أسدل الستار مساء السبت على فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية بالمنستير الذي نظمته جمعية الشباب للموسيقى العربية بالمنستير بالتعاون مع وزارة الثقافة و المندوبية الجهوية للثقافة وبلدية المدينة من 17 إلى 20 ديسمبر الجاري بالمركب الثقافي بالمنستير بمشاركة عدد من الفرق الموسيقية والمبدعين في مجال هذا اللون الموسيقي الراقي من تونسوالجزائر والمغرب وفرنسا و ألمانيا . و كان عرض الختام بسهرة فنية موسيقية بامتياز بالجوق المغاربي من أداء و غناء محمود فريح من تونس و محمد شريف سعودي من الجزائر و إبراهيم وزاني من المغرب حيث كان سهرة رائعة تمازجت فيها الكلمات العربية و اختلفت فيها اللهجات المغاربية و وحدت بينها نوتات أوتار الآلات الموسيقية العربية بلحن أندلسي .و أكد محمود فريح عضو جمعية الشباب للموسيقى العربية بالمنستير و مدير المهرجان أن هذه الدورة الثالثة كانت ناجحة جماهيريا و ناجحة من حيث الموسيقى التراثية الأندلسية التي تمثل الهوية التونسية و العربية المغاربية التي تعرف في تونس بالمالوف و في الجزائر بالصنعة و بموسيقى الآلة أو الملحون في المغرب . و قال فريح ما يميز هذه الدورة أنها انتظمت في فترة زمنية أطول من الدورات السابقة علاوة على مشاركة ألمانية على هامش المهرجان . و انتظمت قبل سهرة الاختتام ندوة علمية بعنوان " واقع الموسيقى الأندلسية بين التحديات و الرهانات " أثث فقراتها الدكتور عبد الله الشريف وزاني من المغرب و الأستاذ نور الدين لابري من الجزائر و الأستاذ حسين بالحاج يوسف من تونس و تخللتها وصلات موسيقية و أغان من المالوف التونسي من أداء نادي نساء الغناء العربي بالمركب الثقافي بالمنستير. و قد أوضح الدكتور وزاني انه يعتبر الموسيقى الأندلسية في حال جيد باعتبارها موسيقى إنسانية تتداخل فيها مكونات عديدة و مختلفة ساهمت كلها في ثراء هذا الفن و أغنائه و تنويعه و تهيئته ليكون صالحا لهذا الزمان و طيلة 12 قرن مضى . و قال أن هذا اللون الموسيقي ظل صامدا طيلة هذه الفترة رغم الصعوبات و التغيرات التي عرفها التاريخ في المكان و الزمان وهو ما جعله متيقن انه لن يندثر بفضل رجال و نساء حافظوا عليه . و أضاف الدكتور عبد الله ان دور الموسيقيين اليوم و من باب المسؤولية يجب أن يحافظوا على هذا الطابع الموسيقي و يمررونه إلى الأجيال اللاحقة من خلال هذه الجمعيات التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة و تساهم من جانبها في المحافظة على الموسيقى في المغرب العربي و على تربية الناشئة . إرساء تقاليد موسيقى راقية و من جهته تطرق نور الدين لابري من الجزائر في مداخلته بعنوان " الموسيقى الحضرية المغاربية " إلى الموسيقى الأندلسية و تطورها عبر التاريخ مذكرا بتاريخ فتح الجزيرة اللابرية الذي تم عبر مراحل من 711 إلى 732 بعد فتح المغرب العربي و تحول اسمها الأندلس حيث نشأت الموسيقى المحلية . و قال لابري أن زرياب قد ساهم آنذاك في إرساء تقاليد موسيقى راقية في اسبانيا الإسلامية فعمل على تقنينها و تدوينها و ترميزها إلى جانب تطور الآلات الموسيقية حيث ظهرت المعاهد و المدارس الموسيقية على غرار اكادمية قرطبة التي كانت تحت إشرافه . و أكد لابري أن الموسيقى تعتبر احد أسس المجتمع و احد أهم مؤشرات مستوى تطور المجتمع و ازدهاره كما توحي بالادراكات و الأحاسيس الغالبة و الشائعة في أواسط الشعب . و اعتبر أن الموسيقى الأندلسية ريفية بدوية رحالة و صحراوية فهي لا تتناقض و لا تتصارع أو تتجابه بل تتكامل و يثري بعضها البعض مؤكدا ان الموسيقى الحضرية تبقى أكثر تطورا و تهيئا و تعقيدا . و قال ان الموسيقى تطورت مع الزمن حيث طهر في القرن 18 في الجزائر عدد كبير من الشيوخ يلقب الواحد فيهم بالمعلم ثم مع أواخر القرن 19 و مع بداية القرن 20 أصبح من غير الممكن تصور الحياة داخل المدينة من دون موسيقى حيث أصبحت تنظم سهرات موسيقية في الاحتفالات بالزفاف "الأعراس " و كذلك سهرات في المقاهي و النوادي و المدارس و المراكز الثقافية . وقد انطلقت فعاليات هذه الدورة الثالثة من المهرجان بمعرض للصور الفوتوغرافية يؤرّخ لمسيرة ما يقرب من ربع قرن من الإبداع والتميّز لجمعية الشباب للموسيقى ، بالإضافة إلى تكريم الأستاذ محمد المكّي علاوة على عرض لعازف القيثار الألماني " Manfred Kehr" والذي يأتي من مدينة مونستر المتوأمة مع مدينة المنستير كان مشفوعا بعرض مشترك لفرقة الشباب للموسيقى العربية بقيادة الأستاذ الصحبي فريح ومجموعة "نوى" لموسيقى المالوف بالقيروان بقيادة الأستاذ حاتم دربال . و تواصلت العروض يوم الخميس 18 ديسمبر بعرض لفرقة شباب المالوف بتونس بقيادة الأستاذ البشير البحوري ، ثمّ عرض جمعية دار الغرناطية بالجزائر بقيادة الأستاذ محمد الشريف سعودي و تجدد الموعد يوم الجمعة 19 ديسمبر وفي نفس التوقيت مع الأغاني و العروض الموسيقية و الغنائية حيث سهر الجمهور مع عرض جمعية مالوف تونس بباريس بقيادة الأستاذ رضا عباس و عرض جمعية دار الآلة بالمغرب بقيادة الأستاذ إبراهيم وزّاني .