مسؤولة بمعهد الإحصاء تكشف عن عدد السكان وفق التقديرات الأخيرة    أبطال إفريقيا: تاريخ مواجهات الترجي الرياضي والأهلي المصري في القاهرة    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    قبلي: الإطاحة بمروج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    الكرم الغربي: حاول سرقة محل تجاري تحت طائلة التهديد بأسلحة بيضاء فوقع في قبضة الأمن    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج الجولة الثالثة و العشرين    هذه تأثيرات الأمطار الأخيرة على المراعي و الموارد المائية.. إتحاد الفلاحة يوضح    قريبا: انخفاض في أسعار الدجاج والبيض    علي باقري وزيرا للخارجية في إيران    تونس تسجيل 2500 عودة طوعية لمهاجرين أفارقة.    فقدان 23 تونسيا في سواحل قربة..وهذه التفاصيل..    ليلى عبد اللطيف توقّعت سقوط طائرة الرئيس الإيراني    التجاري بنك يوقّع اتفاقيّة شراكة إستراتيجية مع الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    العداء التونسي "محمد أمين الجهيناوي" يلتحق بركب المتأهلين إلى أولمبياد "باريس 2024"    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    بطولة اسبانيا: برشلونة يحرز المركز الثاني بالفوز على فايكانو    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    فيديو وصور يوثّقان المشاهد الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني    سمير ماجول : ''القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد''    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    بداية من اليوم : إنطلاق تحيين السجل الإنتخابي للتونسيين المقيمين بالخارج    يهم التونسيين : اجراءات جديدة قد ترى النور تتعلق البنوك وغلق الحسابات    عصابة الاستيلاء على الأراضي الاشتراكية بقبلي .. تعود من جديد والنيابة العمومية تضرب بقوة    %70 معاملات في السوق الموازية.. قانون جديد لتنظيم التجارة الالكترونية    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    في رحلة "الموت" .. السيراليوني "حاجي" مهاجر كألف وألف في البحر (بورتريه)    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    مجلس صيانة الدستور في إيران يعلن عن إجراءات جديدة عقب مصرع رئيسي    أريانة : انطلاق بناء قاعتي تدريس ومدرج بمدرسة النصر1 بتمويل من "فاعل خير"    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    المنستير: الدورة الثانية لمهرجان القريدفة، تأصيل للتراث المحلي لبني حسان    البرلمان : يوم دراسي حول انضمام تونس إلى بروتوكول اتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    من هو المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني؟    "دبور الجحيم"..ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روضة العبيدي (رئيسة نقابة القضاة) ل «التونسية»:الحركة القضائية شهدت خروقات للدستور
نشر في التونسية يوم 27 - 11 - 2014

أقول لسهام بن سدرين: «إذا نجّمت تحلّي الدوسيّات، يلاّ، ورّيني»
الانتدابات حقّ أريد به باطل
لماذا ترفض الهيئة نشر مداولات حركة القضاة إذا كانت قائمة على معايير نزيهة ؟
ينتظرنا تحدّ كبير مع مجلس نوّاب الشعب
الخلاف على تأويل الفصل 89 من الدستور قد ينتهي أمام المحكمة الإدارية
حاورتها: خولة الزتايقي
في لقاء جمع «التونسية» برئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي، أبرزت محدثتنا المشاكل التي يعاني منها سلك القضاة وخاصة الاخلالات والمظالم التي يتعرض لها القضاة اليوم والتي يمكن ان تنعكس سلبا على السير العادي للمنظومة القضائية ... مؤكدة على اهمية إدخال إصلاحات هيكلية عاجلة والنظر في وضعية المؤسسات القضائية وظروف العمل بها.
تفاصيل الحوار في السطور التالية:
ما هو تقييمكم للحركة القضائية؟ ولعمل الهيئة؟ وما هي أهمّ الاخلالات القانونية التي رصدتموها؟
في تقييم لعمل الهيئة، قامت هذه الاخيرة بأعمال ايجابية وأخرى سلبية، ولقد تمنينا ان يكون عمل الهيئة اكثر شفافية وعدلا، ولكن هذا لم نره في الحركات القضائية لا الاولى ولا الجزئية، بل وقفنا على خرق للدستور الذي كان على الهيئة ان تحترمه، فقد نص الدستور على عدم نقلة القاضي دون رضاه وألاّ يعاقب القاضي الا عن طريق مجالس التأديب وليس عن طريق النقل التعسفية، ثانيا، تم اعطاء المراكز على أساس الولاءات وقد قدمت النقابة قضايا في الغرض.
ومن مهام الهيئة مناقشة القوانين واصلاح القضاء ولكنها لم تقدّم مقترحات تهم الدستور أو مناقشة باب السلطة القضائية فيه، ولم تقدم أي مشروع قانون لإصلاح القانون الاساسي للقضاة، بل اننا لم نر أيّة زيارات للمحاكم التونسية لا في العاصمة ولا في المناطق الداخلية للاطلاع على ظروف عمل القضاة وظروف عمل المحاكم، وهنا نتساءل هل قمنا باحداث الهيئة لتقوم فقط بالحركة القضائية ولتقوم ب «تصفية الحسابات» والارتكاز على منطق الولاءات؟ لم يكن هذا المأمول من الهيئة ولم نكن ننتظر من الهيئة الانشغال فقط باعداد الحركة القضاية، ما لاحظناه جميعا ان الهيئة برئاسة رئيسها السابق لم تقم بارسال أيّة مكاتيب ما عدا مكتوبا واحدا تم توجيهه لرئاسة الحكومة لطلب منح وامتيازات خاصة وشخصية لاعضاء الهيئة ولا توجد في هذا المكتوب أيّة اشارة لطلب مقر للهيئة. باختصار تم تقديم مطالب ضيقة في فترة تجدر فيها مراجعة قوانين القضاة ومناقشة باب السلطة القضائية في الدستور وتقديم مقترحات لاصلاح وتحسين المنظومة القضائية. ثم ان الحركة القضائية عادة ما تكون مرة واحدة في السنة. اليوم اصبحنا نشهد 3 و4 حركات قضائية في السنة وهذا ما يربك سير القضاء وعمل القضاة المرتبطين بعائلات ومن حقهم الاستقرار. الحركة القضائية فيها خروقات واضحة وصريحة للدستور اعتمدت منطق الولاءات، لم تنصف القضاة ولم تعتمد التقاليد في احترام الدستور والقوانين، نحن لا نطلب من الهيئة سوى احترام القانون، ونتمنى من الرئيس الجديد للهيئة والذي لنا فيه ثقة ان يحدث الفارق.
لكن «جمعية القضاة التونسيين» اعتبرت ان الحركة حقّقت العديد من الايجابيات واعتمدت على المعايير الدولية؟
أيّة معايير؟ لا توجد أيّة معايير في هذه الحركة، نحن كنقابة اعتبرنا ان الهيئة خالفت الدستور وأعلمناها بذلك، وهو ما اكدته المحكمة الادارية من خلال الاحكام الصادرة عن دوائرها والتي أيّدت بها موقف النقابة من الحركة، هذه الخروقات بيّنة، ولا يمكن للجمعية أو غيرها ان تنفي وجود هذه التجاوزات والخروقات، وهو أمر لا يختلف فيه اثنان. الدستور اعتبر ان نقلة القاضي لا تكون الا برضاه، في حين أنّ الهيئة قامت بنقلة 100 قاض دون رضاهم أو طلب منهم وبدون التنصيص صلب الحركة على مصلحة العمل، بل وصل الامر الى سحب خطط وظيفية من بعض القضاة وهو غير مسموح به في اطار الحركة القضائية. ولقد حاججنا الهيئة بالقانون وطالبناها بالرد بالقانون ودون تقديم الانطباعات، وطبعا لا يمكن الحديث عن احترام المعايير الدولية صلب الحركة في ظل خرق واضح لدستور لم يجف حبره، ولا يمكن للمستفيد من الحركة ان ينتقدها.
طالبتم الهيئة الوقتية بنشر المداولات المتعلّقة بالحركة القضائية وهدّدتم بتقديم شكاية للمحكمة الادارية ضد الهيئة، اذا استمرت في الرفض؟
بالنسبة لمسألة تقديم المداولات، قانونيا لم يتم التنصيص على سرية المداولات، وبخلاف ذلك هل هناك ما يجب اخفاؤه حتى لا يتم نشر المداولات؟ لمَ كل هذا الخوف والرفض لهذه الفكرة؟ من حق أي شخص ان يطّلع على التسميات وعلى المعايير التي تم اعتمادها عند القيام بهذه التعيينات.
الهيئة لم تقدم إلى اليوم أية مداولات متعلقة بالحركة القضائية وظلت على صمتها، وبالنسبة لنا كنقابة للقضاة، كنا قد صرحنا بأنّه من حق أي شخص متضرر من الحركة رفع قضية في الغرض وأنّ النقابة سوف تدعم توجهه، وهذا ما حصل بالفعل، هناك قرابة 70 قضية تم تقديمها إلى المحكمة الادارية ونحن نساند منخرطينا في هذه المسألة.
إذن الرفض متواصل من قبل الهيئة وأنتم لم تقوموا برفع القضية التي هددتم بها؟
بالنسبة لنقابة القضاة، المسألة ليست مسألة عناد بين النقابة والهيئة، نحن نهدف الى وضع الأسس الهامة لفتح المجالات أمام القضاة الشبان وتمكينهم من المحافظة على المكتسبات التي تحققت، ومحاولة إرساء قضاء شفّاف ونزيه، ولكن السؤال الأبرز هو، لماذا ترفض الهيئة نشر مداولاتها اذا كانت الحركة تقوم على معايير النزاهة والكفاءة والموضوعية والاقدمية وتم اعتماد المعايير الدولية فيها؟ أما في ما تعلق بمسألة تطبيق الدستور فيجب ان نكون نحن الأحرص على تطبيق القانون حتى يمكن لنا الارتقاء بالمنظومة القضائية.
مؤخرا أصدرت المحكمة الادارية قرارا حسمت بمقتضاه في أولى ملفات الاعتراض على الحركة، لكن الهيئة لم تستجب لقرار المحكمة الادارية، رغم ان القرار وجب تنفيذه في اجل 24 ساعة، ما هو موقف النقابة من هذه المسألة؟
كنا في السابق، نلوم الدكتاتورية زمن بن علي، حيث يتم اعتماد مناهج وطرق توافق النظام الحاكم دون احترام التشاريع الموضوعة، لكن اليوم بالنسبة لنقابة القضاة الاحكام الصادرة عن المحكمة الادارية لم تفاجئنا، وكنا في انتظارها لاننا نعلم جيدا بان المحكمة الادارية وبقطع النظر عن الاطراف تحرص على تطبيق القانون خاصة أن ما قامت به الهيئة مخالف للقانون، والمحكمة الادارية أرجعت الامور إلى نصابها وحتى في القضايا المرفوعة ستكون الأحكام في نفس الاتجاه. بالنسبة لمسألة عدم تطبيق الاحكام القضائية والقوانين، هذا يفتح الباب لتتمّ محاججتنا، فإن كنا نحن كقضاة أو هيئة لا نحترم الاحكام القضائية ونخالف القوانين، فكيف يمكن لنا ان نطالب المواطن باحترام القانون والالتزام بالاحكام الصادرة عن دوائرنا وقضاتنا؟
المسألة الأهم اليوم هي إبعاد كل الحسابات الضيقة والالتزام بالقوانين حتى نبني دولة قانون حقيقية ونكمل المسار الديمقراطي والانتقال الديمقراطي، لأن أساس الديمقراطية هو احترام القانون وعلوية القانون، ما يحدث اليوم مع الهيئة نعتبره مؤشرا غير مطمئن، لأنّنا نرى أن مَن عليه ان يحرص على تطبيق القانون وتنفيذه هو أول من يخرقه.
المحاكم تعاني من شغورات كبيرة واكتظاظ على مستوى الملفات، وما زاد الأمر سوءا، الحاق بعض القضاة بالمحاكم العسكرية وآخرون تم انتدابهم لدى الهيئة العليا للانتخابات، والمتضرر الابرز هو المتقاضي؟
بالنسبة لمسألة إلحاق القضاة بالمحاكم العسكرية أو بالهيئة العليا للانتخابات لابدّ من الاشارة الى أن عددهم قليل والقاضي هنا يقوم بخدمة تونس في كل الاحوال سواء كان في القضاء العدلي أو العسكري أو المالي أو بالوزارات. الإشكال اليوم أعمق بكثير من هذا، أوّلا ظروف العمل بالمحاكم، منذ سنة 2011 ونحن نتحدث عن ظروف عمل القضاة السيئة والتي تجاوزت مرحلة الكارثية. إنّ صورة تونس في قضائها ولكن اليوم محكمة التعقيب ورمزيتها في وضعية سيئة ومزرية، الأرشيف وملفات المتقاضين الموجودة مثلا في ناحية تونس اهترأت وتمزقت بفعل الجرذان الموجودة في المكان، مكتبة تونس التي تحتوي على العديد من الثروات الادبية والقانونية تمزقت، قضاة يعملون في ظروف عمل سيئة للغاية، أن نجد قاضيين أو ثلاثة قضاة في نفس المكتب هو أمر غير مقبول، اذ يحدث في معظم الاوقات عند قيام قاض بتحريرات مكتبية على أطراف نزاع يعرضون أمامه يضطرّ القضاة الموجودون في نفس المكتب الى المغادرة حتى الى منازلهم اذا استغرقت التحريرات يوما كاملا، مما يعطل العمل ويزيد في بطء الفصل في النزاعات، هناك انعدام للمواد الاساسية، انعدام الأمن خاصة في المناطق الداخلية، عدم وجود مجلات قانونية محيّنة داخل المحاكم مما يزيد من تعطيل البتّ في القضايا، خبراء يؤكدون أن بناية محكمة تونس أصبحت تشكل خطرا على المتقاضين وعلى العاملين بها لانها آيلة للسقوط. أيضا ومن الاشكاليات التي نعاني منها اليوم هو التوزيع الغير عادل للقضاة داخل المحاكم. اليوم نجد قاضيا يعمل في أربع دوائر مختلفة الاختصاص في نفس الوقت ويعوض غيره في محكمة اخرى ويتم الاستنجاد به في دائرة اخرى حتى يكتمل النّصاب القانوني فيها للبت في نزاعات تلك الدائرة ويطالب بالقيام بالتحريرات والبت في آجال محددة، مما يولّد المزيد من الضغط على القضاة. كل هذه الاشكاليات معلومة لدى العام والخاص والحكومات المتتالية لم تتحرك ولم تجعل من القضاء وضرورة اصلاحه أولوية، وأنا اؤكد أنه لا يمكن أن يوجد انتقال ديمقراطي سليم مع حالة قضاء ممثالة.
هل اقترحتم كنقابة حلولا لهذه المشاكل؟
نحن لم نقتصر على تقديم الحلول ، بل توجهنا نحو محاولة الاصلاح، فقد قمنا في وقت سابق بتوزيع اقراص ليزرية تحتوي على جميع النصوص القانونية لمساعدة القضاة على البت في القضايا دون ان تكون لهم مشاكل في البحث عن الفصول القانونية الواجب تطبيقها في النزاعات المعروضة أمامهم، وتم توزيع هذه الاقراص على جميع القضاة من نقابيين أو تابعين لجمعية القضاة ومستقلين دون استثناء في جميع المحاكم، وبالنسبة للمسألة الامنية، اقترحنا وقدمنا حتى نموذجا عن بطاقات تمكن المواطن من الدخول الى قاعات المرافعات بعد استظهاره ببطاقة تعريفه الوطنية، حتى يتمكن من متابعة سير المرافعات ولكن ذلك يكون تحت رقابة، واذ وصلت تهديدات الى القضاة مثلما حدث في السابق وجب علينا الحذر.
قاض يشتغل في اكثر من دائرة، مدني وجناحي وحتى جبائي، يعوض غيره في محكمة اخرى، مطالب بدراسة الملف، سماع الاطراف، القيام بالتحريرات، المفاوضة، تلخيص الاحكام، كل هذا في اجال محددة، كل هذه الضغوطات على القاضي وانتم ترفضون فكرة الانتداب؟
بالنسبة لمسألة الانتداب التي تم طرحها سابقا من طرف وزير العدل السابق، فهي مرفوضة قطعيّا وهي مبادرة من شخص، وللعلم قبل الاعلان عن فكرة الانتدابات، تم تحضير قائمات مسبقا احتوت على أسماء اشخاص سيتم انتدابهم وإدماجهم بسلك القضاء، تحضير قائمات على أسس لا يعلمها أحد غير القائم بالانتداب وهذا لا مجال اليه وهو ما نرفضه بشكل قطعي ونهائي. مسألة الانتداب كانت مدبّرة حيث تم احداث قائمات محددة باسماء معينة، ثم تم طرح الفكرة دون التشاور أو التداول مع أي طرف أو طرح المعايير التي اعتمدت في اختيار هذه الاسماء، واشكالنا هنا هو من هم هؤلاء الذين سيقع انتدابهم؟ ولماذا؟ ولماذا يقع اقصاء المعهد؟ أنا أؤكد ان مسألة الانتداب التي طرحت سابقا هي حق أريد به باطل لاقصاء دور المعهد الاعلى للقضاء. والأهمّ اليوم هو، لمن الأولوية في التشغيل؟ أليس من الأجدر تشغيل الطلبة المتخرجين بالآلاف من كليات الحقوق؟ ثم انا أتساءل هل تسمح ميزانية الدولة بتحمّل أعباء تكليف 533 قاضيا في هذا الوقت الحرج الذي تمر به تونس؟ وان كنا قادرين على تحمّل هذا العبء، فانه من الاجدر والواجب زيادة عدد الانتدابات من الطلبة المتخرجين من اجل الدخول الى المعهد الاعلى للقضاء حتى يتمكنوا من تلقي التكوين
اللازم ليصبحوا قضاة. والاخطر من كل هذا، كانت هناك إرادة لاستغلال هذه المسألة لافتعال مشاكل بين المحامين والقضاة، ولكن لحسن الحظ، تعقّل الجميع وتم التعامل مع المسألة.
سهام بن سدرين اكدت انها ستعيد فتح ملفات فساد لوزراء من عهد بن علي والتي سبق ان أصدر فيها القضاء أحكاما بعدم سماع الدعوى، وهو ما اعتبره البعض تشكيكا صارخا في نزاهة واستقلالية السلطة القضائية؟
(ضاحكة) «اذا نجّمت تعاود تحلّهم خلّي تحل»، المشكل اليوم، هناك الكثير ممّن يريدون القيام باستعراضات في محاولة لجلب الانظار والانتباه، وأريد ان أوضّح ان التطاول على القضاة وعلى القضاء لم يعد ممكنا. اليوم نحن نسعى الى بناء دولة القانون والمؤسسات وبالتالي سهام بن سدرين وغيرها مطالبون باحترام القانون والقضاء مثلما هو مطلوب من القضاة احترام الهيئات الدستورية وغير الدستورية، ومن يستعمل الطرق الاستعراضية لن يصل الى أية نتيجة سوى فقدان المصداقية وانا اقول لها «اذا نجمتي تحلي الدوسيات، يلّا، ورّيني».
أحكام صدرت مؤخرا لم يتعود عليها المواطن التونسي سابقا مثل بطاقة ايداع بالسجن في حق سليم شيبوب والحكم ب 15 عاما سجنا على الأمنيين المتهمين باغتصاب فتاة .. وغيرها من الاحكام الجريئة. هل هذا دليل على أن القضاء استعاد هيبته واستقلاليته؟
القضاء مثل بقية مؤسسات الدولة، سيأخذ وقتا للاصلاح، القضاء قام بأشياء مشرّفة جدا زمن بورقيبة وبن علي، ولكن لا احد يتطرق الى هذا الجانب وانما كان التركيز دائما فقط على الجوانب السلبية. عندما يتم وضع مقومات العدالة الانتقالية سيتم ذكر القضاة الضحايا في عهد بن علي وعهد بورقيبة، القضاة الذين لم يسمعهم احد ولم يرهم أحد، قضاة ماتوا، قضاة أدخلوا تحت طائلة الايواء الوجوبي قضاة واجهوا بن علي وبورقيبة وصمدوا، هذا الجانب لم يتحدث عنه احد والجميع يعتبر ان تاريخ القضاء سيء وهو أمر غير صحيح ومغلوط.
واستقلال ونزاهة القضاء مرتبطان باصلاح القضاء واعطاء القاضي ضمانات حقيقية تجعله يشعر بالارتياح والطمأنينة حتى يقدم الافضل ونبني بالتالي قضاء نزيها وشفافا.
احتضنت تونس مؤخرا المؤتمر العالمي للمنظمة الدولية لقضاة اللجوء في العالم، ما هو تقييمكم لهذا المؤتمر؟
نحن ندعم كل المؤتمرات، وهذا المؤتمر له قيمة كبيرة جدا نظرا لوضع تونس حاليا وموقعها وظروفها، تونس محاطة من كل الجهات ونحن نعيش عمليات اللجوء مثل لجوء الاخوة الليبيين ، ولقد حاولنا في هذا المؤتمر تأطير اكبر عدد ممكن من القضاة لانه هام جدا بالنسبة لاداء القاضي.
عدد هام من القضاة التونسيون انخرطوا في هذه المنظمة الدولية، فما هي أهمّ المكاسب التي يمكن ان تتحقق من وراء هذا الانضمام؟
بالطبع هو ليس مكسبا على اساس ابراز النقابة، وانما الهدف هو تكوين القضاة، وفي الفترة القادمة ستقوم النقابة بالعديد من الدورات منها دورة تكوينية في المجال الجبائي سوف تنطلق الاسبوع القادم ودورة لاحقة متعلقة بالارهاب والقوانين المتعلقة به، كذلك في التحقيق، والهدف دائما تدعيم قدرات القاضي على الفصل في النزاعات المطروحة ونحن نؤمن بأهمية وجود اكبر عدد ممكن من القضاة في المنظمات الدولية حتى يتمكن القاضي من مسايرة التطورات والاحداث العالمية، وهذا سينعكس بالايجاب على ادائه، وفي العديد من المناسبات تتم دعوة النقابة لحضور مؤتمرات عالمية ولكن نحن كنقابة نفضّل أن تكون البعثة من القضاة الشبان وليس من اعضاء المكتب التنفيذي للنقابة، وذلك إيمانا منّا وحرصا على تشريك اكبر عدد ممكن من القضاة في هذه المنظمات مما يمكّنهم من تكوين شامل للتعامل بأريحية مع كل القوانين.
هناك حديث عن احداث هيئة وطنية مستقلة لحماية اللاجئين، هل ستكون النقابة طرفا فيها؟
لم يقع تحديد تصور لهذه اللجنة، ومازلنا لم نعرف بعد الملامح العامة لها، هل ستكون في شكل جمع من المنظمات والمجتمع المدني أو ستكون مفتوحة لجميع الاطراف. ولم يتم التحادث حول انضمامنا كنقابة أو كافراد منخرطين، هذا الامر لم يتم التباحث فيه بعد.
ما رأيكم في الوضع السياسي العام بالبلاد؟
الوضع الذي نعيشه اليوم والتوتّر الحادث لا يسمح لنا بتقييم المرحلة، نحن نعيش أهمّ مرحلة، دخلنا في مرحلة نناقش فيها قوانين وندافع فيها عن الدستور، هناك انتخابات شفافة ونزيهة، أنا في رأيي أن تونس أعطت درسا وانها تتسع لجميع الناس ويجب احترام جميع الاطراف والتعايش بلا اقصاء، النقاشات والاختلافات التي حدثت هي ظاهرة صحية، يمكن ان تدفع بنا الى الامام.
تباحثتم مع العديد من المترشحين للرئاسة حول الوضع القضائي، ما هي أهمّ النقاط التي تم التطرّق اليها؟
نحن لم نتطرّق، بل لُمنا، لأنّه لم يقم أي حزب بالتطرق في برنامجه الانتخابي للشأن القضائي ما عدا حزب وحيد ذكر القضاء في جملة عرضية محتشمة وبقية الاحزاب «لا حياة لمن تنادي»، القضاء ليس موجود في حواراتهم أو برامجهم، وهو ما يطرح نقطة استفهام كبيرة.
بعيدا عن التجاذبات بين نقابة القضاة والجمعية، كلثوم كنّو كانت أول امرأة تترشح للسباق نحو قصر قرطاج، هل دعمتم هذا الترشح؟
كان هناك 3 نساء، تمنينا لو كان العدد اكبر ثمّ جاءت الانسحابات ولا ندري لماذا، كلثوم امراة لها الحق في المشاركة في الانتخابات الرئاسية، نحن كنقابة لم ندعم احدا، لا هي ولا غيرها، لم نتدخل في أي طرف لا بالسلب ولا بالايجاب واعتبرنا ان القضاء هو الفيصل في حال وجود نزاعات ويجب ان نحافظ على حيادنا كقضاة .
ما هي مطالب النقابة وانتظاراتها من الحكومة القادمة؟
لدينا مطالب من الحكومة وتحدّ كبير مع مجلس نوّاب الشعب، حيث ينص الدستور على ضرورة انتخاب المجلس الاعلى للقضاء في اجل اقصاه 6 أشهر من الانتخابات التشريعية وهي نقطة نحن متمسكون بها لضمان الاستقرار في المنظومة القضائية، ولدينا مشاريع قوانين سيتم تقديمها لمناقشتها، كذلك القانون الاساسي للقضاة. أمّا بالنسبة للحكومة نتمنى ألاّ تكون مثل الحكومات السابقة وان تتخذ القرارات المناسبة لتحسين وضع القضاء وتوفّر الضمانات الضرورية لاستقلاليته.
مؤخرا حدث اشكال حول الفصل 89 من الدستور ومسألة تكليف تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، ومن يتولاّه، لو تقدّمين لنا قراءة قانونية لهذا النص لرفع اللبس؟
كقاضية باحثة، ساحاول ان اقدم قراءة قانونية للفصل 89 من الدستور، اليوم الفصل 89 تحدث عن «... من النتائج النهائية للانتخابات» بدون تحديد هذه الانتخابات، هل هي تشريعية أم رئاسية. هناك حالة اختلاف هنا حول تأويل النص القانوني، وفي هذه الحالة هناك قاعدة قانونية يتم اللجوء اليها وهي ان «المطلق يُؤخذ على اطلاقه»، هنا أنا كقاضية عندما آخذ نصا قانونيا لم يقع التحديد فيه يُؤخذ النص مطلقا أي هذا النص لم يحدد ان كانت الانتخابات تشريعية أو رئاسية بل جاء مطلقا أي انه يشمل الاثنين، وهنا ان تعقدت الامور ولم يتم التوصل الى قراءة موحدة وتعددت التفسيرات فانه سيقع اللجوء الى المحكمة الادارية ونحن نتمنى ان يتم التوصّل الى حل توافقي، لكن بالنسبة لنا «المطلق يُؤخذ على اطلاقه».
كلمة الختام؟
نحن فرحون بالانتخابات التي حدثت في تونس، دخلنا في فترة التداول على السلطة، المواطن له الحق في الانتخاب والأهم أن لصوته دورا مهما في تحديد الحكومة القادمة والرئيس القادم، هذا أمر هام جدا، الشعب التونسي سوف يبقى رقيبا، المجتمع المدني سيواصل مراقبته لعمل الحكومة، يجب احترام الاختلاف اليوم حتى ندفع تونس الى الامام وفي الاتجاه الصائب، بالنسبة للشأن القضائي سيكون جيد، بالنسبة لنا، كما كانت النقابة حريصة وفاعلة في الفترة السابقة سوف تبقى فاعلة ومناضلة اكثر اليوم، يجب ان نبني قضاء مستقلاّ لانه هو الوحيد في هذه المرحلة القادر على ان يكون ضامنا للحقوق والحريات، سوف نعيش ظروفا صعبة في الايام القادمة اقتصاديا واجتماعيا. كذلك من الناحية الامنية، الخطر موجود اليوم، ووجب التوحد لمواجهته، يجب ان نعمل جميعا ضد الارهاب وان نكون صفا واحدا لان أكبر تحدّ اليوم في تونس هو مواجهة الارهاب وتأمين عيش المواطن التونسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.