التونسية (تونس) أثار مؤخرا مقترح إنشاء لجنة لتعديل بعض فصول الدستور قدّمه عدد من الأحزاب أهمهم حركة «نداء تونس» و«الاتحاد الوطني الحر» و«آفاق تونس» ... جدلا واسعا بين متابعي الشأن السياسي الذين انقسموا إلى شقّ متخوّف من أن تمسّ التحويرات المرتقبة جوهر الدستور المصادق عليه خدمة لمصلحة طرف سياسي دون غيره ، وشقّ آخر ينادي بضرورة تغيير بعض الأحكام التي يرى فيها تصادما مع الواقع. وللكشف عن قانونية التعديلات الدستورية والمقترحة إحداث لجنة لتعديل بعض فصوله، تحدثت «التونسية» إلى عدد من الأساتذة والخبراء في القانون الدستوري فكانت اراؤهم كالتالي: قيس سعيد: يتغيّر اللّباس بتغيّر المقاس أكد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن مقترح إنشاء لجنة خاصة داخل مجلس نواب الشعب القادم للنظر عند الحاجة في مشروع تعديل قانون، أمر معهود ومعمول به في اغلب الديمقراطيات، حسب قوله ، موضحا انه من بين اللجان الخاصة التي يمكن إحداثها لجنة تتولى مهمة تحديد المواضيع ودراستها والنظر في قابلية خضوعها لعملية التعديل. وشدّد قيس سعيد على أنه من الممكن ان يخضع الدستور الجديد إلى عملية تعديل خاصة وانه (الدستور) ينصّ على إجراءات تعديله بشكل واضح وصريح. وأضاف الأستاذ سعيد انه «رغم عدم إبداء أي جهة عن رغبتها، حتى الآن، في إدخال تحويرات على الفصول القانونية، فقد ثبت مرة أخرى ان النصوص حينما توضع على المقاس لا تستجيب الا للمقاس الذي وضعت على أساسه ،و لكن حينما يتغير الاساس والمقاس يتمّ البحث عن تغيير القاعدة كتغيير الثوب واللباس»، حسب قوله. كما لم يستبعد أستاذ القانون الدستوري حدوث تحويرات قانونية مرتقبة،قائلا بالحرف الواحد: «بالتأكيد ستحدث تغييرات وتحويرات قانونية لأن موازين القوى السياسية داخل المجلس تغيّرت»، مشددا على أن عملية التعديل عملية فنيّة بحتة لا تشمل المسائل الجوهرية المضمنة في الدستور». الصادق بلعيد: ممكن ولكن... ؟ قال الأستاذ في القانون الدستوري الصادق بلعيد أن مسألة التحويرات الدستورية والجهات المنادية باحداث لجنة تعديل الدستور لم تتضح بعد، مؤكدا انه ما من شيء يمنع إعادة النظر في القوانين وتعديلها. وأضاف الصادق بلعيد ان «المشرّع لا يمنع ممثل السيادة في البلاد من اجراء تحويرات قانونية»، موضحا ان الدستور الجديد يتضمن جملة من المسائل القابلة للتحوير وأخرى التي لا يمكن تعديلها. وشدد بلعيد على أنه «ليس من المناسب الآن القيام بتحويرات جوهرية خاصة ان لم تكن الاطراف المنادية بذلك على يقين تام بضرورة إجرائها في الوقت الراهن...». سلسبيل القليبي من جانبها اكدت استاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي ان شرعية تعديل القوانين لا غبار عليها، موضحة ان الباب الاخير من الدستور يضبط اجراءات تعديله. وقالت سلسبيل انها تتفهم حالة التوجس التي رافقت مقترح احداث لجنة خاصة تعنى بتعديل الدستور «خاصة بالنظر في التجاوزات السابقة»،حسب قولها، مبينة ان الفرق بين اللجنة التي تم احداثها لاجراء التعديلات على قوانين دستور 1959 واللجنة التي ينادي بعضهم باحداثها يتمثل في أن الاولى مؤقتة تحدث عند الحاجة اما اللجنة التي نتحدث عنها اليوم فهي لجنة قارة، وفق تقديرها. وفسرت سلسبيل سبب الحديث عن مقترح بعث لجنة لتعديل بعض فصول الدستور في هذا التوقيت بالذات ب«صياغة المجلس الجديد لنظامه الداخلي الذي يضبط مهام المجلس ويوزعها على مؤسسات تقوم على لجان تعنى كل واحدة منها بأمر معين ...و من بين هذه اللجان لجنة تعديل الدستور». وقالت سلسبيل ان توظيف عملية تعديل الدستور خدمة للنظام القديم فكرة ليس لها أي سند عقلاني، حسب قولها ، مضيفة انه لا يمكن لعملية التعديل ان تخدم النظام السابق نظرا لطبيعة تركيبة المجلس واجراءات التعديل التي تقتضي موافقة ثلثي أعضاء المجلس، على حد تعبيرها دائما، مطمئنة المتخوفين بان مشاريع القوانين التعديلية تعرض على المحكمة الدستورية للنظر في مدى قابلية تعديلها قبل كل شيء. وشددت سلسبيل على ان الدستور الجديد يحدد جملة من المسائل غير مطروحة للمزايدات او التعديلات ويفتح المجال لتعديل بعضها الآخر.