قال اليوم مهدي جمعة رئيس الحكومة في حوار أدلى به لصحيفة «الخبر» الجزائريّة إنّ تنقية الأجواء والابتعاد عن التجاذبات السياسية وتحييد الإدارة والمساجد والعمل الأمني والتنظيمي ساهمت في تهيئة أفضل الظروف لنجاح الإنتخابات التشريعية شهر أكتوبر الماضي متمنّيا أن تشهد «الرئاسيّة» نفس النجاح. وتحدّث جمعة عن التهديد الأمني والجماعات الإرهابية التي تستهدف تونسوالجزائر مبيّنا أنّ الجميع على يقظة تامّة وعازمون على منعه قائلا: «مثلما منعناه من أن يضرب في التشريعية سنمنعه من أن يضرب في «الرئاسيّة». وحول تصريحات بعض المسؤولين عن وجود تهديدات إرهابيّة أكّد جمعة ذلك بالقول «هناك تهديدات إرهابية وكبيرة وجديّة في تونس» موضّحا أنّه في تونس تمّ الإنتقال من مرحلة كانت المجموعات الإرهابية تملك زمام المبادرة، إلى مرحلة صارت المبادرة بيد مصالح الأمن، حتى على مستوى العمليات الأمنية الاستباقية ممّا شكل تضييقا على المجموعات الإرهابية التي تحاول أن تتحرك في الجبال والمدن لتوجيه ضربات خاصة، أو القيام بعمليات استعراضية بهدف إعلامي موضّحا أنّه في هذه الظروف الانتخابية وحيث كل العالم منتبه إلى تونس تهيّأ الجميع لذلك نظرا لإدراك ما تخطط له المجموعات الإرهابية مشيرا إلى وجود إطمئنان من ناحية الحدود الجزائرية، رغم وجود مجموعة إرهابية مرجعا السبب إلى وجود تعاون بين البلدين وحرص مشترك على أمنهما مؤكّدا انّ الوضع يختلف مع ليبيا ممّا يدفع إلى حماية الحدود معها. و بيّن جمعة أنّ التعاون الكبير والرفيع مع الجزائر لا يتعلق باتفاقيات تعاون فقط بل يتمثل في تنسيق عملي على الأرض بما يعني أنّه عندما يقرر الجيش الجزائري أو التونسي القيام بعمل عسكري ميدانيّ، لا يكون هناك أي تونسي أو جزائري يدخل أو يخرج من المنطقة الحدودية موطن العملية العسكرية من الطرفين مؤكدا وجود تبادل للمعلومات وتعامل بثقة أمنية وعسكرية كبيرة، مشيرا إلى انّه ليس هناك مد لوجيستي عدا في بعض الحاجات البسيطة موضّحا أنّ تونس لا تطلب أكثر من الجزائر اعتقادا منها بأنه عندما يكون الجيش الجزائري مستنفرا وفي حالة جهوزية يكون هناك اطمئنان على الوضع بالحدود التونسيةالجزائرية مؤكدا أنّ الجيش الجزائري لم يقم بأيّة عمليات عسكرية داخل التراب التونسي حتى في سياق ملاحقة ظرفية لمجموعة مسلحة أو باتفاق مسبق. و في حديثه عن الأزمة الليبية قال جمعة إنّ تونس معنيّة بالأزمة في ليبيا أكثر من الجزائر مبيّنا أنّ المأزق الليبي معقد كثيرا وأنّ من أكبر مخاطره خطر الإرهاب مؤكّدا أنّ أغلب العمليات الإرهابية التي حدثت في تونس كان لها مدّ من ليبيا، خاصة ما تعلق بالسلاح الليبي، وأنّه لذلك هناك سعي لدعوة كل الأطراف الليبية للحوار، ما عدا الأطراف التي لها علاقة بالمجموعات الإرهابية. وحول عدد الإرهابيين في الشعانبي وعن عدد الجزائريين ضمن هذه المجموعة أكّد جمعة أنّ عددهم لا يتجاوز العشرات موضّحا أنه لا يحبّذ كلمة إرهابيين جزائريين ويكتفي بتسميتهم إرهابيين لممارستهم الإرهاب أيضا في الجزائر ومالي وليبيا مشيرا إلى أن العملية الإرهابية الأخيرة تبيّن أنّهم في حالة تخبّط. أمّا عن تحذيرات البنك المركزي التونسي من مخاطر الإفلاس فقد قال جمعة إنّ تونس لم تصل إلى مرحلة الإفلاس، وأنه منذ استلامه للحكومة حاول أن يكون هناك أكبر قدر من الشفافية المالية للبلاد، لوضع كل طرف في الصورة مبينا أنّ تونس عاشت بعد الثروة ظروفا صعبة وارتفاعا في الأجور شكلت عبئا على ميزانية الدولة وأنه منذ عشرة أشهر بدأت معالجة الوضع، عبر التدقيق ومراقبة الانتدابات وإصلاح المالية وإعادة التوازن للميزانية العمومية وترشيد الدعم، حتى لا ترتفع كتلة الأجور مبيّنا أنّ مشكلة العجز في ميزان تونس التجاري تعود إلى عدّة عوامل أهمها ما يتعلق بالطاقة وبعض التعطلات بفعل التجاذبات السياسية في المجلس التأسيسي، الأمر الذي عطل مثلا مشروع الطاقات المتجددة، إضافة إلى تعطل حركة الإنتاج الفلاحي، ممّا دفع إلى استيراد الكثير من المواد الغذائية، ملاحظا أنّ الموسم الفلاحي هذه السنة أفضل على صعيد إنتاج الحبوب والزيتون، وساهم في تقليص عجز الميزانية إلى أقل من 5 بالمائة، مع الحرص على عدم الزيادة في المديونية. و أكّد جمعة أنّه في ظلّ هذه الظروف أظهر الاقتصاد التونسي قوته رغم بعض العوامل السلبية، كحالة الركود في اقتصاد الاتحاد الأوروبي، والوضع في ليبيا وتمّ تحقيق نسبة نمو تقدر ب2,5 بالمائة. وحول وجود انسداد في أفق المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل قال جمعة إنه فضّل منذ اليوم الأول لتسلمه الحكومة أن يكون مسؤولا مبيّنا أنّ علاقة الحكومة باتحاد الشغل كمنظمة عريقة هي علاقة احترام وشراكة وحوار إيجابي موضّحا وجود اختلافات في بعض الرؤى مؤكّدا أنّه كان من السهل أن يوقّع على اتفاقيات صورية دون تجسيد، لكنّه اختار المسؤولية على المزايدة.