حالة استقطاب مشيرا إلى أن ذلك أمر مهلك للديمقراطية ولم يستبعد الغنوشي أن يكون رئيس البرلمان أو الحكومة المقبلين من حركة «النهضة» قائلا :«سنكون في الحكم سواء تولينا مناصب أم لا، لأن الشعب التونسي اختارنا». و تابع أن فوز حزب حركة «النهضة» بالمركز الثاني في الانتخابات التشريعية لم يكن صادما أو مفاجئا للحركة وإنما كان متوقعا في ضوء ما أظهرته استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات. ونفى الغنوشي أن يعني فوز حزب «نداء تونس» في الانتخابات التشريعية عودة النظام القديم إلى الواجهة بإرادة شعبية، مؤكدا أن كل من يعمل في إطار الدستور والقانون هو مواطن كامل المواطنة وله حق المنافسة بلا تمييز، معتبرا أن النتيجة تشكل فوزا للديمقراطية في تونس، وتعتبر مثالا يجب أن يحتذى به في العالم العربي. وردّا على سؤال حول ما اذا كان لدى حركة «النهضة» مخاوف من عودة النظام القديم في ظلّ ترشّح رموز منه للرئاسة ومشاركتهم في الانتخابات التشريعية , قال الغنوشي إنه لا توجد لدى الحركة مخاوف من عودة النظام القديم، معتبرا أن «الحالة الديمقراطية في تونس تفرض على الجميع نبذ الإقصاء، خاصة في ضوء ما اتضح من الانعكاسات السلبية للإقصاء والعزل السياسي في دول مجاورة، وبالتالي يجب ألا نكرر الأخطاء، وألا ننقل ما ورثناه من أحقاد للأجيال المقبلة». وشدّد زعيم حركة «النهضة» على أنه يجب النظر إلى نتائج الانتخابات التشريعية باعتبارها انتصارا نسبيا للحركة قائلا : «هي انتخابات تشريعية وليست رئاسية ليكون فيها خاسر وفائز..و الشعب التونسي أرسل رسالة واضحة، مفادها أنه يريد حكومة ائتلاف وطني لا حكومة الحزب الواحد التي انتهت إلى غير رجعة». حكومة وحدة وطنية ائتلافية ورأى الغنوشي أن تونس تحتاج في هذه المرحلة من تاريخها الى حكومة وحدة وطنية ائتلافية، باعتبارها تواجه تحديات كبيرة لا يمكن أن ينهض بها حزب واحد، مضيفا أن «النهضة» تعتبر نفسها الآن في المعارضة، وأنها ستمارس دورها بموضوعية ومسؤولية وليس بعنجهية، وأنه ليس للحركة أية شروط مسبقة للمشاركة في الحكومة مع «نداء تونس» أو مع أي فصيل سياسي آخر. وردّا على سؤال حول تشكيل الحكومة المقبلة، قال الغنوشي ان الاستبداد بالسلطة غير وارد، وانّ المطلوب هو التعددية التي ارتضاها الشعب . واستبعد أن تتشكل الحكومة من وزراء تكنوقراط، معتبرا أن المنطق السياسي يقول أن «الأحزاب تنتخب لتحكم، والتكنوقراط استثناء ونحن مع الاستعانة بكل الكفاءات التونسية من الأحزاب وغيرها». و تحدث الشيخ راشد الغنوشي عن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 من الشهر الجاري، موضحا أن «النهضة» لم ترشّح شخصية لمنصب الرئاسة ولم تنحز لأي مترشّح «لأن ذلك قد يحدث استقطابا في الدولة وهو أمر مهلك للديمقراطية، لذلك ضحينا بهذا المنصب الذي أدى بأقطار أخرى إلى الانهيار ...». وأشار الى أن «النهضة» دعت إلى رئيس توافقي وتركت الحرية لأنصارها ليختاروا من يشاؤون من المترشّحين، ولم توجه أحدا لاختيار أي من المترشّحين للرئاسة. السيناريو المصري غير وارد في تونس وردّ الغنوشي على أسئلة تتعلق بما تشهده العديد من دول ما بات يسمى ب«الربيع العربي» من اضطرابات، وقلاقل , معتبرا أن «الربيع العربي تعثّر هناك، نتيجة تعقد الأوضاع، لكن «الربيع التونسي» صامد وله إنجازات متكررة تعطي أملا للبلدان الأخرى، ونحن على يقين بأن الربيع العربي سينجح، والأمر يحتاج فقط لبعض الوقت». و قال زعيم «النهضة»: «كان لما حدث في مصر أثر بالغ على تونس وأخذنا العبرة مما حدث هناك»، لكنه أوضح أنه «من الصعب أن تتكررالأوضاع المصرية في تونس، فالجيش المصري متغلغل في السياسة بخلاف نظيره التونسي، كما أن الموقع الجغرافي لمصر جزء من صراعات دولية كبيرة». كما عبّر الغنوشي عن تفاؤله بنجاح ثورات الربيع العربي،قائلا: «ان الشعوب لن ترضى أن تحكم بأنظمة بالية.. العفريت خرج من القمقم ومن المستحيل ارجاعه إليه هي مسألة وقت فقط».