شكلت التشنجات والتصريحات النارية بين المترشحين الاثنين للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية محمد المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي والجدل القائم حول من يتولى تكليف رئيس الحزب الفائز في التشريعية بتشكيل الحكومة، محور اجتماع طارئ أمس لأطراف الحوار الوطني . المعطيات التي بحوزتنا تؤكد أن المنظمات الراعية للحوار الوطني استشعرت منذ يوم الخميس وجود مخاطر حقيقية على المسار الانتخابي وخاصة تزايد وتيرة النعرات الجهوية. وبينت مصادرنا أنه تم عقد اجتماع طارئ بمقر اتحاد الأعراف والاتصال بكافة الأطراف وتم عقد لقاء عاجل ليلة الجمعة برئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي حيث طلبت منه المنظمات الراعية للحوار الاتصال برئيس الجمهورية المؤقت ومحاولة إقناعه بضرورة التخلي عن فكرة قيامه بتكليف رئيس الحزب الفائز بتشكيل الحكومة . وقد قبل راشد الغنوشي بهذه المهمة واعتبرها ضرورية لتهدئة الخواطر بين الطرفين وهو ما تم فعلا حيث التقى الغنوشي بالمرزوقي صباح أمس وقبل هذا الأخير بمقترح الحوار الوطني موجها في نفس الوقت عتابا لمكونات الحوار الوطني التي لم تعلمه بهذا القرار معبّرا عن غضبه بسماع القرار عبر وسائل الإعلام. وقد نجح راشد الغنوشي خلال لقاء أمس في إقناع المرزوقي بعدم التعقيب في الطعون التي تقدم بها في الانتخابات الرئاسية وذلك حتى تنعقد الانتخابات يوم 21 ديسمبر القادم ولا يتم تأخيرها إلى يوم 28 من نفس الشهر. وقد كانت هذه النتائج التي رجع بها راشد الغنوشي من لقائه بالمرزوقي محل تنويه وارتياح من طرف الحوار الوطني الذي اعتبر موقف المرزوقي جيدا ومطمئنا ويفتح صفحة جديدة للانتخابات الرئاسية في تونس ويخفّف من وطأة التجييش الحاصل داخل فريقي المتنافسين. وعلى إثر هذه التطورات « الإيجابية « تمت دعوة كافة الأطراف إلى تخفيف التوتر والتقليص من التشنجات وخاصة في التصريحات الصحفية . الباجي: أنا مستهدف وليست لدي مشاكل مع المرزوقي وفي هذا الإطار بينت مصادرنا أن الباجي قائد السبسي أكد في جلسة الحوار الوطني أنه مستهدف من عديد الأطراف وأنه ليست لديه مشاكل مع محمد المنصف المرزوقي وأنه مستعد للاعتذار إن أخطأ في حق أي طرف . وعلى إثر هذه التطورات الإيجابية أصدر مجلس الحوار الوطني بيانا أهاب فيه بالتونسيات والتونسيين للابتعاد عن كل خطاب من شأنه المساهمة في التوتر السياسي وعدم الانسياق وراء دعوات التفرقة، داعيا المترشحين إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية إلى التهدئة والتنافس على قاعدة البرامج والتصورات وفي إطار القانون والاحترام المتبادل وحق الاختلاف . كما دعا البيان السياسيين والمجتمع المدني والمثقفين وكل القوى الحية في البلاد ووسائل الاعلام إلى العمل على نشر ثقافة التسامح واحترام الرأي المخالف والتصدي لدعوات العنف والتفرقة بين التونسيات والتونسيين وتجنب الإثارة . وتم تثمين نجاح المساعي الرامية إلى تطويق الجدل القانوني والسياسي في ما يتعلق بتكليف رئيس الحكومة وإرجائها بعد الانتخابات الرئاسية خدمة للمصلحة العليا للوطن . وفي نفس الإطار علمت «التونسية» أن مساعي الرباعي الراعي للحوار الوطني تتجه نحو دعوة محمد المتصف المرزوقي والباجي قائد السبسي إلى عشاء مشترك بحضور الرباعي وذلك في خطوة تهدف إلى تهدئة الوضع السياسي في البلاد وإنجاح ما تبقى من المرحلة الانتقالية . من جهة أخرى من المنتظر أن تنعقد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يوم 14 ديسمبر القادم خاصة أن محمد المنصف المرزوقي وعد راشد الغنوشي بعدم التعقيب على الطعون التي وجهها إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات .