في جلسة ختامية هادئة طغت عليها المشاعر وغابت فيها الحسابات السياسية التقى عشية اليوم نواب المجلس التأسيسي في قبة البرلمان للمرة الأخيرة ليختموا نسخة مميزة من الدستور تمت كتابتها بخط اليد. الجلسة التي افتتحها رئيس المجلس السيد مصطفى بن جعفر حضرها اغلب النواب من كل الأحزاب السياسية إلى جانب عدد من المستقلين وممّن كلفوا بحقائب وزارية على غرار خليل الزاوية ومحمد بن سالم وعبد اللطيف المكي وعبد الكريم الهاروني وسمير ديلو كما حضرت صور النواب المتوفين كالشهيد محمد البراهمي ومحمد العلوش إلىجانب صورة الشهيد شكري بلعيد كرمز لكل شهداء الوطن. وقال رئيس المجلس التأسيسي السيد مصطفى بن جعفر إن الأعمال بخواتمها مشيرا إلى أن المجلس التأسيسي تمكن طيلة الثلاث سنوات من تأدية مهمته وراعى الأمانة وحافظ على القسم الذي بدأ به أعماله وهو قسم عظيم أمام الله والشعب والتاريخ. وأضاف بن جعفر الى أن المجلس حافظ على وحدة البلاد واستقلالها وسيادتها وسط عواصف عاتية، ونجح في قيادة السفينة إلى برّ الأمان وان ذلك ما سيسجله التاريخ، وذلك بإنجاز الدستور الذي تفخر به البلاد اليوم مؤكدا على أن «التأسيسي» عمل بمختلف توجهاته على تغليب المصلحة العليا رغم الاختلافات الصعبة والمرهقة، وأنّه حوّل التنوّع إلى ثراء عكس صورة للثقافة التونسية الثريّة بتعدّد أبعادها ومكن النواب من انجاز دستور توافقي يبني لتونس المستقبل وعلى أسس صلبة رؤية مجتمعية تقوم على التنوّع والتعدّد وتحفظ عناصر الهويّة الأصيلة في بعدها العربي الإسلامي المتجذر. كما عبر رئيس المجلس عن يقينه بأن الشعب التونسي سيكون أعظم حارس للدستور بمؤسساته وقواه المدنية وبوعيه بأن الدّم الذي دفعه ثمنا لحرية لم يهبها له أحد ولن يتنازل عنها أبدا لأيّ كان. المجلس في أرقام وقد كشف بن جعفر خلال الجلسة الختامية على بعض الأرقام التي لخصت عمل المجلس خلال الثلاث سنوات مشيرا الى أن المجلس عقد 295 جلسة عامة و441 اجتماعا للجان التأسيسية وجلسات الاستماع وللجنة المشتركة للتنسيق والصياغة و49 جلسة للجنة التوافقات و210 جلسات للجان الخاصة و566 جلسة للجان التشريعية وجلسات الاستماع وان عمل لجنة فرز أعضاء «هيئة الحقيقة والكرامة» استمرّ يوم 01 ماي 2014 من الخامسة و50 دقيقة مساء إلى حدود الخامسة و15 دقيقة صبيحة اليوم التالي أي على مدى 11 ساعة و35 دقيقة. وقال بن جعفر ان الديبلوماسية البرلمانية عرفت طيلة عمل المجلس الوطني التأسيسي ديناميكية كبيرة سواء بمشاركة الوفود البرلمانية في أهم التظاهرات البرلمانية الدولية أو باستقباله لعديد القيادات السياسية على المستوى الدولي رؤساء دول ( 7 رؤساء)ورؤساء حكومات(08 رؤساء) ورؤساء برلمانات(19 رئيس برلمان). من كواليس الجلسة صورة جماعية في «باب الصيودة»: دعا رئيس المجلس كل النواب إلى أخذ صورة جماعية عند الباب التقليدي لمجلس النواب المعروف ب «باب الصيودة» وعلق قائلا « ما تخافوش الصيودة هاذم ما ياكلوش». حديث في الرئاسية طغى الحديث عن الانتخابات الرئاسية على جزء كبير من كواليس المجلس حيث قدم النواب من حساسيات مختلفة تصورهم لنتيجة الدور الأول وقد أصر عدد هام منهم على انحصار الدور الثاني بين السبسي والمرزوقي فيما توقع الشقّ الديمقراطي صعود اسم ثالث قد تدعمه «النهضة» في الخفاء. ولم يبد نواب حركة «النهضة» أي تعليق حول هذه المسألة مكتفين بالتأكيد على أن مجلس الشورى ترك حرية الاختيار لقواعد الحركة وهو ما اعتبره نواب الكتلة الديمقراطية مراوغة ... تهان، عناق، وزغاريد وعتاب كانت جلسة يوم أمس مناسبة تبادل فيها النواب الفائزون في الانتخابات التشريعية وبقية زملائهم التهاني وبدت المشاعر صادقة وقوية بين العديد منهم فيما بدت علامات الأسف والحسرة على البعض الآخر ممن ودعوا المجلس بلا عودة . ولم تمنع نائبات من حركة «النهضة» أنفسهن من الزغاريد عند دعوة رئيس المجلس المقرر العام للدستور الحبيب خضر لختم النسخة النهائية فيما عاتب النائب محمد بالنور الناطق الرسمي باسم حزب «التكتل» نائب «التكتل» سابقا ثم «المسار» علي بالشريفة على عدم الرد على معايدته عبر الهاتف مستحسنا في الآن ذاته قرار بالشريفة بعدم الترشح لدورة ثانية عن دائرة باجة. الشعب كره «التأسيسي» النائب شكري القسطلي عن «التحالف الديمقراطي» الذي قاطع الجلسة كتب على صفحته على الفايس بوك: «جلسة لا داعي لها فالدستور قد صادقنا عليه والهيئات التعديلية أسسناها والمسار الانتقالي وخارطة الطريق أمناهما بحذافرهما فما الداعي لجلسة وخطاب وعواطف جياشة زائفة .. الشعب كره التأسيسي ومجّ النقل المباشر والتغطية الإعلامية والبلاتوهات الساخنة .. وإني كما قاطعت حفل التوسيم بالصنف الرابع للجمهورية أقاطع ما سمي بالجلسة الختاميّة وأدعو زملائي المؤسسين إلى المحافظة على آخر قطرة من ماء وجوههم وملازمة بيوتهم وتجنب محاضر السوء .. عاشت تونس .. عاشت الديمقراطية .. اللهم لقد أكملنا مهامنا بالمجلس التأسيسي وقمنا بواجباتنا ولا ننتظر لا حمدا ولا شكورا .. « غياب النقل التلفزي المباشر على خلاف بقية جلسات «التأسيسي» التي أمنت نقلها القناتان الوطنيتان الأولى والثانية غاب خلال الجلسة الختامية البث المباشر وقد علّق رئيس المجلس على غياب النقل « التلفزة لن تنقل الحدث حتى يظن البعض ظن السوء» في إشارة إلى حملته الانتخابية الرئاسية . سنية تومية غائبة؟ يبدو أن النائبة عن حركة «النهضة» سنية تومية اختارت هي الأخرى مقاطعة الجلسة الختامية حيث كان غيابها بارزا مما جعل العديد من الاعلاميين يتساءلون عن سر هذا الغياب غير المعهود . معنويات مرتفعة لنوّاب «المسار » رغم هزيمة التشريعية بدت معنويات نواب «المسار» مرتفعة حيث شاكست النائبة سلمى بكار بقية زملائها وصفقت طويلا عند ختم العميد فاضل موسى للدستور .