نفى رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي ما تردد عن عقده صفقة مع رئيس حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي تقضي بدعم النهضة للأخير سرا في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية المقررة عقدها غدا الأحد مقابل منحها عددا من الحقائب الوزارية وان ذلك دفع بشخصيات قيادية بالنهضة كالأمين العام السابق لها حمادي الجبالي إلى الاستقالة بشكل نهائي احتجاجا على ذلك. وقال الغنوشي في مقابلة هاتفية مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) «هذه كلها خيالات وأوهام لا أساس لها من الصحة.. ولسنا بصدد عقد صفقات ». غير أن الغنوشي عاد وأكد أن نفيه لوجود صفقة مع السبسي لا يعني بأي حال من الأحوال رفضه وحركته الانضمام للحكومة إذا ما طلب منه «نداء تونس» ذلك ، موضحا : «إذا طلب منا «نداء تونس» وهو الحزب المكلف بتشكيل الحكومة المشاركة في الحكومة فسننظر في هذا الطلب بجدية وندخل في التفاصيل لنرى إمكانية الوصول لبرنامج مشترك تقدر فيه مصلحة البلاد». ولفت الغنوشي إلى أن :«تشكيل حكومة ائتلاف وطني أمر ليس جديدا على حركة النهضة علي عكس ما يردد منتقدوها»، مذكرا إياهم « بأن النهضة قد أدرجت هذا المطلب بشكل أساسي في حملتها الانتخابية .. ولذا فإذا دعيت الحركة له الآن فسننظر في هذا الطلب بجدية». وقال رئيس حركة النهضة انه «بالرغم من استقرار البلاد فإنها لا تزال في مرحلة انتقالية .وتلك المرحلة لا يصلح لها الحكم بنسبة 51 بالمائة وانما يصلح لها الحكم الوفاقي الذي تكون قاعدته واسعة لا تقتصر على نسبة ٪51 بل تمتد لتصل إلى 70 أو 80 بالمائة وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بمشاركة النهضة». وتعهد الغنوشى - الفائز بجائزة أبن رشد للفكر الحر لعام 2014 - بعدم تحول «النهضة» في صورة عدم مشاركتها في الحكومة إلى صانع ومثير للعوائق والمشاكل أمام كل من الحكومة الجديدة أو ساكن قصر قرطاج أيا كان وقال :«سنكون معارضة مسؤولة تضع مصلحة البلاد وإنجاح الخيار الديمقراطي قبل مصلحة الحركة». واستنكر الغنوشي ما يتردد عن أن «النهضة» تحت قيادته ربما تكون أكثر ذكاء وتقوم بدعم السبسي في الرئاسة وكذلك بدعم حكومة «نداء تونس» من خلال موقعها بالمعارضة مقابل منحها امتيازات معينة تترجم في صورة مناصب أو تحالفات تضمن لها في الوقت الراهن استمرارية بقائها كقوة رئيسية بالمشهد السياسي بتونس في الوقت الذى تشهد فيه بقية الاحزاب المنبثقة عن جماعة الإخوان بدول المنطقة تراجعا واضحا ..فضلا عن القيام بدور المعارضة الهادئة سيمكنها في الوقت نفسه من إعادة ترتيب صفوفها للعودة بقوة في الانتخابات القادمة. وأضاف الغنوشي:«سنكون معارضة مسؤولة لا معارضة فوضوية ولا معارضة احتجاجية وكذلك لا معارضة عدمية .. لن نراهن على فشل الحكومة كما تعاملت المعارضة معنا سابقا حين كنا نحن في السلطة...سنعمل على إنجاح التجربة من أي موقع نكون فيه سواء مشاركين بالحكومة أو خارجها». وتابع « النهضة جزء من الحكم أي كان موقعها .. فلو كنا خارج الحكومة فسنكون التيار الرئيسي بالمعارضة ونحن الحزب الثاني الأكبر بالبلاد ولذا فنحن نرى أننا نتحمل مسؤولية كبيرة في إنجاح التجربة الديمقراطية بالبلاد». واستبعد الغنوشي قيام «نداء تونس» إذا تمكن من جمع الرئاسات الثلاث بشن حملة تصفية تستهدف النهضويين وحلفائهم في المؤسسات والقطاعات الحكومية ، وقال « من الناحية النظرية الاحتمال يبقي قائما .. ولكننا نستبعد حدوثه في الواقع لأنه لا أحد يملك أن يعيد تونس الى الوراء ولنظام الاستبداد فالثورة قامت ضد الاستبداد». وهاجم الغنوشي بقوة الأصوات التي تندرت وسخرت من تكرار حركة «النهضة» التزامها بالحياد بين المرشحين للرئاسة وعدم توجيهها لقواعدها خاصة مع الدعوة الصريحة التي وجهها كلّ من القياديين بالحركة الحبيب اللوز والصادق شورو لانتخاب المرزوقي ، فضلا عن إقرار الغنوشي نفسه بأن أغلب النهضويين صوتوا في الجولة الأولي للمرزوقي ، وقال مدافعا :«نعم أكثر النهضويين صوتوا للدكتور المرزوقي .. ولكن هذا لا يعود لتوجيهات صدرت لهم من قيادة الحركة وإنما يعود لأداء الأحزاب الأخرى وتحديدا «نداء تونس» .. فقد جاء خطاب نداء تونس للنهضويين مستفزا مليئا بالتخويف والتهديد .. وبالتالي ليس من المتوقع أو الطبيعي أن يصوتوا لمرشحه ..إلا إذا غير «نداء تونس» خطابه. ووصف الغنوشي تصوير البعض لاستقالة بعض قيادات الحركة مؤخرا بكونه مقدمة لانشقاق في الحركة واحتمالية انقسامها لعدة احزاب بأنه :«مجرد أمان وأحلام يطلقها منافسو وخصوم حركته». وشدد قائلا :«ليس هناك انشقاق بالنهضة .. هناك خلافات معظمها يدور داخل الحركة ويحسم فيه عبر مؤسساتها وهذا أمر معروف وليس جديدا ..ولكن بعض الأطراف لم يصبروا على ذلك.. وفي تاريخ الحركة الممتد عبر أربعين عاما خاضت خلالها وأعضاؤها وقياداتها الكثير من المحن من نفي وسجن حدث أن خرجت بعض الشخصيات من النهضة ثم عادت أغلبها إليها .. وحتى من بقي خارج صفوفها ظل صديقا لها وبالتالي لا يمكن تصوير الأمر على كونه انشقاق» وفي رده على تساؤل حول حقيقة الأسباب التي دفعت بالأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي للاستقالة بشكل نهائي كما اعلن مؤخرا ، أجاب رئيس النهضة: :«هناك تطورات كثيرة حدثت على مدار العام ونصف الماضيين .. تطورات نقلت البلاد من مرحلة الصراع مع ما يعرف بالنظام القديم إلى مرحلة جديدة تتسم بالحوار والتوافق مع هذا النظام....هذه التطورات لم يكن هضمها سهلا لدى البعض ..وبالتالي ظل متمسكا بالخيار الثوري بمعنى استمرارية الصراع مع ذلك النظام القديم بهدف طي صفحته تماما». وأضاف :«هذه التطورات والتحولات هي التي انقذت بلادنا من مواجهة مصير مقارب لمصير بقية دول الربيع العربي».